سعر الجنيه السوداني يهوي إلى القاع.. وانفجار صرف الدولار يُدمر بيوت السودانيين
الجنيه يهوي إلى القاع.. وانفجار الدولار يُدمر بيوت السودانيين
شهدت أسعار السلع الأساسية في السودان ارتفاعاً جنونياً، بالمناطق الآمنة نسبياً، أما المناطق الواقعة على شفير المعارك المُحتدمة، فالوضع أشد سوءاً حيث بلغ حد الموت جوعاً
سجّل الجنيه السوداني انخفاضاً غير مسبوق لامس عتبة 1400 جنيه سوداني مقابل الدولار الأميركي. وانعكس ذلك الانخفاض على السواد الأعظم الذي يعاني ويلات الحرب الطاحنة التي دخلت عامها الثاني.
وتبعاً لذلك شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعاً جنونياً، بالمناطق الآمنة نسبياً، أما المناطق الواقعة على شفير المعارك المُحتدمة، فالوضع أشد سوءاً، حيث بلغ حد الموت جوعاً. لتبقى الخلاصة حرباً داخل الحرب وحروباً أخرى يعيشها عشرات الملايين من السودانيين في أنحاء البلاد المُختلفة، في مُحاولة يائسة للنجاة من أشباح الموت المتعددة وآلة القتل التي تحصد الحياة بأشكال مختلفة مثل الجوع والمرض وقبلهما بالطبع السلاح.
فقد أكدت المواطنة شيماء عبداللطيف، وتسكن في أحد أحياء الثورة بمدينة أم درمان لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” أن السلع الأساسية، مثل السكر والشاي والدقيق والألبان واللحوم الحمراء سجّلت ارتفاعاً جنونياً، فقد وصل سعر كيلوغرام السكر 1800 جنيه سوداني، أما اللحوم الحمراء فبلغت 8 آلاف جنيه مقابل الكيلوغرام الواحد من لحم العجول و10 آلاف جنيه مقابل كيلوغرام من لحم الضأن، فيما قفز سعر رطل اللبن إلى 700 جنيه، وطبق البيض لـ7 آلاف جنيه.
وذكرت شيماء أن مواطني تلك المناطق يعانون شظف العيش وقسوة الحياة، ويستطيعون – بشق الأنفس- شراء احتياجاتهم الضرورية، حيث يعيشون “رزق اليوم باليوم” بعد فقدان الغالبية العُظمى لمدخراتهم ومصادر دخلهم لعام كامل بسبب الحرب. وأضافت شيماء: “ربما كانت أحياء الثورة شمال مدينة أم درمان من المناطق الآمنة والبعيدة عن أهوال الحرب الطاحنة والمعارك المُحتدمة نسبياً – كما يصفون – إلّا أنّها لا تكاد تخلو من الدانات العشوائية والرصاصات الطائشة وأصوات القصف المدفعي والصاروخي، مع ذلك تفتح معظم المخابز والمتاجر، أبوابها حتى الساعة العاشرة ليلاً، لتلبية احتياجات المواطنين هناك”.
وتشهد المنطقة استقراراً ملموساً بخدمات الكهرباء والمياه وغاز الطهي. أما الأوضاع الأمنية فمستقرة إلى حدٍّ كبيرٍ عدا حوادث متفرقة، لحالات السلب والنهب أو “الشفشفة” كما يسميها المواطنون هناك.
في الأثناء، تعيش مناطق أخرى بالسودان، أوضاعاً مأساوية تُبكِّي الحجر، فقد أعلنت غرفة طوارئ منطقة أمبدة غرب مدينة أم درمان وفاة ثلاثة أطفال جوعاً، كما تعاني مناطق أخرى بالعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة بوسط السودان وإقليم دارفور غرب السودان، تعاني صعوبة الوصول إلى الغذاء والمياه الصالحة للشرب.
وفي مدينة النهود التي تبعد 550 كلم تقريباً بالاتجاه الجنوبي الغربي للخرطوم، فقد سجّلت أسعار السلع الأساسية، ارتفاعاً لافتاً، فقد بلغ سعر جوال السكر زنة الخمسين كيلوغراماً 91 ألف جنيه، والشاي زنة الخمسين كيلوغراماً 190 ألف جنيه، وتراوح سعر جوال الدقيق زنة 25 كيلوغراماً ما بين 29 إلى 33 ألف جنيه، أما جوال الملح زنة 50 كيلوغراماً فقد بلغ 30 ألف جنيه. إلّا أنّ أسعار اللحوم الحمراء كانت أقل من مناطق أخرى بالسودان، فقد بلغ سعر الكيلو من لحم الضأن 7 آلاف جنيه، وسعر الكيلو من لحم العجول 5 آلاف جنيه، ويعزو ذلك الانخفاض إلى أنّ مدينة النهود تتوسّـط المناطق الغنية في تربية الماشية بالبلاد.
في المُقابل، مازالت أسعار المحروقات تسجل ارتفاعا مضطرداً، فقد وصل سعر جالون البنزين لـ30 ألف جنيه، كما يؤكد حمد سليمان لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”.
إلى ذلك، سجّلت العملة المحلية بالسودان انخفاضاً غير مسبوق، إذ لامست قيمة الجنيه السوداني عتبة 1400 جنيه سوداني مقابل الدولار الأميركي بالسوق السوداء للشراء، وحوالي 1420 جنيهاً سودانياً للبيع.
ووقف الدولار الأميركي عند حاجز 570 جنيهاً لأشهر طويلة قبل اندلاع الحرب بالسودان، حيث تهاوى الجنيه السوداني حتى وصل الهاوية بعد مضي عام على بدء القتال، وارتفع الفارق بين سعر الدولار الرسمي وسعره بالسوق السوداء لـ300 جنيه سوداني تقريباً.
وقال خبراء اقتصاديون لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”، إن العملة المحلية فَقدَت أكثر من 100% من قيمتها بفعل الحرب الحالية التي تسببت أيضاً في تناقص العملة الأجنبية سواء بالبنوك التجارية أو البنك المركزي، ما يضطر التجار اللجوء إلى السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم من العُملات الأجنبية.