في البداية .. اقتل الفتنة بين السودان ومصر يا البرهان .. حسام الدين أبو العزائم

منذ أيام ظهرت صفحات كثيرة وفي حملة منظمة للإساءة إلى أشقائنا المصريين ثم تطورت للفتنة بين شعبي وادي النيل، فمن المستفيد وما هو المكسب؟
تركت كل ما في يدي وليومين متتالين جلست اراجع وارقب كل منشور وقعت عليه عيني بمواقع التواصل الاجتماعي و(فيسبوك) تحديدا الذي يحوز على اهتمامنا نحن وإخواننا المصريين ويأخذ معظم وقت تصفحنا.
وللأمانة كان جميع أصحاب الصفحات لا يقيمون في مصر، بعضها مغلقة لا تظهر معلومة والبقية يقيم أصحابها في الإمارات وإثيوبيا وتشاد، وكلهم أعضاء بالمجموعات الخدمية والاجتماعية للسودانيين بالشقيقة مصر أو متابعين للاخوة المصريين المهتمين بحضارتهم الفرعونية.
ما لفت انتباهي أن صفحات الفتنة تعمل على صب الزيت على النار مغتنمة لكل فرصة بالإساءة إلى أي (بوست) يشيد بالاجراءات الحكومية المصرية بحق السودانيين وحسن المعاملة من الأشقاء، مقللًا من قدر الدولة التي تحتضن ملايين السودانيين ومن شعبها وقوانينها وحضارتها القديمة المعروفة، وكلنا نعلم أن المصري يتقبل وبصدر رحب أن تطعنه في قلبه ولكن لا يرضى طعنة أو تشكيك في حضارته وتاريخه، وهي لعمري الوطنية بعينها التي يفتقدها للأسف بعض السودانيين.
مصر تحتضن أكثر من 5 ملايين سوداني وعليهم مليون ويزيد جاءوا بعد الحرب إن لم يتخطوا هذا الرقم، ونعلم أن كل دولة لها قوانينها الخاصة وآدابها العامة وعاداتها وتقاليدها وعلينا هنا احترام ذلك، فنحن فيها ضيوف إن كنا مقيمين رسميين ولاجئين.
وللأسف حدثت تجاوزات في عدة مناطق وأحياء ومدن مصرية من قلة وبعض السودانيين كسرا لقوانين الدولة والشارع المصري والأعراف والتقاليد الاجتماعية في بلدنا الثاني، وبالطبع وجدت تلك الأفعال ردا قوياً على الصعيد الشعبي المصري وهو من حقهم فهي بلادهم وارضهم وسيادتهم وفي الاخر لسنا إلا مجرد ضيوف نعم ضيوف خارج بلادنا التي آمل ونأمل في العودة إليها قريبا باذن الله تعالى، ولكن عند عودتنا سادتي وهنا السؤال ماذا تركنا في مصر الشقيقة من أثر ؟؟
السودانيون دائما تسبقهم سمعتهم الطيبة واحترامهم للمجتمعات الشقيقة والمحيطة والجارة، وفي غربتي بالسعودية كانت تفتح الأبواب ترحيبا بـ الزول، فهو الصادق والأمين والوفي والصائن للعرض والعهد، فهل غيرت الحرب طباعنا وما جُبلنا وتربينا وترعرعنا عليه؟ هل تحولنا إلى أسوأ الشعوب واوسخها نفوسا وعشرة ومسحنا بـ استيكة الغباء تاريخ آبائنا !!
معلوم في عُرف الجيش أن (الشر يعم والخير يخص)، وهو سوء وشر أخلاق البعض ونراه الآن ونسمع ويشكو منه إخواننا المصريين، ويزيد على تلك الأفعال الصبيانية الطائشة، وبأمانة دخول بعض الجنسيات الأفريقية عبر التهريب والإدعاء أنهم سودانيين ومعظمهم من تشاد وجنوب السودان والحبشة وحتى مالي وأفريقيا الوسطى، جميعهم يدعون الجنسية السودانية، وينشطون في تجارة المخدرات والجنس وصناعة الخمور ولك أن تتخيل كل رذيلة وقبح يرتكب باسمنا، اضف على ذلك وفود أعداد كبيرة من عناصر ميليشيا آل دقلو وأرباب السجون وعتاولة المجرمين ممن هربهم الجنجويد ودخولهم بالتهريب ليستقروا في عدة أحياء تتسم بالطابع الشعبي والكثافة السكانية وكلهم جاء يحمل اموالا ضخمة بالعملة الأجنبية وكميات كبيرة من المصوغات الذهبية، وهؤلاء نعلم طباعهم وتصرفاتهم وبدائتهم في تقبل الحضارة والإنسانية والتماشي مع متطلبات الحياة البشرية الطبيعية.
إذن هي حملة منظمة وموجهة تديرها غرف إعلام الإمارات في الميديا ومواقع التواصل، فيما جندت لها على الأرض أولئك المرتزقة والقتلة والمجرمين لتشويه صورة السودانيين الشرفاء المحترمين وخلق الفتن بينهم وإخواننا المصريين.
وعن ما أراه شخصيا في الشارع المصري أنني وللأمانة ويشهد الله لم أجد إلا احترام كل من قابلته أو جاورته أو تعاملت معه، ولي فيها إخوة وزملاء إعلام جمعتنا الصحف السعودية لأكثر من ثمانية أعوام، كيف لا!! والاحترام سيد العلاقات الإنسانية.
ما بين السودان ومصر علاقات لا تديرها حكومات، فما بين الشعبين باق وإن تغيرت الازمان والأوضاع، ما يجمعنا مع المصريين أننا شعب واحد نرتوي من نيل ممتد بعظمة تاريخ الشعبين ونحمله في جيناتنا دما ومصاهرة وأهل ومصير مشترك، فـ كلانا ظهر وسند للآخر.
مخطط الفتنة يكبر ويتوسع وقد وظفت له تلك الدويلة كل ابواقها لشق قلب البلدين وما وقر فيه من محبة واحترام متبادل بينهما، وهنا لابد أن يتحرك العمل والفعل المضاد فالمعركة مهمة جدا تستدعي تدخل القيادة السودانية والدبلوماسية والإعلامية.
هزيمة الميليشيا المتمردة في الأرض فتقت أذهان رعاتها الاقليميين بأن الضغط على المواطن السوداني في بلده وخارجها سينعكس أثره ضغطا مضاعفا على قيادة الدولة والجيش السوداني وبالتالى تقديم تنازلات تفضي إلى استعادة مربع جدة والجلوس على الطاولة التي هدفها وكلنا نعلم العودة لـ الاتفاق الإطاري الذي أشتعل من ورائه فتيل الحرب.
نزوح داخلي ولجوء خارجي وضيق في المعاش والحركة وتضييق من الأشقاء المصريين في حال نجح مسعى الفتنة الإماراتي علاوة على ما يحدث بمعسكري (اولالا وكومر) في إقليم امهرا الاثيوبي ومعاناة من فيه مع هجمات ميليشيات (الشفتة) المدفوعين من دويلة الشر وقحطقاع وأموال الهالك حميدتي لقلقلة استقرارهم، وهو يترافق مع وضع صعب يعيشه أهلنا في معسكر أدري التشادي تلك الدولة التي اشترتها الإمارات منذ بداية حرب الكرامة والوجود، ولا ننسى جنوب السودان وكلها عدا مصر وشعبها، دول لا نأمن شرها وأهلها، فحكوماتهم مدفوعة رشى من الدولار والذهب وشعوبهم تشارك كـ مرتزقة مع ميليشيا الهالك حميدتي في قتلنا.
لا استبعد أن تُستغل قضية اللاجئين ورقة ضغط على الرئيس البرهان وقيادة الجيش أن لم تنتبه حكومتنا وتعجل بإيجاد حلول تأد الفتنة المفتعلة مع القيادة المصرية واصطحاب القنوات الدبلوماسية والإعلامية والشعبية، إلى جانب البدء في برامج عودة طوعية للاجئين من الدول الأعداء (الحبشة وتشاد وجنوب السودان) أو العمل على مراقبتها بصحبة المنظمات الإنسانية والحقوقية المعتمدة والمستوثقة الجانب.
المهم .. نصيحة لجميع أهلنا السودانيين في مصر، أنتم ضيوف فلتعكسوا (السمح) وخير ما فيكم ليرث ابناؤكم واللاحقين أثرا وسيرة طيبة كما وجدناها من آبائنا والسابقين، فـ من يحترم ويقدر الناس يُقابل بالمثل وأكثر.

مقالات ذات صلة