خبر وتعليق .. حل مشكلة أهل السودان هو في منبر بورتسودان وليس في منبر جدة ولا باريس .. كتبه: أ. عبد الله حسين منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان
أقام حزب التحرير/ ولاية السودان يوم الخميس 8 ذو القعدة 1445هـ، الموافق 16/5/2024م، مؤتمرا صحفيا بفندق البصيري بلازا ببورتسودان بعنوان: (الأزمة السودانية… الحل ينبع من الداخل)، ناقش من خلاله الأزمة التي فجرتها الحرب، وحرمة الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وما نتج عنها من تشريد، ونزوح الملايين داخل البلاد وخارجها، والقتلى، والجرحى، ومآس يندي لها الجبين.
ووصف الحزب هذه الحرب منذ اندلاعها بأنها حرب سياسية، دفعت بها الولايات المتحدة لضرب الاتفاق الإطاري، الذي يقصي قادة الجيش وقادة الدعم السريع من المشهد السياسي، بدعم من الدولة العجوز بريطانيا، التي تسند القوى المدنية، فأنشأت أمريكا منبر جدة، وتعمل على إطالة أمد الحرب، لتستفرد أمريكا وعملاؤها بالمشهد السياسي. ويحاول الإنجليز الدخول في اللعبة بإنشاء منابر موازية كمنبر باريس، وأديس أبابا، ونيروبي، وغيرها ليكون لها موطئ قدم، وحصة في النفوذ، والسيطرة على البلد وأهله.
في ظل هذه الظروف نظم حزب التحرير/ ولاية السودان هذا المنبر، قدم فيه حلا ينبع من عقيدة الإسلام العظيم، يمثل الوجهة الحقيقية لأهل السودان المسلمين، بعيدا عن الحلول والمشاريع الغربية المسمومة، التي تؤدي حتما إلى تعقيد المشاكل.
وقام الحزب على مدى أسبوعين بالتواصل مع المكونات السياسية، وقادة المجتمع، والإدارات الأهلية والعلماء، والمشايخ، وأهل الإعلام والصحافة، وكان لهذه الاتصالات الأثر الطيب في الحضور والمشاركة.
قدم الحزب المعالجات الناجعة التي استبشر بها أهل البلاد، لا سيما وأنه أول منبر يعقد داخل البلاد، ويناقش قضاياها في ظل غياب القوى السياسية، وقيادات الأحزاب، وإنشاء منابر خارج البلاد، تشرف عليها وترعاها القوى الاستعمارية الطامعة في بلادنا.
ومما جاء من حلول في المؤتمر الصحفي ما يلي:
أولاً: نحن مسلمون ولسنا سودانيين، والإسلام الذي نعتقد هو عقيدة ومنظومة متكاملة لأنظمة الحياة والتشريعات، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾ [المائدة].
ثانياً: إن السيادة للشرع، وليست للشعب، فالمسيّر لإرادة المسلم في الحياة هو الحكم الشرعي لا غير.
ثالثاً: إن السلطان للأمة؛ أي لها الحق في نصب الحاكم، وليس لمن يملك القوة والسلاح والعتاد، فقد جعل الشرع نصب الخليفة من قبل الأمة، وهو واضح في أحاديث البيعة، عن عبادة بن الصامت قال: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ» متفق عليه، وعن جرير بن عبد الله قال: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ» متفق عليه، وعن جرير بن عبد الله قال: «بَايَعْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ» متفق عليه، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لا يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَاهُ إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِلاَّ لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاللهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ فَأَخَذَهَا وَلَمْ يُعْطَ بِهَا» متفق عليه. وسلطان الأمة هذا مغتصب منذ عقود.
رابعاً: إن القوى المسلحة قوة واحدة، هي الجيش، وتُختار منها فِرَقٌ خاصة تُنظَّم تنظيماً خاصاً، وتُعطى ثقافة مُعيَّنة هي الشرطة. فالثابت أن الرسول ﷺ كانت القوى المسلحة عنده هي الجيش، وأنه اختار منها قسماً يقوم بأعمال الشرطة فَجهَّز الجيش، وقاد الجيش، وعَيَّن أُمراء لقيادة الجيش. ولا يسمح على ضوء أي اتفاق بوجود قوى مسلحة أخرى بجانبها، ولو ليوم واحد، أو لساعة من نهار.
خامساً: من حملوا السلاح في وجه الدولة، يدّعون مظلمة، أو قضية، وتحيّزوا في مكان، وجبت مجابهتهم والقضاء عليهم، وقبل أن تُقاتلهم تراسلهم الدولة، وترى ما عندهم، وتطلب منهم الرجوع إلى الطاعة، والكفّ عن حمل السلاح، فإن أجابوا ورجعوا كفّتْ عنهم، وإن امتنعوا عن الرجوع، وأصَرّوا على الخروج والمقـاتلة قاتلتهم قِتال تأديب، حتى يرجعوا إلى الطاعة، ويتركوا الخروج، ويضعوا السلاح. وكل ذلك يجب أن يكون دون أي تدخل خارجي.
سادساً: إن كرسي الحكم ليس مكاناً لأكابر المجرمين من القتلة، وسفاكي الدماء، بل هو محل الأخيار الأطهار، الأنقياء، الأتقياء، يحمون البلاد، ويحفظون الأنفس، والأموال، والأعراض، لأنهم يدركون أن الحكم مسؤولية وأمانة، ويشترط أن يكون مِن أهل الكفاية والمقدرة على القيام بما وُكِل إليه من أعمال الحُكم، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ ﷺ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا» (رواه مسلم).
سابعاً: إن نظام الحكم في الإسلام هو نظام الخلافة، وليس النظام الديمقراطي العلماني الذي يفصل الدين عن الحياة ويجعل التشريع للبشر بدلاً عن رب البشر القائل: ﴿إنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
ثامناً: إن المسلمين أمة واحدة من دون الناس، والذي جعل حربهم ليست واحدة، وسلمهم ليست واحدة، هو فكرة الوطنية، فأمريكا التي أطلقت منبر جدة هي نفسها أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين، فإن لم نتعظ بموقفها من إخوتنا في غزة فمتى نتعظ؟!
إن الاقتتال بين المسلمين هو ما تعمل له الدول المستعمرة الآن، فيا أهلنا في السودان، وخاصة الجيش والمقاتلين.. كيف تقتتلون فيما بينكم لمصلحة الكفار المستعمرين.. تقتلون أنفسكم، وتدمرون بيوتكم، وتنتهكون حرماتكم؟! كيف تنسون قول رسول الله ﷺ الذي أخرجه البخاري، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصاً عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ»؟! فكيف إذا كان هذا الاقتتال لمصلحة الغرب الكافر وأعوانهم؟! إنها إذن أدهى وأمر.
وختاما: فإن مشروع الخلافة هو وحده القادر على كسر أغلال الاستعمار الغربي، واقتلاع جذوره، من بلاد المسلمين، باستئناف الحياة الإسلامية، وتطبيق الإسلام، وحمله إلى العالم. وإننا في حزب التحرير لدينا تصور تفصيلي لمعالجة جميع الأزمات والمشكلات، التي نتجت جراء عيشنا عقوداً من الزمان تحت وطأة الحضارة الغربية، بل ولدينا تصور تفصيلي للحياة الإسلامية التي نسعى مع الأمة لإيجادها، فكونوا أيها المسلمون، لأجل عقيدتكم عاملين، ولدين ربكم ناصرين.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله حسين (أبو محمد الفاتح)
منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان