مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني يكتب : القمة العربية المرتقبة بالمنامة دلالات التوقيت والمكان… عقب تصاعد الاهتمام بالملف السوداني
تستعد العاصمة البحرينية المنامة لاستضافة القمة العربية رقم (٣٣) لمجلس جامعة الدول العربية الاسبوع المقبل الخميس ١٦ مايو ٢٠٢٤ م ، وذلك على مستوى الرؤساء والملوك والامراء ورؤساء الحكومات ، ووفقا لما اعلنه وزير خارجية البحرين عبداللطيف الزياني والسفير المصري حسام زكي الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية ، ان دورة القمة العربية تعتبر عادية ، في وقت كان العالم العربي يتطلع فيه منذ فترة لانعقاد قمة عربية طارئة لمناقشة مستجدات الوضع الكارثي في السودان جراء تمرد قوات الدعم السريع والتي ارتكبت ضد المواطن السوداني واحدة من افظع الانتهاكات والفظائع الإنسانية في العصر الحديث ، ولكن ورغم مرور أكثر من عام على الحرب لم تتحرك الجامعة العربية الا على مستوى مبادرات فردية من بعض الدول إذ تدخلت المملكة العربية السعودية بثقلها واستضافت منبر جدة بعض مضى شهر واحد على الحرب ، الا ان المواطن السوداني كان يتطلع الفاعلية أكثر للتدخل السعودي بما تمثله المملكة من ثقل اقليمي ودولي، ولعل ما آثار دهشة الرأي العام السوداني هو اصرار الجانب السعودي على عبارة طرفي النزاع، وهي عبارة مستفزة للسودانيين الذين يفخرون بجيشهم يعتبرونه الان رمز السيادة، ولكن منبر جدة يصر على مساواة
مليشيا الدعم السريع المتمردة مع القوات المسلحة السودانية ذات العراقة والتاريخ الناصع ، كما أن المملكة لم تضغط الطرف المتمرد على تنفيذ مخرجات اتفاق مايو ٢٠٢٣ م بجدة وهو الاتفاق الذي نكث عنه الدعم السريع ، فيما يشدد الجانب الحكومي السوداني على ضرورة الالتزام به قبل الموافقة على استئناف منبر جدة مجددا ، الأمر الآخر ان الجامعة العربية لم تدعي لاجتماع طاريء للجامعة منذ قمة الرياض في نوفمبر ٢٠٢٣ م والتي لم تخرج بقرارات تثلج قلب المواطن العربي التعاطف بشدة مع سكان غزة وحتي الان تمر ثمانية أشهر وحدثت إبادة جماعية واضحة لسكان غزة مع عمليات تجويع وتهجير واسعة للمتبقي منهم ، ومازال العدوان الإثم يتواصل حتى اللحظة ، لذلك فأن انعقاد القمة العادية رقم ٣٣ في بالمنامة يثير عدة تساؤلات ، هل ستخرج القمة بقرارات قوية تخالف التوقعات ! ام ستنتهي مثلها مثل قمة الرياض السابقة ؟ والتي اكتفت ببيان ذات طابع بروتكولي تخللته الادانة للعدوان ومجموع قرارات اخري تبدو في ظاهرها قرارات حازمة مثل ملف الجنائية في مواجهة القيادة الإسرائيلية ولكن لم تتم متابعة تلك القرارات او اثارتها بشكل جدي بعد انتهاء القمة العربية ، و الان يبدو أن الاهتمام متعاظم لإنجاح قمة المنامة ، لأن المنامة قد بدأت تنشط في الملف السوداني بعد استضافتها للقاء اخر الليل الذي جمع مدراء مخابرات خمسة دول مع قائد ثاني الجيش السوداني وقائد ثاني الدعم السريع ، وهو مايثير العديد من التساؤلات.!! هل قمة المنامة معنية بالسودان ام بملف غزة وقضايا عربية اخري بليبيا واليمن وغيرها كما يتردد ، نعم قد تتم مناقشة قضايا اخري مثل القضية العربية الابرز والأكثر سخونة (غزة) ولكن حدسنا يقول ان قمة المنامة ستحاول التركيز على رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان وهو حتما سيكون محور اهتمام لافت لعدة اعتبارات اقليمية وأخرى دولية ولعل الأخيرة هي الاكثر حضورا ، ومن المتوقع أن تكثف على البرهان الضغوط للموافقة على استئناف منبر جدة، دون مراعاة لالزام الدعم السريع بتنفيذ مقررات جدة في مايو ٢٠٢٣ م ، وهو امر دونه رقاب السودانيين ولانعتقد ان الرئيس البرهان سيوافق عليه مهما كانت الضغوط ، ولعل
الأمر الأكثر ادهاشا هو تصاعد الأدوار السياسية لدولة البحرين في الآونة الأخيرة ، وكانما ان اللاعبين الأساسيين في الشأن العربي يريدون اختيار وكيل اخر لتخفيف الضغوط على الإمارات ، فالبحرين
لم تكن في اي حقبة تاريخية ومنذ استقلالها بعد ظهورها على جغرافيا العالم قبل حوالي اربعة عقود من الزمان ، لم تكن المنامة مهتمة بالقضايا السياسية الساخنة بالوطن العربي ولم يعرف عنها أنها قد بادرت باي نوع من المبادرات للدخول في قضايا الصراعات الداخلية لاشقائها العرب ، إذ عرف عن البحرين انها تركز معظم اهتماماتها بالقضايا الاقتصادية وتوطيد العلاقات الثنائية بينها ودول الخليج ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي او علاقاتها مع بقية اعضاء جامعة الدول العربية ، إذ كثيرا ما استضافت المنامة فعاليات رياضية او اقتصادية او حفلات للفنون والرقص وغيرها من الوان البهجة ، بيد ان الجديد في الأمر هو دخول المنامة لأول مرة كوسيط مسهل لمحادثات سرية الطابع بين القوات المسلحة السودانية وممثل لقوات الدعم السريع المتمردة على الدولة السودانية ، ولعل اللافت للنظر وبحسب ما تكشف من معلومات عن تلك المحادثات ان الحضور كان لعدد اربعة من رؤساء مخابرات دول فاعلة في الملف السوداني وهي السعودية ومصر والامارات والولايات المتحدة الأمريكية والبحرين باعتبارها صاحبة الأرض دون اعلام او جمهور ، وكان الصحفي السوداني دكتور مزمل ابوالقاسم قد كشف لقناة الجزيرة لأول مرة أسرار لقاء المنامة الذي عقد في يناير ٢٠٢٤ م ، وصاحبت حديث مزمل ابوالقاسم العديد من ردود الأفعال مابين مكذب ومصدق للخبر ، لكن بعد أيام قليلة نشرت عدد من وسائل الإعلام العالمية وثيقة المنامة السرية المسربة، بيد انه لم يتم التأكيد على وجود عملية توقيع علي بنودها ال (٢٢) ام لا ، فقد نشرت وكالة رويترز الوثيقة المسربة وبعدها اكدتها صحيفة الشرق الأوسط.
ووفقا لاراء العديد من المراقبين وبعض الخبراء العسكريين ان ماورد في مسودة المنامة المسربة يعتبر أسوأ سيناريو يمكن أن يتوقعه الشعب السوداني ، فقد وصفها الخبير العسكري على ميرغني انها شروط اذلال لايمكن أن يقبل بها حتى المهزوم ، و اول بند فيها يطالب بإعادة كل شي للدعم السريع وأن يبقي في أماكنه التي سيطر عليها ان كانت منازل او أعيان مدنية او مؤسسات خدمية حكومية ، و طالبت الوثيقة بإعادة صلاحيات لجنة إزالة التمكين كما هي مرة أخرى (بند تشعر وكانه قد حشر حشرا في اتفاق يتناول قضايا عسكرية ) بجانب وجود بند اخر يتحدث عن ضرورة البحث عن الهاربين من قيادات الإنقاذ المتهمين امام الجنائية الدولية مثل البشير واحمد هارون وغيرهم، وتجاهل البحث عن متمردين على الجيش مثل عثمان عمليات وعصام فضيل والنقيب سفيان بريمة او كيكل
وغيرهم .