لماذا الادعاء ان قوات التقراى تقاتل مع الجيش السودانى .. الدعم السريع؟
رصد عبدالقادر الحيمي
راج فى منتصف الاسبوع الماضى بيان فى المنصات الاعلامية الاثيوبية منسوب للحكومة الفيدرالية عن قوات عسكرية تابعة للتقراى تشارك الجيش السودانى فى القتال ضد قوات الدعم السريع ،
جاء فيه ، (( تلقت جمهورية اثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية ، يوم امس 3 مايو 2024 عدة معلومات تفيد بتواجد قوات تابعة الى جبهة تحرير التقراى المتمردة سابقا تقاتل الى جانب الجيش السودانى . واضاف البيان ان هذه القوات لاتزال موجودة فى مخيمات اللاجئين فى السودان وهى مجموعة قوات تدعى ” سامري” لم تعود الى اثيوبيا بعد توقيع اتفاقية السلام فى بريتوريا بجنوب افريقيا بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير التقراى المتمردة سابقا وان هذه القوات ارتكبت مذبحة ” ماى خضرا” وهى جريمة تطهير عرقى ارتكبت فى المدنيين .)) هذه اهم فقرات البيان المنسوب للحكومة الفيدرالية الاثيوبية.
الحكومة الفيدرالية لم تصدر هذا البيان وهى عادة تصدر بياناتها عبر وزارة الخارجية . مواقع الامهرا العديدة هى من نشرت البيان ونسبته للحكومة الاثيوبية.
هكذا يرد الامهرا الجميل للسودان الذى ” استضافهم وسندهم وعضدد هم ” كما قال احد الصحفيين الاثيوبيين ، فى اشارة منه الى تواجد اللاجئين الامهرا فى السودان فى “ام باركيت” و ” ” تبارك الله” فى الثمانينات وكان عددهم يقارب النصف مليون .
البيان لا يخلو من فبركات والصاق الاتهامات الى السودان وذلك فى كل صراعات الامهرا مع التقراى. مثلا القوات التى اسموها ” سامرى” ليس للتقراى قوات بهذا الاسم فقط قواتهم هى قوات دفاع التقراى TDF واحيانا يرمز اليها DF . فى الحقيقة ” سامرى ” قبيلة للتقارو كانت تعرضت لانتهاكات واعتداءات من الامهرا.
الدعم السريع وناشطى تقدم تلقفوا بيان مواقع الامهرا وروجوا له على نطاق واسع . ايضا بنفس القدر تناولة العديد من الخبراء والمختصين فى قضايا القرن الافريقي من كينيا واثيوبيا والصومال بالدراسة والتحليل ولم يمروا عليه مرور الكرام ، فقد ذكر الصحفى والباحث الصومالى/ الكيني ” بشير يوسف” : ( ان ادعاء قوات الدعم السريع عن تورط الجبهة الشعبية لتحرير التقراى فى القتال فى السودان دعما للقوات المسلحة ، هى ادعاءات باطلة وملفقة وهى اجندة ذات دوافع سياسية من قبل ديكتاتور ارتريا اسياس افورقى”.
من جانبها ادانت الادارة المؤقتة للتقراى بشدة ادعاءات الدعم السريع التى ” لا اساس لها من الصحة ، وليس لدى التقراى ببساطة اى سبب للانخراط فى مسار من شانه ان يزيد من تعريض آفاق السلام فى السودان للخطر ويضر بالشعب السودانى والذى قدم بشكل موثوق وجدير بالثناء ملاذا لعشرات الآلاف من سكان تقراى ” .
من ناحية اخرى وفى مؤتمر صحفى قال الجنرال ” تادسي وردي” نائب رئيس الادارة المؤقتة للتقراى – شغل سابقا رئيس اركان الجيش الفيدرالى الاثيوبى وهو من قاد قوات دفاع التقراى فى الحرب ضد القوات الحكومية عام 2020- ان مناطق غرب التقراى ستعود وسيتم اعادة النازحين الى مناطقهم وذاك وفقا لاتفاق تم مع الحكومة الفيدرالية لكن مثل هذا الاتفاق يجعل البعض يشعر بالخوف والقلق.”
واضح ان تلك الادعاءات ضد السودان مرتبطة كالعادة بالصراعات الداخلية الاثيوبية . لو دققت النظر فى الخريطة المرفقة ستجد ان منطقة غرب التقراى لديها حدود مع السودان شمال ولاية القضارف تحديد تحاذى الفشقة الكبرى التى سهولها تمتد الى اجزاء من غرب التقراى .شمالها يقع مثلث الحدود السودانية الاثيوبية الارترية.
منطقة غرب التقراى تحت سيطرة الامهرا الذين يطلقون عليها اسم ” والغاييت” ولدى قوات ” فانو ” تماس مع القوات الارترية المحتشدة فى ” ام حجر ” الارترية والتى يربطها مع ” الحمرة ” جسر على نهر ” سيتيت”.
بالطبع ستفقد ” فانو ” التماس مع حليفهم الجيش الارترى وهم يتلقون منه كل انواع الدعم اللوجستي خاصة وهم حاليا فى معارك كسر العظم التى تشنها عليهم قوات جيش الدفاع الوطنى الاثيوبي، وبالمقابل عندما تستلم الادارة المؤقتة للتقراى منطقتهم سيكون لها حدود دولية مع السودان وغالبا ما تكون منطقة ” اللقدى ” السودانية نقطة عبور جديدة الى اثيوبيا حددت الحكومة الفيدرالية شهر يونيو المقبل موعدا لاستلام الجبهة الشعبية لتحرير التقراى مناطقهم التى تحت سيطرة الامهرة.
منطقة غرب التقراى اداريا تحتوى على ثلاثة مقاطعات او مناطق من الجنوب الى الشمال وهى : ” كافتا – الحمرة – والغاييت وتسغيدي” وهذه الاسماء تشكل مدن المنطقة واكبرها ” الحمرة ”
بدأت الحرب فى عام 2020 فى غرب التقراى ودارت فيها معارك مروعة وضخمة فى وقت واحد مع معارك فى شرق التقراى فى جبهة العفر.
تلعب الاراضى فى اثيوبيا دورا رئيسيا فى صراعاتهم الداخلية خاصة الزراعية والامهرة طرف فى كل نزاع على الاراضى فى كل اقاليم اثيوبيا خاصة ، تقراى ، اوروميا ، بنى شنقول ، ولايتا ، سيدامو وقامبيلا بالاضافة لكل مناطق اقليم شعوب الجنوب .عادة تقوم ميليشيات الامهرا من الشفتة وفانو وقوات الاقليم الخاصة قبل حلها بالاستيلاء على الاراضى والهيمنة عليها واستبدال اسمائها باسماء امهرية.
الدعم السريع استعان وجند وقاتلت فى صفوفه مرتزقة من ليبيا وتشاد ومالى والنيجر والكمرون واثيوبيا وافريقيا الوسطى وارتريا وقبض الجيش السودانى اسرى عديدين من هؤلاء المرتزقة خاصة الاثيوبين ومن الجنسين ومعظمهم من الامهرا والاورومو الخ لكن ليس بينهم احد من التقراى.
الجيش السودانى جيش مؤهل ومحترف خاض اصعب حرب واجهته وهو حتى لم يكن مستعدا لها وواجه عدوا متفوقا بالسلاح والعدد وخطط للحرب بدقة طيلة سنتين بدعم كامل من الامارات . تصدى الجيش وافشل مخططا يهدف لتدمير البلاد واعادة تشكيلها ديمغرافيا لتكون السيادة لعرب الشتات الافارقة . جيش محترف مثل هذا لا يحتاج الى قوات اجنبية تقاتل معه بعد ان ظل صامدا موحدا يدافع عن مواقعه ثم بدا فى اقتلاع ميليشيات ومرتزقة آل دقلو . لم يتفكك هذا الجيش وصان وحدة البلاد واثبت قوميته مسنودا بالشعب بينما تفكك الجيش الاثيوبى عرقيا بعد ثلاثة اشهر من الحرب على التقراى .
اللاجئين السودانيين فى اثيوبيا تم توزيعهم فى معسكرى ” كومر ” التى تبعد 60 كيلو متر من القلابات و ” اولالا” والذى يبعد 80 كيلو متر من القلابات والمعسكرين يقعان على طريق ” المتمة – قوندر ”
من قبل شهر كنت اتتبع وارصد ما يتعرض له اللاجئين فى المعسكرين فقد تعرض معسكر ” اولالا” الى هجمات منظمة من فانو وعصابات الشفتة ” مسافنت” وتم نهب ممتلكاتهم خاصة الهواتف الذكية وضربهم الخ.
قرر اللاجئين فى معسكر ” كومر ” الانقسام الى ثلاثة مجموعات ، مجموعة تتجه الى ” قوندر ” على الارجل للاعتصام بمكاتب الامم المتحدة احتجاجا على الاعتداءات التى يتعرضوا لها ومجموعة اخرى تتجه الى القلابات السودانية والاخيرة تظل بالمعسكر . اوقف الجيش الاثيوبى تقدم المجموعة المتجهة الى ” قوندر ” .
الامهرا تعمدوا الاعتداء على اللاجئين السودانيين بهدف ترويعهم واخراجهم من اقليمهم واعتبروهم ” مهاجرين “. والكل لاينسى فى اول شهرين من انتخاب ابى احمد رئيسا للوزراء قام الامهرة فى ليلة واحدة بطرد مئات الآلاف من التقراى والاورومو من مدنهم وقاموا بنهب محلاتهم التجارية وفنادقهم ومؤسساتهم التجارية الاخرى