نقطة سطر جديد .. د. حيدر البدري : البرهان ….ومخافة التوهان. ..

ومعلوم أن لكل رئيس ووزير مستشارون…يعود اليهم ويرجع في كل صغيرة وكبيرة. حتى في طريقة الكلام والجلوس واللبس والازياء..هنالك اوتكيت وبرتكولات واعراف ونظم يلتزمها الرؤساء والوزراء ..تماما.
فمثلا متى يلبس البرهان بزته العسكرية ، ومتي يتزين بالجلباب السوداني..لايصح وليس كريما مثلا ان يذهب الى مناسبة عرس ببزته العسكرية ، متى يلبس بنطال وقميص ومتى بدلة رجالية كاملة..الامر ليس بالمزاج ولكن تحكمه نظم وضوابط مهمة….كيف يجلس الرئيس مع ضيوفه الاجانب واين تكون يديه وكيف يحركهما وماهي لغة الجسد ..اين يجلس المترجم ، وماهي المساحة بينه وبين ضيفه..؟! هنالك جلسات صارمة متحكمة وقوية يجلسها الرئيس .
وهكذا !
اذا الامر ليس سهلا…
يتم تدريب الرؤساء والوزراء على ذلك تدريبا صارما ..اذا هنالك جيش جرار من المستشارين في كل شئ …واظن ان البرهان يفتقد لجملة من هؤلاءالمستشارين.
ان القرار السياسي خطير للغاية .ويحتاج الى مرجعيات .والى مختصين ومحللين واصحاب حنكة وخبرة سياسية عالية. خاصة وان أي حركة او قول او فعل يحسب على الدولة برمتها.
ويزيد من ضرورة ذلك حالة الحرب التي نحن فيها..فالحرب بتعقيداتها تفرض على قيادة الدولة اتخاذ قرارات صعبة متشعبة كثيرة ..في منتهى الخطورة والدقة.وتحتاج الى مشورة وتخطيط وعمل.
ونحن في السودان جبلنا على عدم التخطيط…نحن لا نخطط بل نركب سفينتا متوكلين على الله دون ان نضع احتياطاتنا ..ودون ان نعقلها فنتوكل.
غير انني اشدد على ضرورة ان يكوم لراس الدولة عقول تخطط وتفكر خارج الصندوق ، ولا يصح اتخاذ قرارات مصيرية من البرهان منفردا…ومنفردا هنا اقصد به غرفة اتخاذ القرار السياسي جميعا، حتى ولو كان ذلك ممثلا في مجلس السيادة.
ان ذهاب البرهان الى المناطق المنكوبة والتي ينتهكها التمرد امر جيد مطلوب ، لكنه ذهاب بدون خطة ،يرتجل البرهان فيها كلمات حماسية واضح انها تخرج منه بلا استشارة ولا مرجعية…
هذا الاضطراب واضح جدا في التذبذب في القرارات وعدم ثباتها، فالمراقب للتعديلات الوزارية وتغيير الولاة والجهاز التنفيذي يجد ان مجلس السيادة يقوم بتعديلات عديدة في الشهر والشهرين .تعديلات تكون وليدة اللحظة تشعرك بغياب الرؤية الاستراتيجية للدولة مما يضعف الاداء العام للجهاز التنفيذي.
ومن جانب آخر تعديلات ضرورية واضحة تحتاج الى شجاعة سياسية تجدها في الاضابير ، لا يتحرك البرهان فتفوته اللحظة الحاسمة المصيرية فيفقد زمام المبادرة.
ويكاد البرهان يركن احيانا لوسائط التواصل الاجتماعي وما ينشر فيها ، هذه الوسائط المليئة بالرغبات المدسوسة والشائعات المغرضة واصحاب الاغراض.
ولو ضربنا مثلا حيا بذلك …ماحدث في زمن حمدوك والبرهان والتشاكس الواضح كلعبة القطط…اذ يعين البرهان وزيرا اليوم فيقوم حمدوك باعفائه غدا…حتى اصبح الامر مثار سخرية الناس والمراقبين…وقد شهدنا في شهر واحد تعيين لقمان والبزعي للهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون عدة مرات بصورة مخجلة ومضحكة.
ان الحراك السياسي والعلاقات الدولية والتي تحكمها لغة المصالح تحتاج من الدولة الاهتمام بالمستشارين واصحاب الخبرات ، حتى لا تصبح الدولة لعبة في ايدي المخابرات العالمية وتجار الازمات.
قبل يومين خرج قرار وكالعادة باعفاء ابراهيم البزعي وتعيين عمار شيلا بديلا له مديرا عاما للهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون…والخبر اصلا تم تسريبه قبل فترة ابان زيارة البرهان للتلفزيون ببورتسودان،.ثم لم يجف حبر القرار…الا وتم تعديله بصورة مضحكة عجيبة.
وكنا نعجب في احيان كثيرة تكليف وزير او والي بمنصب كبير ليخرج هذا المكلف باعتذار للرأي العام كأنه لم يستشار ولم يراجع…مما ينبئ بضعف التنسيق وغياب الاستشارة .بل وغياب الوعي السياسي في حد ذاته.
..سيدي رئيس مجلس السيادة
ماخاب من استشار.
نقطة سطر جديد.

مقالات ذات صلة