حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : مشروع حل.. خطوة جديرة بالحوار..

فجأة ودون مقدمات ظهرت على سطح وسائط الاعلام وثيقة مبادرة لحل الأزمة السودانية، دفعت بها مجموعة من القوى السياسية، أبرز ما في الوثيقة فترة انتقالية لمدة 10 سنوات، بحكومة رئاسية و رئيس وزراء لمجلس يضم 30 وزيرا.
وقبل أن أخوض في تفاصيلها أرجو الاشارة إلى أنني كتبت كثيرا خلال الفترة الماضية أدعو للقفز مباشرة للحلول السياسية، فالحرب التي تدور رحاها من 15 أبريل 2023 قامت على خلافات سياسية والحل يجب أن يكون بالتعامل مع مفردات هذه الخلافات السياسية. بل أكثر من ذلك دعوت لتشكيل حكومة مدنية كمدخل للتعامل مع الأزمة بشقيها العسكري والسياسي.

هذه الوثيقة جاءت على مقياس ما كنت ادعو له، فهي رسمت خطوطا لمراحل واجراءات سياسية لتكون مدخلا لمعالجة مسألة انهاء الحرب و استعادة الفترة الانتقالية.

ومن هذا المنطق يجدر النظر لهذه الوثيقة وبمنتهى الجدية على أنها كسر لحاجز التردد نحو مخاطبة الأزمة لا التغزل فيها.. و أنصح القوى السياسية و كل الشعب أن لا تُجهض في مهدها فهي تصلح رأس خيط يقود نحو المخرج من نفق الحرب و التعامل مع الأزمة السياسية التي أدخلت البلاد في نفق الحرب..

صحيح هناك كثير من جوانب هذه الوثيقة تحتاج الى الأخذ والرد، وهذا عين ماهو مطلوب، فليس معقولا تصور حل يخرج من حيث لا حيث ليحل أزمة بلادنا ويخرجها من الظلمات الى النور، كل حل يبدأ بخطوة، و هذه الويثقة تصلح لتكون الخطوة الأولى التي تحتمل البناء فوقها.

ربما البند الاول الذي يحتاج لمزيد من العصف الذهني، لماذا حصانة للقيادات السابقة؟ ولماذا حصانة للأربعة الذين حددت الوظفيه مهامهم في تولى منصب قائد الجيش ونائبيه ورئيس هيئة الأركان؟ ألا تعني مثل هذه الحصانات أن كل من هو دون قائدي الجيش والدعم السريع من حقه التمتع بالحصانة ذاتها؟ فمن يتحمل مسؤولية كل ما وقع على رأس الشعب السوداني من محن و احن؟ أليس هذا بابا مفتوح على مصراعيه للافلات من العقاب؟

ثم ماذا تعني حصانة تمنحها اتفاقية بينما تمهد هذه الاتفاقية لتشكيل مجلس تشريعي “البرلمان”سيكون أسهل ما يقوم به سن قانون يسقط هذه الحصانات و من أول جلسة؟
وكيف يمكن وقف اطلاق النار لمدة 60 يوما (بكل التفاصيل الدقيقة التي ذكرتها الوثيقة لمعنى وقف اطلاق النار) في ظل ترامي أطراف مسارح العمليات في كل دارفور الكبرى وكردفان الكبرى والخرطوم والجزيرة وجزء من سنار مما يجعل مستحيلا الرقابة ورصد اختراقات الأطراف العسكرية للهدنة.

ورغم أن الوثيفة اشارت الى مرجغية اتفاق مايو 2023 في منبر جدة والذي يضم بنودا تأمر بخروج قوات الدعم السريع من بيوت المواطنين والأعيان المدنية الأخرى الا أنها لم تضع ذلك ضمن الاجراءات المطلوبة لا قبل وقف اطلاق النار المؤقت ولا بعده..

هناك كثير من الملاحظات لكن كون الوثيقة مشروع مبادرة ومقترح قابل للتداول حوله يجعل أية اعتراضات أمرا لا يفسد لود الاتفاق قضية..

من الحكمة عدم اضاعة الوقت، أو الجهد في ربط هذه الوثيقة بأطراف سياسية أو شخصية، و بدلا من ذلك تطوير الوثيقة لتصبح اتفاقا متفاوضا ومجمعا عليه من الأطراف كافة.. السياسية والعسكرية والمجتمعية أيضا.

مقالات ذات صلة