حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : حكاية التأشيرة..
جدل ثار حول منع أو منع تأشيرة دخول إلى السودان للمبعوث الخاص الأمريكي ليزور بورتسودان ويلتقي بالقيادات السيادية والسياسية.. ودون استعادة السجال الذي دار حول التأشيرة فإن الخلاصة أن الزيارة لم تتحقق حتى الآن.
المعلوم بالضرورة أن المبعوث الخاص الأمريكي السيد توم بيريليو إذا وصل مطار بورتسودان ، وسواء دخل المدينة أو فضل البقاء في صالة كبار الزوار بالمطار فهو سيلتقي بالذين يمثلون رؤية السلطة والجيش وليس غيرهم، وستكون فرصة مناسبة لعرض وجهة النظر الرسمية بصورة أوضح و أقوى كونها محادثات مباشرة وجها لوجه.. وإذا لم تتحقق الزيارة فلن يقف ذلك مانعا دون استكمال جولات المبعوث الأمريكي في المنطقة و الاستماع لوجهات النظر الأخرى ، ويكون السلطات الرسمية فقد بلا مبرر فرصة إبانة وجهة نظره.
المحك هنا في الأهداف وليس في البروتوكول والشكليات خاصة في ظل وضع استثنائي تمر به البلاد جعل العاصمة و مقر الرئاسة والسلطة والبعثات الدبلوماسية ولقاء المبعوث الأمريكي كلها في حيث لم يكن واردا في خلد أحد.
في تقديري لا تزال دبلوماسيتنا تعاني من خلل يدفع ثمنه الشعب السوداني، أقدار السودان تدار باليوميات المنبتة عن الأهداف، والقرار لا تصنعه مؤسسات أو مأسسة منظمة تنظر ببصيرة نافذة للمستقبل و تتحرى المصالح الاستراتيجية لا ردود الأفعال العابرة.
من الحكمة أن تأخذ السلطات السودانية المفاوضات بدرجة أكبر من الجدية و توفر لها طاقما متكاملا في شتى المجالات وليس مجرد فريق مفاوض محكوم بتعليمات تحاصره في دائرة تلقي التعليمات المحدودة.
المفاوضات ليست مجرد عملية تختص بإنهاء الحرب بل و أكثر من ذلك لبناء علاقات دولية وصورة ذهنية عن مسؤولية الدولة في سلام واستقرار الوطن وإبعاد المواطن من المخاطر التي باتت الآن تقتل الأمل في حياة مستقرة.
الحديث المتكرر عن ال(لاءات) لا يخدم مصالح السودان، فهي لا تصنع موقفا تفاوضيًا حقيقيا ولا تصمد أمام حتمية الوصول الى نهاية لهذه الحرب التي تضع مستقبل البلاد في كف المجهول.
من الحكمة أن يكون للدولة لسان مبين و خارطة طريق واضحة في ملف المفاوضات ، دون أن يخدش ذلك شيئا للمجهود الحربي الذي يؤديه الجيش، فما للجيش للجيش وما للسياسة للسياسة.