مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني يكتب : طائر النورس الذي رحل باكرا .. دكتور فتح الرحمن القاضي طبيب الإنسانية
لم أجد عنده إلا التسامح والتهذيب هكذا رثاه الاخ الاعلامي محمد حامد جمعة ، دكتور فتح الرحمن القاضي عرفته منذ أكثر من عقدين من الزمان ، وتعرفت عليه لأول مرة من خلال سفرية وكنا في مهمة خارجية إذ كنت ممثلا ضمن وفد حكومي رسمي وكان هو ممثلا عن نفسه ، اي والله هو كان يسافر بمجهوده الخاص من اجل المشاركة في فعاليات حقوق الإنسان وقضايا الحريات، وهي قد تكون سابقة لم اصادفها في حياتي بكون ان شخصا يسافر الي البلاد البعيدة التي تموت من البرد حيتانها من حر ماله من اجل ان يدافع عن القضايا الإنسانية التي عشقها ويعود كما سافر دون أن يفكر في طلب اللجوء والاستفادة من وجوده في أوربا وقد فعلها دكتور القاضي لمرات عديدة .
ولمن لايعرفها دكتور فتح الرحمن القاضي كان واحدا من شباب الثمانينات حيث تخرج من الجامعة طبيبا بيد انه ترك المهنة التي تحمل قدرا كبيرا من الإنسانية، تركها وذهب الي الإنسانية نفسها فقد انخرط منذ عقد الثمانينيات في العمل الطوعي تنقل مابين الكثير من المنظمات وشغل منصب مفوض العون الانساني لفترة وقد كان واحدا من اكفأ من عرفتهم ساحة العمل الانساني فهو الطبيب الانسان واخو الاخوان ويؤثر على نفسه من اجل ان يقدم الخير للاخرين ، فبعد المفاصلة ابتعد دكتور فتح الرحمن القاضي بل ابعد قسرا عن عدد من الوظائف وتمت محاربته ومطاردته ولكنه خاصم بشرف ونبل يحكي عن شخصية سودانية من الماضي البعيد فهو لم يخسر أحدا ولم يحرج شخصا، ولم يسىء الي أصدقاء الأمس ومن جعلوه في خانة العدو مابعد المفاصلة ، ظل دكتور فتح الرحمن القاضي محتفظا بعلاقاته وصلاته مع كل من عرفهم ، ولم نراه مرة واحدة عابثا مكتئبا ، فهو دائما يلاقيك هاشا باشا منشرح الصدر و مبتسما وفرحا بلقيا أصدقائه، وحين يتحدث في الشأن العام يجبرك ان تنصت وتستمتع اليه بكل احاسيسك وجوارحك فهو عالم بحق ولكن لم يجد التقدير الكافي ، ذهب دكتور فتح الرحمن القاضي الي ربه راضيا مرضيا تلاحقه دعوات اهله واخوانه وكل من عرفه، فهو صاحب السيرة العطرة وهو من القلة القليلة بالسودان الذين تركوا الطب وبريقه و أمواله من اجل خدمة المجتمع والتطوع في القضايا الإنسانية، وقد سار على درب الدكتور العالم مصطفى محمود الذي ترك مهنة الطب رغم انه كان واحدا من ضمن اذكى أطباء مصر والعالم العربي ، ولكنه اتجه الي البحوث و التأليف وقد ترك علما وافر و اثرا كبيرا (علم ينتفع به)، ونظن ان دكتور فتح الرحمن القاضي الباحث في القضايا الإنسانية والكاتب الصحفي القدير قد ترك لنا اثرا عظيما من الدراسات والكتابات في المجال السياسي والإنساني والاجتماعي ، نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.