حديث المدينة عثمان ميرغني يكتب : لماذا ولاية الجزيرة ..بالذات؟

يوميات الجحيم التي تُروى عن مسلسل جرائم قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة ثم اضيف إليها بعض قرى النيل الأبيض تفرض سؤالا مهما، هل هي مجرد جرائم؟ أم تحمل مضمونا يتجاوز الجريمة إلى دوافع أخرى؟
مثلا:
أمس الأول، قوات الدعم السريع دخلت إلى قرية وصادفت شابا كفيفا، سألت عنه أهله ولما أعلموهم أن كفيف منذ ولادته لم تتردد في قتله رميا بالرصاص وتقول لأهله (أرحناكم منه) وعندما احتج شابان من القرية على ذلك لقيا مصرعهما بالرصاص فورا.

في قرية الدرادر الروايات تتحدث عن محاولة سرقة سيارة ولكن أهل القرية حاولوا منع العملية فأطلق الرصاص على السكان عشوائيا ليتوفى في الحال 12 بينما يصارع الموت في المستشفى بعض المصابين.
أم وطفلها الرضيع عمره ثلاثة أشهر وإبنها الآخر عمره 4 سنوات وبنتها 8 سنوات يصدر بحقهم حكم بالإعدام رميا بالرصاص أمام الجميع.

هل يمكن أن توصف مثل هذه الحوادث وكثيرا مثلها بل وأسوأ منها بأنها “جرائم”؟ هل تكفي هذه الكلمة للاحاطة بمثل هذا السلوك؟
من الممكن لمن يرغب في المال أن يسرق وينهب ويأخذ ما يشاء حتى الملابس المستعملة ولكن في ظل عدم المقاومة واستسلام الضحية لقدره المحتوم لماذا القتل؟
بل ولماذا الضرب بالسياط قبل الرمي بالرصاص؟

و لماذا بعد أن تنهب القرى على دفعات، تبدأ بالسيارات ثم الذهب ثم الأموال مهما قلت، ثم الأمتعة والأثاث، ثم المحاصيل حتى “العدسية”، و بعد مغادرة القرية لماذا تعود القوات مرة أخرى وتطلب هذه المرة النساء؟
ما المقصود من ذلك؟ طالما أن الحصول على المسروقات تحقق بلا دماء ، لماذا الاصرار على الاغتصاب واستنزاف الأعراض ثم القتل الجماعي مثلما حدث في احدى القرى التي أطلق الرصاص على المصلين في المسجد؟
لا أعتقد أن توصيف “جرائم” هنا كافيا ، لابد من البحث عن حيثيات تشرح مثل هذا الاغراق في الوحشية، وبالتحديد في ولاية الجزيرة.

ولاية الخرطوم رغم كونها المكان الذي شهد انفجار الحرب، ولا تزال تعاني من احتلال الدعم السريع لكثير من أحيائها لكنها لم تشهد مثل هذه الجرائم كَمَّا وكَيّفا، فلماذا ولاية الجزيرة رغم كونها أكثر ولايات السودان تمثيلا للقوميات والقبليات السودانية، فالهجرات إليها طوال أكثر من قرن جاءت إليها بالقبائل من كل فج عميق، ليس من قبيلة في السودان لا يتمتع بعض أبنائها بالانتماء لولاية الجزيرة، ربما لكونها الولاية الأكثر فرصا للعمل بحكم احتضانها لمشروع الجزيرة المترامي الأطراف.

مقالات ذات صلة