م. مهند خلف الله يكتب : قحت والدعم السريع .. العملة والملة الواحدة
…
بدء العمل والتخطيط من قِبل قحت ل”خلق توازن” في الساحة العسكرية مباشرة بعد سقوط نظام الانقاذ في أبريل ٢٠١٩.
أمنت قحت بأن القوات المسلحة السودانية مؤدلجة “جيش كيزان” فاعتقدت انهم بحاجة لبناء جيشاً موازياً.
حرصت قحت على تسليم حميدتي ملفات كبيرة في البلاد و تحتم عليهم الحرص على تمدده، وزيادة قواته حتى يصبح جيشاً موازياً للقوات المسلحة.
عملت قحت على اخفاء كل مساوئ الدعم السريع و قائده، بل شاركوا في تلميعه. سعت بجهد وعلى فترة طويلة من الزمن على شيطنة القوات المسلحة واضعافها سواء إعلاميًا “جيش الكيزان” المؤدلج، و الحديث عن اعادة “هيكلة الجيش”، “الحديث عن مؤسسات الجيش والاقتصاد”، او من خلال الدعوة الى استمرار المظاهرات وهكذا تمكنوا من خلق انشقاقاً وعملوا على تفاقمه بين المواطن وقواته المسلحة.
وهذا قد يفسر للبعض مواقف المواطنين المتباينة من هذه الحرب بالرغم من كل الانتهاكات التي قامت بها قوات الدعم السريع. علمت قحت ان تمركز جنود الدعم السريع في الخرطوم مهما جدا لعدم قدرته على مواجهة طيران الجيش خارجها، وكأنما كانو يخططون لخوض هذه الحرب منذ زمنٍ بعيد. منحت قحت الدعم السريع العديد من المواقع الاستراتيجية بالعاصمة.
. وبعد حدوث انقلاب ٢٥ اكتوبر، حيث كان حميدتي يتطلع للمنافسة والفوز بانتخابات شرعية. وجب علي بعض قادة قحت الضغط عليه بمساعدة قوى خارجية وخصوصا بعد ان ابتدعوا بعض بنود الاتفاق الاطاري التي غرزت نواة الخلاف بين حميدتي والبرهان.
قاموا بالرقص حول الخلاف عبر بنود الاطاري، وهذا سهل عليهم الالتفاف حول حميدتي الذي صوروا له ان المحافظة على قواته لإشباع طموحه وتحقيق هدفه بات مستحيلاُ في حالة اصرار البرهان على دمج قوات الدعم السريع في اقل فترة زمنية ممكنة، وان الخيار الوحيد امامه هو القيام بانقلاب عسكري مكتمل الاركان بشراكتهم و بموافقه ودعم دولي في ١٥ ابريل ٢٠٢٣. للاسف الشديد راهنت قيادة قحت بكل شي، بما في ذلك سلامة المواطنين، وامن البلاد ووجودها في سبيل الوصل للحكم.
تصدي القوات المسلحة ونجاة البرهان من الاعتقال او الاغتيال ادى الى فشل هذه المحاولة الانقلابية وكان السبب الرئيسي لأشعال هذه الحرب. اندلعت الحرب، وعندها قرر قادة قحت الانحياز لشريكهم وتقديم الغطاء السياسي له تحت مسمى الحياد.
كانت الحلول المتاحة امامهم لملء رغبتهم في الوصول الى الحكم هي اما وقف الحرب والعودة الى الاطاري، او أن يخرج الطرفين المتقاتلين “الدعم السريع والقوات المسلحة” منهكين من هذه الحرب بدون منتصر.
مما سيسهل على قحت تولي الحكم تحت حماية قوات دولية، علمت قادة قحت أن انتصار احد الطرفين بعد خوضهم الحرب كان قد يعنى خروج قحت والمدنيين من الساحة السياسية كلياً والى امدٍ طويل.
لو نطق صوت الحق لحرصت قحت على تقديم سلامة الوطن ومواطنيه على حرصهم ورغبتهم الشرهة على الحكم.
كان يجدر بقحت الوقوف مع الحق و اتخاذ القرار الوطني بإدانة المحاولة الانقلابية وانتهاكات المليشيا المتمردة ودعم الحكومة الشرعية متمثلة في القوات المسلحة الموقعة على الاتفاق الاطاري في الايام الاولى للحرب اذ لم يحدث هذا في ساعاتها الاولى.
هذا الموقف كان سيسهم في إلتفاف الشعب حول جيشه ويفضح حقيقة المحاولة الانقلابية للعالم مما كان قد يوجِب على المجتمع الدولي الوقوف مع الحق في ادانة التمرد. كان هذا سيلعب دوراً كبيراً في حسم التمرد أو ايقاف الحرب في فترة زمنية قصيرة سواء من خلال الضغط السياسي و العسكري والدولي على القوة المتمردة.
الان وبعد انكشاف الحقائق، ومرور عاما على هذه الحرب القذرة يتوجب على قحت التوقف عن المكابرة والتضليل، والاعتراف بالحقائق والاعتذار للشعب السوداني وتحمل المسؤلية كاملة عن دورهم في التخطيط لهذه الحرب واشعالها واطالة امدها حيث انها لم تكن خيارهم الاول، لايمانهم التام بنجاح محاولة حميدتي الانقلابية.
بقلم المهندس مهند خلف الله- ميتشجين/الولايات المتحده الأمريكية