بعد عام من الحرب.. هل بات السودان أقرب إلى السلام أم إلى المجهول؟
بعد مرور عام كامل من الحرب في السودان، ظل طيف واسع من الشعب السوداني يتساءل عن جدوى هذه الحرب وعن تكلفتها البشرية والمادية وغيرها، ويطرح تساؤلات مفادها هل يتحقق السلام، بعد عام كامل من الحرب، بجلوس المتحاربين إلى طاولة المفاوضات، وصولاً إلى تحقيق السلام الذي يعيد الأمن والاستقرار الى السودان أم أن البلاد ذاهبة نحو المجهول. وماهي الفرص السياسية الممكنة وهامش المناورة لإيقاف الحرب؟
أسوا عام في تاريخ السودان
يقول المدير التنفيذي لمركز فكرة للدراسات والتنمية د. أمجد فريد في مقابلة مع راديو دبنقا إن العام الذي مر على السودان يمكن أن يوصف بأنه أسوا عام مر على البلاد في تاريخها الحديث، ويضيف أن السودان يواجه أكبر كارثة وجود في منذ استقلاله وهي الحرب التي تجري حالياً، وهي لا تشبه أي حرب من الحروب الأهلية السابقة بالسودان. ويصف فريد الصراع الذي يدور بأنه صراع سيء على السلطة بين مؤسسة الجيش التابع لجهاز الدولة الفاسد والذي يحتاج الي إصلاح وبين مليشيا فاشية، في إيدولوجيتها السياسية وفي سلوكها وفي انتهاكاتها التي يقول إنها لا تتوافق مع الحياة الطبيعية في البلاد، ولا تتوافق مع الأمن والسلام والاستقرار في السودان. ويشير الي أنه وبعد عام من الحرب البلاد ما زالت تتعثر في الأبواب الأولى باتجاه السلام. وشدد بأنه لا توجد إرادة سياسية لدي الطرفين لوقف الاحتراب بل يمضون في صراع ذي محصلة صفرية لتدمير الأخر، كما لا يوجد أصلاً حل إيجابي للسلام والاستقرار في السودان لدى الطرفين. ويتابع قائلاً ينبغي أن تنتهي هذه الحرب على السبيل الأفضل للسودان بهزيمة الطرفين بإجبار الجيش على إصلاح حاله وإصلاح حال الدولة، وإنهاء الوجود المؤسسي لمليشيا قوات الدعم السريع بكافة إمداداتها العسكرية والاقتصادية والسياسية وحتى السرديات التي يرددها بعض الساسة الآن في محاولة تبرير هذه الحرب ومحاولة تبرير رفع حميدتي للسلاح وتدمير السودان بهذه الطريقة.
لابد من الحوار والمواجهة
ويرى أمجد فريد أن سنمار المجتمع السوداني الذي عقد بالعاصمة الفرنسية باريس يوم الاثنين الماضي والذي شارك فيه لفيف من السياسيين السودانيين من طيف واسع حدث فيه نقاش شفاف حول مواقف السياسيين المدنيين المتباينة إزاء هذه الحرب، ويمضي قائلاً لكن من الضروري أن يحدث هذا الحوار والمواجهة وألا يسمح لأي فصيل بمحاولة احتكار الصوت المدني السوداني وصوت الثورة وتجييره لمصلحة هذا الطرف أو ذاك. ويعتقد أن الأولوية الآن لوقف الحرب وإغاثة المنكوبين وإعادة النازحين واللاجئين إلى ديارهم سالمين وآمنين بالإضافة الي إعلاء رايات العدالة والمحاسبة وبعد ذلك يمكن أن نأتي إلى أي عملية سياسية مصاحبة أو لاحقة. ويؤكد الدكتور أمجد فريد أنه لا يمكن، بعد كل هذه المعاناة التي شهدها شعبنا، وفي أعقاب ثورة عظيمة، بأن نسمح لأي طرف من الاطراف أن يضع رغائبه السياسية التي يريد تحقيقها وأن يربطها مع وقف الحرب. ويشدد على أن وقف الحرب في السودان مقدم على غيره. ويلفت إلى أن الأوضاع في البلاد ما زالت بعيدة عن السلام وأضاف ” لكن لا نملك غير أن نستمر في السعي من أجل إيقاف الحرب وتحقيق السلام على الأسس السليمة والصحيحة التي لا تنحاز لأحد طرفي الحرب ولا تؤجل الحرب لتندلع مرة أخري”.
لا توجد مؤشرات على وقف الحرب
ويذهب الكاتب والمحلل السياسي محمد موسي حريكة في حديثه لراديو دبنقا إلى عدم وجود أي مؤشرات على أن هذه الحرب يمكن أن تتوقف، ويشير الي أن مصير السودان مرهون بالحرب المستمرة حالياً، ولان طرفي الحرب مصرين على استمرار الحرب، ويقول إنه على الرغم من طرح العديد من المبادرات المحلية والإقليمية والدولية، ولكنها وُجهت بالتعنت. ويضيف أن السودان، وبناء على تجربة حرب جنوب السودان، كانت كل الأصوات عالية منذ حسن بشير الي جعفر نميري مروراً بعمر البشير كانت خطاباتهم متطابقة مع خطاب البرهان الذي يردد خطاباتهم من حرق الجنوب الي استسلام الجنوب الي الصلاة في كاودا وغيرها. ويتابع وفي النهاية لابد من الجلوس الي طاولة المفاوضات كما حدث في نيفاشا التي عرفت بإتفاق سلام نيفاشا. ويؤكد أن الواقع الآن مزري فالبرهان لا يري إلا نفسه وكما قال نقطة سطر جديد وبدون أفق وهذا ما يجعل الشعب السوداني متشائم بشأن مستقبل السودان.
ويشدد على أنه في نهاية المطاف سيحدث السلام ولكن بعد تدمير قدرات الدولة وامكانياتها وفقدانها كل بنياتها الأساسية ومستقبلها التعليمي كما فقدت إمكانياتها الزراعية وقدراتها البشرية. وقال إن عدم وجود خطة واضحة يعني أن السودان ذاهب نحو المجهول وبخطى متسارعة.
راديو دبنقا