حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : تباشير حل سياسي..
لا أعلم هل هي محض صدفة أو ومضة في آخر النفق السياسي السوداني المزمن، بيانان مهمان. الأول من تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية “تقدم” والثاني من البروفسير ابراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطني.
مجموعة “تقدم” بعد سلسلة اجتماعات في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا أصدرت وثيقة توضح رؤيتها لايقاف الحرب واستعدال الطريق نحو حكم ديموقراطي مستقر.
ودون الحاجة لايراد النصوص الطويلة ورد في متن الوثيقة موقف جديد تجاه حزب المؤتمر الوطني ،الذي كان دائما مسبوقا بأداة الاستثناء “إلا”.
رؤية “تقدم” وضعت أربعة شروط لاستيعاب المؤتمر الوطني في الحوار السياسي المفضي لتقرير مستقبل السودان، مجمل الشروط تتحدث عن التخلي عن التمكين مع استعادة الأموال التي استولى عليها خلال فترة حكمه.
أمس؛ لفت نظري تصريح للبروفسير ابراهيم غندور قال فيه :
(لا بديل لكل ما يحدث ولا حل غير حوار “سوداني ، سوداني” يستلهم تجارب الماضي و ينظر للحاضر بكل ما يحدث فيه وينظر للمستقبل القاتم الذي ينتظر أهل السودان إذا لم يتم تداركه.
كنت أنصح الإخوة من السياسيين على الطرف الأخر إذا لم تتفق القوى السياسية فلن يترك العسكر السلطة.
لم يستمعوا للنصح وتحالفوا مع العسكر وبعد أن تمكنوا من الحكم أرادوا رمي السلم الذي وصلوا به إلى الحكم .
ومن ثم بدأو في اِستخدام المجتمع الدولي فلم تنجح الفكرة فاختاروا التحالف مع الدعم السريع وكانت النتيجة ما يحدث الأن .
لذلك أقول إن اِتِّفاق القوى السياسية على ثوابت يرتضيها الشعب ويدعمها هو الطريق الوحيد للمحافظة على ما تبقى من السودان كما أنه الطريق الوحيد لإِيقاف الحرب لأن “الحرب في أمبدة لا في جدة” ).
من الواضح أن ثمة أفق جديد بدأ يلوح خلف الغيوم، ربما ليس فيه اتفاق صريح أو حوار مباشر لكن تفاهمات قد تكون هي خلاصات الحوار عبر أطراف دولية على رأسها المبعوث الخاص الأمريكي و أطرف اقليمية على رأسها مصر التي تمثل الطرف الأكثر تأثرا وتأثيرا في الملف السوداني.
ما قاله البروف غندور سبق لي أن كررته كثيرا منذ بداية الحرب الراهنة، أن الفراغ السياسي الناتج من تشظي القوى السياسية ستملأه القوى العسكرية خلال الحرب والأنكى بعدها، و أن القوات المسلحة التي ستخرج من نفق هذه الحرب الضروس بإذن الله منتصرة ستكون ملزمة منطقيا و دستوريا أن تملأ الفراغ السياسي والسيادي، بما يعني تكريس السلطة العسكرية لادارة البلاد إلى مستقبل غير معلوم، فالقصر الجمهوري الذي له ألف باب للدخول ليس له باب مكتوب عليه “للخروج”.
النداء الأخير قبل اقلاع طائرة البلاد للقوى السياسية أن تفلح في تأسيس أهداف قومية مشتركة، تتفق على الحكم المدني بعيدا عن الصراعات وتأسيس دولة القانون والمؤسسات.
الآن يبدو ثمة أمل في اشراقة واقع سياسي جديد، إذا قررت الأطراف السياسية أن تتفق على الحد الأعلى – وليس الأدني كما يكرر الكثيرون-.
و الفرصة متاحة في جولة المفاوضات المقبلة أن تفتح الباب الذي ظل مغلقا منذ أول رصاصة في هذه الحرب المحرقة.
وبالطبع الاتفاق على الأهداف لا يعني تجاوز المسؤولية والمحاسبة.. الفواتير الجنائية تنتظر العدالة ولو بعد حين.. يجب أن ينتهي عهد الافلات من العقاب.