مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني : مفاوضات جنيف الحيلة الخبيثة لدعم التمرد !!
في العام 2012م وحينما كانت الخلافات على اشدها بين الحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان الوليدة وقتها ، كانت هنالك مفاوضات تجري باديس ابابا حول نزاع ابيي ، وقتها كان يقود مفاوضات الجانب الحكومي السوداني وفد رفيع المستوى ضم كبار المستشارين وأعضاء من هيئة أركان القوات المسلحة السودانية على راسهم الفريق عبدالرحمن شرفي والفريق عماد عدوي والفريق صديق عامر واللواء مبارك احمد عبدالله واللواء طارق عبدالكريم ، وقد كان هذا الوفد العسكري يعرف كل التفاصيل الفنية حول مشكلة ابيي ولديه المام ودراية كبيرة بتضاريس المنطقة وخلفيات الصراع والمحاذير الأمنية المختصة بالملفات العسكرية والاجتماعية والانسانية ، ورغم تطاول أمد المفاوضات التي كانت قد بدأت منذ مايو ٢٠١٠ م بمدينة مقلي عاصمة إقليم التقراي الا انها لم تحرز تقدما واضحا بحسب ما أراد لها الوسطاء ان تكون ، فطوال عام ونصف العام ظل الوفد الحكومي السوداني متمسكا بوجهة نظره حول الملف الأمني والإنساني ، لذلك عجز وفد جنوب السودان ومجموعة الوسطاء المتأمرون عن ان يكسروا صمود المفاوض السوداني.
الوساطة الاممية التي كان يقودها مكتب رئيس وزراء جنوب افريقيا الأسبق امبيكي وعدد من شركاء الترويكا وهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج ، كان هؤلاء الشركاء البيض قلوبهم وعقولهم مع وفد جنوب السودان ولكنهم عجزوا عن تحقيق أهدافهم الخبيثة خلال المفاوضات الماراثونية ، وبعد أن اعيتهم الحيلة طلبوا ان يخصص منبر فرعي منفصل لمناقشة القضايا الإنسانية ، على أن يتكون الوفد الذي سيناقش القضايا الإنسانية من مفوضية العون الإنساني وممثلين اخرين اقل مستوي من القوات المسلحة وممثلا عن المجلس الوطني .
واذكر ان الوفد الحكومي قاده السياسي بغرب كردفان عمر سليمان ، وضم كذلك ممثلين عن مفوضية العون الإنساني ولواء من القوات المسلحة السودانية وبعض الفنيين ، وخلال جلسات التفاوض تفاجأ الوفد السوداني بطرح الوسطاء قضايا ذات طابع سياسي واثارة نقاط فنية ذات طبيعة عسكرية وامنية وعلى الهامش تم ذكر القضايا الإنسانية وجميعها في صالح وفد جنوب السودان ، حتى أن قائد قوة الاسكوفا الجنرال الإثيوبي واذكر اسمه تدسا كان متحيزا بشكل واضح الي جانب وفد جنوب السودان وطرح خلال جلسات التفاوض تقريرا امنيا متحيزا تحامل خلاله على الحكومة السودانية والقى باللوم على الجيش السوداني في كل الخروقات التي حدثت لاتفاقية ابيي الموقعة في يونيو ٢٠١١ م باديس ابابا.
ومواصلة للحيل الخبيثة من قبل الشركاء والذين حاولوا استغلال ضعف الوفد الحكومي السوداني ، طرحت الوساطة علي وفدي التفاوض مسودة اتفاقية حول القضايا الإنسانية وهي كانت اتفاقية ملغومة وتتضمن عددا كبيرا من الثغرات والنقاط التي تضغط على الحكومة السودانية ، ولان الوفد الحكومي كان بنفس تمثيل ومستوى الخبرة لوفدنا الحالي الذي غادر الي جنيف خلال الأسبوع الماضي لمناقشة القضايا الإنسانية ، فقد وافق ذلك الوفد على كل مقترحات الوسطاء الخبيثة وسارع بالتوقيع على الوثيقة وهي بالانجليزية ولم يتكلف اي من أعضاء الوفد للاطلاع عليها و مراجعتها بتأني .
واذكر ان الوفد الحكومي برئاسة عمر سليمان قد واجه حملة انتقادات عنيفة وتوبيخ من قبل وزارة الخارجية ومن أعضاء الوفد الفني للتفاوض الذي كان برأسه السفير ادريس عبدالقادر ومجموعة الجنرالات بهيئة الاركان برئاسة الفريق عبدالرحمن شرفي الموجودين وقتها بالخرطوم .
تذكرت هذه الواقعة بعد أن طالعنا جميعا قائمة الوفد الحكومي والذي يرعاه الفريق ابراهيم جابر وتقوده في الجانب الفني السيدة سلوى ادم بنية مفوض العون الانساني وهي تفتقد للخبرة في القضايا السياسية والعسكرية والأمنية المرتبطة بالملف الإنساني ، في حين يتشكل وفد الدعم السريع من نفس مجموعة منبر جدة وهذا ماكان يجب أن يرفضه الجانب الحكومي السوداني ، لان الاعتراف بالمنبر الفرعي بجنيف يعني ضمنيا كسر صمود الطرف الحكومي وتغيير مواقفه الصلبة الرافضة لعقد اي مفاوضات مع التمرد قبل تنفيد اتفاق مايو ٢٠٢٣ م بجدة ، و لانستبعد ان يتم اعداد فخ وشرك اخر للوفد الحكومي ضعيف المستوى لتمرير نقاط تصب في صالح التمرد وتسهل لهم الحصول على السلاح عبر منافذ جديدة تحت غطاء تسهيل العمل الإنساني كما حدث من قبل مع ذات المفوض السيدة سلوى بنية والتي وافقت سابقا للتمرد الحصول على الإغاثة وتوفير كل احتياجاته من مطارات انجمينا وأم جرس تحت غطاء العون الإنساني.
يجب علينا أن لا نأمن مكر الأصدقاء قبل الأعداء في هذه الحرب الشاملة التي تشن ضد السودان لأنهم جميعا متأمرون علينا، نعم جميعهم متفقون على هدف واحد هو هزيمة الجيش السوداني ، بجانب تكثيف الضغوط على الشعب السوداني خاصة في عملية التضييق عليه وحصر الإغاثة والمعونات الإنسانية فقط في المناطق الحدودية بدارفور ، وهي ضغوط معلومة هدفها إجبار الحكومة السودانية للعودةالي منبر جدة لتنفيذ شروط المنامة وقبول دخول الإمارات كشريك رئيسي في المفاوضات القادمة لرعاية وحماية مقترحات المنامة الكارثية على السودان .