أ.د/ صلاح الدين خليل عثمان أبو ريان : النقد الجارح ( لا لقمع المشاعر الوطنية رمز الهوية والتاريخ )…
أعادت الينا هذه الحرب مشاعر حب الوطن وعشقه تلك المشاعر التى لم تغب عنا ابدا فى كل يوم وكل لحظة ،ترتقى دائما وتسمو لتعانق السماء. المتتبع لأحداث الكرامة يلاحظ ما أحدثه من ترابط للأمة السودانية ووقوفها خلف قواتها المسلحة.هذا هو الفكر الصواب والنقد الهادف البناء ونحن فى شوق اليه حتى يكون الناقد والمنقود فى جهة وطنية واحدة. النقد لايمكن تجنبه فى حياتنا اليومية ولكن كيف يمكننا التعامل معه بفاعلية وبدون عصبية.
فالنقد البناء يكون لوقائع حقيقية ويتم تقديمه بإحترام دون تقليل أو تسفيه ودون تهويل الأمور وتضخيم المواقف. وتوجد العديد من الفروق والإختلافات بين النقد الحقيقى والنقد الغير حقيقى. فالنقد الحقيقى يحدث تجاه وقائع خاطئة حقيقية بينما النقد الغير حقيقى لا يكون تجاه وقائع خاطئة حقيقية بل يكون بقصد التحطيم والتدمير وهو النقد الجارح . وليس بالضرورة أن يستهدف شخصا بل يمكن أن يكون موجها الى مؤسسة أو مكان ما. ويفتقد فى كثير من الأحيان الى الموضوعية والمنطق وحسن العبارة .
ويعنى أيضا غياب الفكر الوحدوى والبعد الوطنى . ويرى أرباب الفكر المعاصر أن النقد الجارح أعظم تحد ، وهو تآكل ناتج عن ضعف المفاهيم والرؤية المستقبلية . علينا أن نتجاوز أى خلاف على كل مستوى وصعيد حتى ينطلق النقد بلغة العقل والنظرة التأملية . لا نريد مناورات عبثية تضيع ما صنعته الأيدى الطاهرة فى ميدان معركة الكرامة ويشكل يوميا عملا بطوليا شجاعا لا جدال فيه ، بعيدا عن النقد الجارح أو التلاسن والتراشق و الإستخفاف بالأخرين بألفاظ لا تليق وضارة بالقدرة القتالية للجيش وبمصلحة الوطن . ما كنت أظن أن البعض من المعاشيين لا مبالين وهم عد الأصابع يتحدثون عن أدق اسرار الجيش بهذه الصورة عديمة الوطنية، *أين قسم الولاء للوطن ؟* أيعقل ان تتفوق الكراهية على الوطنية وعقد المواطنة ! هذا يعبر عن جمود فكرى غير مبرر ، لا يرون غير الشئ السئ. لماذا لا يتحدثون عن نجاحات القوات المسلحة وقد كانوا ضمن منظومتها. كنت أتمنى أن يساهموا بخبرتهم فى المعركة بدلا عن تسريب معلومات لا تبدو منسجمة والجيش يحقق هذه الإنتصارات . المواطن الصالح يساهم فى الدفاع عن وطنه وفى رقى البلاد ونفعها لا ضربها فى مقتل. كيف نريد من الغير أن يقتنع بنا ونحن غير مقتنعين بأنفسنا. المرحلة الراهنة هى بداية مرحلة الحفاظ على الوطن وعلى الجوهر فى السياسة. أرجو أن يتجاوز هؤلاء وغيرهم إسلوب النقد الجارح وتصريحاتهم الممجوجة الكاذبة المتكررة . وبئس القول المكرور ، يقتل الروح الوطنية فى أجيال الغد المشرق. الحمد لله شبابنا فى قلب المعركة ، محب لوطنه ويعلم أنه العزة والكرامة ونبض القلب ونظر العيون.
كل الذى يقال حول هذه المعركة من نقد جارح لا وزن له ولا قيمة بعد ان التف الشعب حول قواته فى لحمة وطنية هى من أقوى المشاعر النبيلة تجذرا فى قلب كل مواطن. شاهد هذا الجيل مهارات الجيش الحربية وكل ما عرفوه من فنون القتال ، حقق من خلاله نصرا ضد معتد أجير خائن .أن الأوان لضم الصفوف كالبنيان المرصوص القوة فى الاتحاد. قال احمد شوقى : *صوت الشعوب من الزئير مجمعا — فاذا تفرق كان بعض نباح* .
لا ، لا ، لا لقمع المشاعر الوطنية حتى لا نعيش بكرامة مجروحة. علينا تجاهل انتقادات محترفى العيوب أصحاب النقد الغير عادى .كنت أتمنى أن يقدموا نقدا ايجابيا وتفسيرا هادئا يعبر عن إخلاصهم لوطنهم . واتضح أن رأيهم غير مرغوب فيه . أقول لهم يا ناطحا جبلا برأسه أرفق برأسك لا ترفق على الجبل…
السودان أحبك حبين حب الهوى ..وحبا لأنك مهوى الأفئدة الذى ترتاح اليه النفوس وتألفه الأرواح وتطرب له الأحاسيس. أنت الولاء وتعلقنا العاطفى.
أ.د/ صلاح الدين خليل عثمان أبو ريان.
الأكاديمية العليا للدراسات الإستراتيجية و الامنية.