مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني يكتب : امبراطور الذهب بالسودان حاملا سلاحه لخوض معركة الكرامة .. من اي زمان اتيت يا أزهري المبارك
صورة معبرة انتشرت امس بوسائل التواصل الاجتماعي لرجل الأعمال السوداني أزهري المبارك وهو يحمل سلاحه بمنطقة ام درمان وخلفه لوحة كبيرة رسمت عليها صور لبعض الضباط الشهداء من أبطال القوات المسلحة منهم الشهيد لقمان، وقد كتبت عليها عبارة رائعة لانعتقد ان أزهري المبارك قد تعمد أن يقف أمامها و تلتقط له هذه الصورة خلف تلك اللوحة ، بل كان الأمر محض مصادفة أن تكون اللقطة للأسد أزهري المبارك وخلفه صور هؤلاء الأسود الضارية الذين خاضوا اللهيب وشتتوا كتل الغزاة المرتزقة ، وذهبوا بعدها الي ربهم شهداء باذن الله ، ولم يكن ود المبارك يدري ان هنالك عبارة مكتوبة على اللوحة تحكي عنهم وعنه، وقد كانت العبارة مقطع من ملحمة الاستقلال الرائعة التي نظمها شعرا الشاعر الفذ عبدالواحد عبدالله وخلدها لحنا الراحل محمد وردي (كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية) ، وحين نصف أزهري المبارك بالأسد الغضنفر فهو وصف يستحقه ، فهذا الرجل قد جاهد بالمال ولم يكتفي بذلك بعد ان تبرع بمبلغ خمسة مليون دولار للنفرة الشعبية والحقها بعدد من العربات البكاسي ، بل حمل السلاح كجندي نفر مدافعا عن الأرض والعرض حفظ وصونا لكرامة وعزة التراب السوداني ، فهذا الرجل الزاهد المتواضع لم يشأ ان يغادر السودان في ظل هذه الظروف الحرجة التي غادر فيها معظم ان لم يكن جميع رجال الأعمال ، ولكن اختار أزهري المبارك البقاء وخرج الي ساحة الوغي وميدان المعارك مقاتلا في صفوف المقاومة الشعبية، اختار ذلك وقد كان بوسعه أن يكون في القاهرة او دبي او حتى لندن وهو يمتلك الأموال التي تمكنه من العيش في قصور بحيرة البجع بسويسرا ، الا انه ترك كل شيء ونسي انه امبراطور الذهب بالسودان لأن ثروته ربما تضاهي ميزانية بعض الدول الأفريقية الا انه ظل هو أزهري الذي عرفه الناس حوله، لم يتبدل ولم يتغير مع معهم، فهو رجل بسيط ويبحث عن الخير واعمال البر والأحسان ، وقصة أزهري المبارك عرفها كل أهل السودان ولكن ربما ما لايعرفه البعض أن قصة أزهري المبارك مع أم الايتام التي أكرمها وفك كربتها رغما عن أنه وقتها لايملك المال، فكان أن دعت له أم الايتام أن يفتحها المولي الكريم عليه وأن يكرمه بالرزق الواسع ، فشق له المولي عز وجل الحجر فتفجر الصخر نهرا من الذهب الخالص جري
تحت اقدامه ، وقلنا ان مالايعرفه البعض أن قصته تشابه الي حد كبير قصة المرأة الجائعة مع العالم الزاهد عبدالله بن المبارك الذي تبرع لها بكل الأموال الذي جمعها من اجل الحج بعد أن شاهدها وهي تبحث في القمامة وخرج عبدالله بن المبارك وقتها من القافلة المتجهة الي الحج، وسأل المرأة فحكت له بعد اصرار منه انها تبحث في القمامة وقد وجدت فيها بعد جهد دجاجة نافقة وتريد ان تحملها حتى تطعم الأيتام الصغار الجوعي في بيتها وهن اربعة بنات، بكي عبدالله بن المبارك وسلمها كل المال الذي كان يود أن يحمله معه للحج وتخلف عن القافلة وعاد لبيته، وحين عاد الحجاج من مكة المكرمة، تفاجأ عبدالله بن المبارك بتوافد الحجاج الي بيته لتقديم الشكر والثناء له على ماقدمه لهم من خدمات في الحج، ولم يكن الحديث من واحد أو اثنين بل من مجموعة حجاج وهو ما آثار الدهشة الاستغراب في رأسه وظل مهموما يبحث عن إجابة وحل لغز ارقه وأوجع مضجعه الي ان جاءه المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام واخبره بأن الملائكة قد تشكلت في صورتك وحجت انابة عنك اكراما لك من المولي عز وجل على مافعلته مع ام الايتام ، اذن مابين أزهري المبارك وعبدالله بن المبارك كثير تشابه وقليل اختلاف ، حتما ان رجلا مثل أزهري المبارك لايشبه زمننا هذا، فهو قد يكون مسافرا عبر الزمن وجاءنا من عصر حاتم الطائي او عبدالله بن المبارك ، نسأل الله له التوفيق والسداد وأن يزيده من فضله ويحفظه لأهله ولسودان العزة والشموخ.