تمت اللعبة “جان بول سارتر” .. من مختارات: سيف الدين حسن بابكر

تمت اللعبة
____جان بول سارتر ___

إيف شارليه، سيدة ثرية أرستقراطية، مريضة فى فراشها، يدخل زوجها فيعطيها الدواء، فتحس براحة عظيمة، فتقوم من سريرها حتى تشكر زوجها.. تبحث عنه فى أرجاء القصر، فتراه محتضناً فتاة من فتيات القصر، تصرخ فلا يسمعها أحد، تضربهما فلا يلتفتان إليها، فتعود إلى فراشها، فتجد نفسها نائمة! فتعرف أنها ماتت، وأن روحها هى التى كانت تتجول فى القصر، وأن الأحياء لا يرون الأرواح، ولا يسمعون أنينها أو صراخها! تسمع «إيف – Eve» من يقول لها اتجهى إلى دار تسجيل الموتى!
تخرج «إيف» إلى الطريق.. تسأل فلا أحد يجيب، وأخيراً تجد من يرد عليها، لأنه ميت مثلها، كما تعرف أن رفيقها اسمه بيير دومان، وأنه زعيم عمالى اشتراكى، كان يخطب فى حزبه، فطعنه أحد الحاضرين فمات.
يصل الرفيقان إلى الدار، نجد سيدة سمينة تقول وتسجل: إيف شارليه.. ماتت مسمومة من زوجها.. ادخلى، بيير دومان، مات بطعنة سكين.. ادخل، دخل الرفيقان، وجدا الملايين، لا يعرفان أحداً، تحدثا إلى بعضهما أحسا بالحب يجمع بينهما، لكن القبلة الأولى لم يكن لها أى طعم أو دفء، جاء لهما أحد المحامين، كان يراقبهما، وقال: أنتما محظوظان، لم تحسا بطعم الحب، لأنه لم يبدأ معكما على الأرض، القانون ١١٤ من قوانين السماء يعطيكما الحق فى العودة للحياة، بل تعيشان مائة عام إذا قدرتما على الحب ٢٤ ساعة كاملة، اذهبا لمسجلة الدار، وقولا لها القانون ١١٤، ذهب الحبيبان، وفى لحظة ارتدت لهما الحياة، أفاقت «إيف»، وأفاق «بيير»، واتجه فوراً إلى قصر حبيبته التى أحبها فى السماء! خرج الاثنان.. اتجها إلى مطعم «مكسيم» فى باريس، ضحكا، ورقصا، وإذ بالعمال خارج المطعم يهتفون بسقوط خائن الاشتراكية لوجوده مع رمز من رموز الرأسمالية، وهى إيف شارليه!
قال لها: سأتركك ساعة حتى أقنع أعضاء حزبى بأنى أحبك.. واكتسبتك للحزب الاشتراكى! قالت «إيف»: وأنا فى هذه الساعة سأذهب لتأديب زوجى على خيانته لى، وأنا على فراش الموت، بسبب السم الذى سممنى به!
مرت ساعة وساعات.. «بيير» مشغول فى مجده وحزبه، و«إيف» مشغولة بمعاركها وغيرتها، مرت ٢٤ ساعة دون أن يحققا الحب المنشود، مات «بيير»، وماتت «إيف»، وفى خجل شديد وجدا نفسيهما أمام مسجلة الدار يطلبان منها أن تعطيهما فرصة أخرى، رفضت، وقالت: أنتما لا تستحقان الحب ولا الحياة، لقد بعتما أجمل ما فى الوجود بحفنة من تراب.. حفنة كلها شهوة، ورغبة فى الانتقام، وشهرة، وسلطة، وتأكيد للذات، وكراسى الحكم!
بكى الاثنان وطلبا من المسجلة فرصة أخرى، هنا قالت بحزم: لا يا سيدتى، لا يا سيدى.. لقد تمت اللعبة.
___________________________/
من مختارات:
سيف الدين حسن بابكر
القاهرة. 26\7\2024

مقالات ذات صلة