الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم يكتب: عذراً أيها السودانيون.. المليشيا لا تعرف معنى إكرام الضيف!!
عرفت إثيوبيا منذ آلاف السنين بأنها الأرض التي لا يظلم فيها أحد، وقد استضافت العديد من البشر عبر مختلف العصور، وكان تاريخها حافلاً خلال فترة انتشار الإسلام واستضافة الصحابة الكرام “الهجرة الشهيرة للصحابة الكرام إلى الحبشة أرض الصدق وملك لا يظلم عنده أحد”، والإشادة التي وجدتها أرض الحبشة بسمعتها وتاريخها الحافل، ولم تكن تلك الهجرة فقط، بل هنالك هجرات عدة إلى إثيوبيا اليوم وحبشة الأمس، مكرمة الضيف وحامية كل قادمٍ إليها.
ومع مرور الوقت، كانت التحديات السياسية والطبيعة الجغرافية، التي أدت لهجرة ملايين الإثيوبيين لدول الجوار الإثيوبي، وهنا يمكن العودة للمجاعة الشهيرة التي ضربت الشمال الإثيوبي “مناطق من إقليم تيغراي وامهرا” في عامي 1984 – 1985، وهجرة الآلاف الى الأراضي السودانية.
وفي وقت وقف العالم يراقب كل التحركات والتحديات التي كانت تواجه الإنسان الإثيوبي في تلك الفترة بسبب الجفاف، وتغنى كبار الفنانين العالميين من أجل إغاثة الإثيوبيين وانقاذهم من المجاعة التي عصفت بحياة الكثيرين، ولكن لم يكن السودان مكتوف الأيدي كما فعل غيره.
فتح السودان أراضيه لاستضافة عدد كبير من الإثيوبيين عبر تهيئة المعسكرات الخاصة باللاجئين في المناطق الشرقية للسودان “الشجراب أولى المعسكرات للاجئين، سفاوة وأم اركوبة والطنيديبة، وغيرها من معسكرات مازالت دفاتر التاريخ تقيدها عبر ملفاته التي لا يمكن أن تمحى أبداً.
وبالتعاون مع المنظمات الدولية كانت حركة إغاثة إنسانية لا مثيل لها هي نجدة الإثيوبيين في تلك الفترة من خلال تواجدهم في الأراضي السودانية، ومنها كانت أيضاً تحركات لبعض حركات النضال الإثيوبي، وهي عديدة “جبهة تحرير تيغراي، والاتحاد الديمقراطي الإثيوبي، وحركة الثوار الإثيوبيين وغيرها من حركات النضال المسلحة التي استغلت تواجد الإثيوبيين في تلك الرقعة لتجد موطئ قدم لها في مناطق عدة بشرق السودان، وصولاً لدحر النظام العسكري للعقيد منقستو هايلي ماريام “1974-1991” ووصولاً لعصر النهضة الحديثة لإثيوبيا وهو عصر شهد له الآخرون من خارج إثيوبيا وتنكر له الجيل الحالي.
ومع مرور الوقت، كان الصراع السوداني الأكثر وجعاً عن غيره، ونزوح العديد من السودانيين الى إثيوبيا، وهي تحركات لم تأتِ من فراغٍ، بل الشعور بالقرابة والتداخل والتعايش، وإن إثيوبيا الأقرب لهم وجداناً وتاريخاً وثقافة ولوناً …..إلخ في كل شئ، ولكن للأسف تقف البيروقراطية العمياء دون أن يجد أغلبهم ترحاباً واستقبالاً من إخوتهم في الهضبة الإثيوبية، وذلك على الرغم من التحركات والبيانات الرسمية التي حاولت تجميل صورتنا أمام تدفق اللاجئين السودانيين الى مناطق أمهرا وبني شنقول.
ليواجه السودانيون في معسكرات فتحت لهم في مناطق نهائية “…………….” لإيوائهم هي الأقرب إليهم بكل معنى الكلمة، ليواجهوا إنتهاكات وهجوماً واعتداءات وعمليات سرقة ونهب واختطاف وتعدٍ لا مثيل له، لا يمكن أن يفعل ذلك أخٌ بأخيه.
فالمليشيا التي تطمع في التوسع على حساب أراضي إخوتهم من الإثيوبيين لا تعرف معنى الكرم والترحيب بالضيف، ولا تعرف تاريخ السودان في الترحيب بنا وكيف كان وماذا قدم خلال فترات الحروب والصراعات السابقة التي شهدته الهضبة الإثيوبية، ولا تعرف معنى أن يختار أخا الذهاب لأخيه، فقط لأنه يرى أنه سند له في كل الصعاب.
ما يحدث من اعتداء على اللاجئين في معسكري كومر وأولالا، والطريق الرابط بين الحدود السودانية ومدن في عمق إقليم امهرا، من قبل مليشيات مسلحة “………….” كانت السبب في تأجيج الصراع في بعض مناطق الشمال الإثيوبي، يعبر عن رد الجميل بصورة أسوأ مما كان يفترض أن تكون.
فمليشياتنا المسلحة في تلك المناطق هي التي تحاول اغتصاب أراضي إخوتهم بحجة أنها لهم، فقط لأهداف وأفكار توسعية عشعشت في عقول البعض “راجع الصراع في مناطق تيغراي المتاخمة لأمهرا ومناطق أخرى كانت للمليشيا دور في إشعال نار الحرب فقط بحجة أنها لنا”، وكأنها لدول أخرى وليست لأقاليم إثيوبية، وتحمل السلاح دون مراعاة للآخرين، فتدخل في صراع وتدخلنا في صراعات لا نهاية لها أبداً.
ما يحدث في معسكرات اللاجئين السودانيين يوضح أننا لم نقم برد الجميل لهم في أوقات المحن، بل كنا نرى ونسمع فقط وسلحفائي الحركة لتقديم يد العون،. ونسيان مجموعات هربت من حرب ووجدت نفسها في رقعة تشهد حرباً أعمق وأكبر من التي هربوا منها، ليكونوا ضحية لخلافات الإخوة في أراضينا…. ليدفعوا معنا ثمن تلك الحروب التي نمر بها.
فصراع المليشيا في أمهرا مع الحكومة الإثيوبية يدفع بعض السودانيين الهاربين من حجيم الحرب السودانية ثمناً لها، ولا حياة لمن تنادي.
…. وسنواصل