حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : ولاية الجزيرة .. الفجر لاح..

بلغ السيل الزبى في ولاية الجزيرة، لا تزال القرى التي كانت آمنة تمارس الحياة في أبسط صورها، تعاني الآن هجمات مستمرة من قوات الدعم السريع لم تستبق شيئا في بيوت المواطنين حتى “بليلة العدسية” المدخرة لشهر رمضان نهبتها ثم تحولت الآن لاجبار الشباب على الانخراط في قواتهم حسب ما ذكر تقرير لـ CNN الأمريكية.

و عمليا ظلت ولاية الجزيرة بأكملها خارج التغطية الهاتفية مما سمح بغطاء لجرائم تفوق ما ظهر منها في العلن ووصل الى اسماع العالم، و عندما يرفع الغطاء بعد اخراج قوات الدعم السريع سيكتشف العالم أن الجرائم التي ارتكبت في ولاية الجزيرة لا تقل عن ما حدث في مدينة الجنينة بغرب دارفور، الفرق الوحيد ان جرائم الجنينة تيسر للاعلام التواصل مع شهود العيان الذي فروا الى معسكرات اللجوء في الجارة تشاد، بينما الجزيرة لا بواكي لها ولم تبلغ مسامع الاعلام المحلي والعالمي الا بأقل القليل الذي لا يكشف الصورة الكلية لبشاعة ما تعرض لها مواطني الولاية.

نعلم أن الجيش له ترتيباته العسكرية التي لا يمكن – ولا يجب- لأحد غيره أن يحدد ساعة صفرها أو كيف تمضي لتستكمل تحرير الولاية وانقاذ أهلها من القهر، فالأعمال العسكرية لها خصوصياتها التي تحجبها عن النظر حتى تُرى رأي العين.

ولكن بالضرورة ندرك أن فجر الخلاص من الظلم بات قريبا، وستعود ولاية الجزيرة إلى حضن الأمان، و ربما تكون فاتحة الطريق لمناطق أخرى في ولاية الخرطوم تنتظر انقشاع ظلامها الذي يقترب من اكمال سنة.
من الحكمة أن تبدأ ترتيبات تسهيل عودة مواطني الجزيرة إلى حياتهم الطبيعية كالتالي:
أولا: بمجرد تحرير ولايتهم يجب تأمين طرق العودة للمناطق التي نزح عنها أهلوها، فكثير منهم لم يعد لديه وسيلة أو مال أو حتى ما يكفي من الغذاء لتدارك فترة النقاهة المطلوبة لحين استعادة الوضع الطبيعي.

ثانيا: ولاية الجزيرة واحدة من أكثر المناطق احترافا للزراعة، و الوقت يقترب بسرعة لموسم زراعي في غاية الأهمية ليس لمعالجة خسائر المواطن والولاية فحسب، بل لتوفير الغذاء لبقية مناطق السودان و الصادر أيضا. والوقت مناسب الآن لتوفير مدخلات الزراعة والتمويل والمعينات الأخرى لتعزيز الاستعداد للموسم الصيفي.

ثالثا: من المهم استعادة الخدمات الأساسية بالتحديد التعليم والصحة، فالتعليم في المستوى العام، و الجامعي في جامعة الجزيرة هو معيار عودة الولاية إلى وضعها الطبيعي حتى ولو لم تتوقف الحرب في الخرطوم، فمن أبسط الافتراضات أن الوقوع في الحفرة مرتان غير وارد، ولن تقع الجزيرة فريسة سهلة مرة أخرى، باذن الله.

أما على في المجال الصحي فهذه الولاية كانت مقصد كثير من المرضى لتوفير المستشفيات المتخصصة فيها، ومن المهم عودة هذه الخدمات الصحية لأفضل مما كانت عليه وفي أسرع وقت ممكن.
عناية الله تحرس الجزيرة والسودان أجمع في كل ولاياته.

مقالات ذات صلة