مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني يكتب : بعد اجهاض بريطانيا مشروع إدانة الإمارات.. من يساندنا في حرب الكرامة
تناولنا في المقال السابق مواقف دول الجوار السوداني السبعة ، واشرنا الي انه وبرغم من الصمت الدبلوماسي لكل من مصر إريتريا، والدعم المصري المشهود للشعب السوداني عبر استقبال أكثر من مليون وافد ،الا ان المحصلة النهائية لمواقف دول الجوار تشير إلى ان السودان يخوض هذه الحرب القذرة لوحده دون دعم عسكري واضح من اي جار او جارة شقيقة ، وهي حرب تشارك فيها دول عديدة من الإقليم وتساهم فيها عدد خمسة من دول الجوار بجانب الرعاية والتمويل والدعم الإماراتي الاسرائيلي وعدد من دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة ، وربما لايصدق العقل ان كل هذه القوي الدولية هي الآن متكالبة على دولة منهكة مثل السودان وتعاني من ضربات اقتصادية ومشاكل سياسية متنوعة وتخوض حروبا شرسة في مساحات شاسعة ، نعم لا دهشة في ذلك !! لان الله معنا ، فمازال جيشنا صامدا متماسكا يقاتل هنا وهناك من المصفاة شمالا وحتي جبال النوبة جنوبا وينتصر باذن الله وتوفيقه .
نعود إلى مواقف دول الإقليم الافريقي وابرزها كينيا ويوغندا وكل منهما عضوين فاعلين بهيئة الايغاد بيد انه وبسبب المال الإماراتي تبدلت وتغيرت مواقف يوغندا وكينيا وتخلتا عن الحياد فلبستا العقال الاماراتي ويونوفورم الدعم السريع و قد حاولتا و بالاشتراك مع اثيوبيا ان تجيرا مواقف الايغاد لصالح مليشيا الدعم السريع وهي لعمري سابقة لم تحدث حتى في فترة تدهور العلاقات السودانية مع يوغندا وكينيا اثيوبيا خلال حرب جنوب السودان ، ربما لان السودان كان قويا بالداخل وله هيبة اقتصادية دبلوماسية ، ونعلم كذلك انه حينما تكون قويا فإنك تجبر عالم الغاب الحالي على احترامك ، بكل اسف قبضت كل من يوغندا وكينيا ثمن مواقفهما فحولتا هيئة الايغاد الي سوق نخاسة عالمي، واستهدفت هيئة الايغاد السودان العضو المؤسس استهدافا محزنا وبشكل واضح وصريح الايغاد واستقبلت هذه الدول المتمرد القاتل مغتصب النساء حميدتي استقبال الرؤساء ، نعم قد حدث ذلك رغم ان هذه الدول لديها مشاكل سياسية ولديها معارضين فان كان السودان قد استقبلهم كما فعلوا مع حميدتي ، كيف كانت ستكون ردود أفعالهم ، وقد اجبرت مواقف الايغاد المخزية المتخاذلة السودان على الانسحاب منها وتركها لتجار النخاسة ليلحق باريتريا التي لعنت هذه المنظمة وغادرتها منذ الحرب الإثيوبية الاريترية في العام ٢٠٠٠ م .
وعلى المستوى الإقليمي في الوطن العربي فمعظم الدول العربية ظلت صامتة صمت الحملان تجاه مايجري في السودان من حرب تشابه حروب القرون الوسطى ودخول التتار الي بغداد ، صمتت الدول العربية حيال عبث الإمارات بالأمن القومي السوداني وتسخيرها الأموال واصرارها بكل جرأة ووقاحة على ارسال السلاح والمعدات المتطورة للتمرد وهي تعلم أن المعلم الكبير هو الذي يرعاها ويبارك خطواتها ، وتعلم الإمارات انها مسنودة من كل دول الطغيان التي تأمل ان تنجح هذه المليشيا الاجرامية في هزيمة الجيش السوداني وتغيير الأوضاع بشكل جذري كما يتمنى ويتغني دائما الحزب الشيوعي السوداني. ومن دول الإقليم في الوطن العربي يمكن فقط استثناء الجزائر والتي أعلنت بكل وضوح مساندتها للسودان وبدأت بينها والامارات حربا كلامية بسبب غزة والخرطوم ، الا ان بعض الدول التي كان يظنها السودان شقيقة ويأمل في دعمها السياسي والاقتصادي والعسكري حتى ولو بشكل خفي مثل قطر والكويت وسلطنة عمان ، لكن هذه الدول وقفت عاجزة تماما امام الطوفان و الطغيان الإماراتي فلم تنطق بكلمة حق بل المؤسف ان قناة الجزيرة تطعن ظهر الجيش السوداني بشكل يومي ومتعمد وكأن قطر الدولة وليست القناة تريد معاقبة البرهان على حادثة إعادة طائرة وزير الخارجية القطري من مطار الخرطوم اول ايام ثورة ديسمبر ، وقطر تعلم أن بطل هذه الحادثة هو المتمرد الهالك حميدتي ، نعم ارسلت قطر بعض المواد الإغاثية ووزعتها عبر منظماتها الموجودة بالسودان ، اما الكويت رغم صمتها الدبلوماسي ولكن مايحمد لها انها قد ارسلت كميات كبيرة من الأدوية والمواد الغذائية التي سلمتها للحكومة السودانية مباشرة، فهي رغم الصمت فلا أحد من الشعب السوداني سيلوم الكويت الدولة العزيزة الشقيقة ، فهي التي سامحتنا وطوت صفحة سوداء بيننا وبينها ولم تبخل على السودان بكل جميل ، اما المملكه العربيه السعوديه فهي ترعى المفاوضات ولكن الشعب السوداني كان يأمل من السعودية ان تتدخل بثقلها فهي الان كبيرة الدول العربية والإسلامية ولديها من القوة والنفوذ مايمكن ان يردع الإمارات ويوقفها عند حدودها، كما أن العتاب من الشعب السوداني للمملكة العربية السعودية انها وخلال خطاباتها و تصريحات مسئوليها تتناول كيان القوات المسلحة السودانية بشىء من عدم الاحترام وتساويها مع مليشيا متمردة مجرمة وتردد دائما طرفي النزاع وطرفي الصراع ، وكان يجب أن يكون منفستو التفاوض واضحا بين الحكومة السودانية وحركة التمرد المسماة الدعم السريع .
وعلي مستوى الإقليم الإسلامي فان مواقف إيران من الحرب التي يخوضها الجيش السوداني من اجل الكرامة ، ظلت مواقف ثابتة.، إذ أعلنت إيران مساندتها للسودان ولم تبخل باي دعم سياسي واقتصادي وأن كان المقابل كاش داون ، اما تركيا فيبدو أنها مازالت عاتبة على البرهان بسبب مواقفه تجاه قادة الإنقاذ حلفاء أردوغان والمرمطة التي حدثت لهم بعلم البرهان من كوبر الي علياء وبالعكس أسبوعيا واحيانا يوميا لأكثر من ثلاثة أعوام وبعضهم قد توفي داخل السجن ، فمن الواضح أن تركيا تبدو رافضة تقديم دعم عسكري واضح للبرهان خاصة وأن الجيش السوداني في حوجة ماسة لجوكر المسيرات القتالية وهي طائرة البريغدار والتي حسمت حرب إثيوبيا في أقل من اسبوع.
دول الاتحاد الأوربي متامرة على السودان وهذا ليس جديدا لان العداء للسودان يعود لعقود طويلة قبل الإنقاذ، وهو عداء و استهداف معروف تختلط فيه نوايا الدين والسياسة والاقتصاد وإسرائيل، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وهي إذ تولي أهمية كبيرة لامن إسرائيل وهي إذ تعتبر وجود السودان كدولة قوية مستقرة مهددا لامن إسرائيل لذلك فأنه حتى وان تغيرت الحكومات تظل مواقف الولايات المتحدة الأمريكية الخبيثة تجاه السودان هي الأصل .
اما الصين الدولة العظمى والصديقة للسودان عبر الأزمان والعصور فهي
ظلت ثابتة في مواقفها المساندة للسودان في مجلس الأمن الدولي رغم ان هنالك بعض العقبات التي تعترض تطوير وتقوية العلاقة او بالأحرى إعادتها الي مجدها، وتلك العقبات هي ملف الديون الصينية على السودان وهو ملف يحتاج إلى جهد دبلوماسي واقتصادي ويمكن الوصول فيه الي تفاهمات وحلول.
اخر الدول والتي يمكن ان نعتبرها هي الدولة الشقيقة بل الصديق الصدوق للسودان عند الشدة وهي روسيا العظمى فهي قد أعلنت صراحة مساندتها للسودان ولم تنزعج بعلاقة السودان الطيبة مع اوكرانيا ، لان الحكومة الروسية تدرك جيدا ان العدو الذي يستهدفها هي ، هو العدو نفسه الذي يحارب السودان الان .
اجمالا فان السودان يحتاج لتحركات دبلوماسية واستخبارية مكثفة خلال الفترة القادمة ولابد من استصحاب الملفات الاقتصادية خلال هذه الجولات ، لان العالم اصبح سوقا كبيرة ولا احد يعطيك او يمنحك شيئا بلا مقابل .