حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : إلى “تقدم”..
بدأت الترتيبات النهائية لانعقاد مؤتمر “تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية” المعروفة اختصارا ب”تقدم”، والذي يعد خطوة مهمة لاستكمال البناء تأخرت حوالي ستة أشهر من ميقاتها المتفق عليه بين مكونات التحالف.
وبكل يقين من حيث المبدأ كلما استطاعت المكونات السياسية السودانية توسيع تحالفاتها و بناء منصات جامعة فإن ذلك يساعد في تقوية العمل السياسي السوداني و تعزيز أدوار الأحزاب.
وقد قلت هذا منذ أول يوم تأسست فيه “تقدم” ولكن يظل ذلك قائما من حيث المبدأ ويتوقف التقييم الحقيقي للتجربة من سياق عمل “تقدم” وقدرتها على إحداث تغيير حقيقي في القطاع السياسي والأزمة السياسية على وجه التحديد..
حتى اليوم لم تبرهن “تقدم” على أنها خرجت عن منهج التفكير السياسي التقليدي الذي يسعى لحصد النقاط أكثر من احداث التغيير والمشاركة في صنع مستقبل مختلف لبلادنا وشعبنا.. و تحولت فكرة “تقدم” من حل إلي اضافة جديدة في قوائم المشاكل السياسية ، و ساعدت في زيادة حالة الانقسام والتشظي التي تكرس الواقع القاتم في بلادنا.
مع ذلك لا تزال هناك فرصة لتصحيح المسار، إذا توفرت القناعة بالحاجة للمراجعة، والإرادة لتغيير المسلك السياسي الاستحواذي التقليدي، وتوسيع الفهم الذي يستوعب تعدد المنابر في اطار تعدد الافكار كما ينبغي أن تكون الديمقراطية..
من الحكمة أن تفهم مكونات “تقدم” ان التحالفات لا تعني جمع اللافتات، في سباق مع الآخرين للحصول على أعلى عدد من توقيعات المكونات السياسية والمجتمعية.. النظرة يجب ان تتركز في تحقيق الأهداف والمصالح القومية العليا لا الحزبية الضيقة..
بكل صراحة “تقدم” تعاني من فقر حاد في التواصل والتعاطف الجماهيري على مستوى القواعد، وتزداد المسافة كل يوم، لأنها تعول على العضد الخارجي – وهو مهم أيضا- أكثر من الداخلي، و تنتظر الروافع الخارجية أكثر من الداخلية فتكون النتيجة فوقية ذات بريق إعلامي ولكن بلا سند جماهيري، ولا أدري كيف يحقق تنظيم سياسي أهدافه إذا قاطع أو قاطعته الجماهير..
تحتاج “تقدم” لمراجعة نفسها في مؤتمرها وتغيير فهمها و منهج تفكيرها السياسي