حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : مدني .. (بيدي لا بيد عمرو)

الدعم السريع أعلن أمس عن تعيين إدارة مدنية لولاية الجزيرة برئاسة البروفسير أحمد محمد البشير، وهي خطوة لها مغزيان: الأول محاولة تغطية الانتهاكات الواسعة التي اجتاحت الولاية ولم تسلم منها مدينة أو قرية سفكت فيها قوات الدعم السريع الدماء ونهبت السيارات والأموال والذهب وهتكت الأعراض.

وفرضت التجنيد الاجباري وثقت ذلك تقارير منظمات أممية ثم تقرير بثته تقارير شبكة CNN الاخبارية. والمغزى الثاني: وهو الأهم محاولة وضع هجوم الجيش الوشيك الذي وصلت الاستعدادت له ذروتها في مواجهة مجتمعية مع الرمزيات التي تقف خلف الادارة المدنية خاصة ناظر الشكرية السيد ابراهيم أبوسن.

ولكن الحقيقة أن كلا الأمرين لن يفلحا في تحقيق ما يراد لهما، فالأول الذي يتعلق بالانتهاكات فهي أعمق وأنكأ من أن تغطيها أية ترتيبات تضع قناعا مدنيا لإدارة الولاية، بل ربما تأتي بالنقيض لتحمل هذه الادارة المدنية أوزارا مع أوزار الدعم السريع و تضعهما في سرج واحد من المسؤولية الجنائية عما حدث ولا يزال يحدث في قرى ولاية الجزيرة.

تعطيل أو تعويق هجوم الجيش عن طريق وضعه في مواجهة مجتمعية فهو اجراء يضع الزعامات المجتمعية – مثل ناظر الشكرية- في محك المحاسبة والمسؤولية مع ضحايا الانتهاكات الواسعة التي لم تترك مواطنا واحدا من ولاية الجزيرة دون أن تصيبه مباشرة، هذه الفواتير الثقيلة تتجاوز البعد الداخلي لتضع مرتكبيها في المراصد الدولية أيضا.

ومع ذلك فإن أمام هذه الإدارة المدنية مخرجا واحدا يتطلب الشجاعة و الارادة و الحكمة، فالتدرك أن التاريخ سيسجل لها قرارا يصون دماء السودانيين.

وربما يكون مدخلا لاطفاء نار الحرب في كل أرجاء السودان، أن هي طلبت من قوات الدعم السريع الانسحاب من ولاية الجزيرة كاملة لتعود إلى سيطرة الجيش بالطريقة ذاتها التي احتلتها بها قوات الدعم السريع.

هذا القرار يقع تحت بند (وكفي الله المؤمنين القتال) يصون الدماء ويفتح الباب لامكانية انهاء الحرب في كل أنحاء السودان بالطريقة ذاتها، ليكون الحل السياسي أوفر وأسرع و أضمن استقرارا للبلاد.

الفرصة ذهبية أمام هذه الادارة المدنية لتعصم د*ماء السودانيين من المعركة المقبلة وشيكا، وإلا فإن الجيش السوداني لا محالة عائد إلى مدني و سيسترد كامل الولاية قريبا جدا بإذن الله، والأفضل للإدارة المدنية في مدني أن تعمل بمبدأ (بيدي لا بيد عمرو)، وقبل فوات الأوان.. قرار واحد يدخلها التاريخ، أو تقاعس عنه يدخلها أيضا التاريخ من الباب الملعون.. لعنة أبدية لن تمحوها الأيام لأجيال قادمة..

مقالات ذات صلة