حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب :المبعوث الأمريكي.. الجديد..

إلتقينا مساء أمس بالمبعوث الخاص الأمريكي السيد توم بيريلو، تحدثنا حول مهمته، التحديات والفرص التي تنتظرها، و لمسنا حرصه على فتح العدسة على اتساعها لالتقاط أكبر صورة للمشهد السياسي السودان وبلورة الطريقة التي يمكن بها مساعدة السودانيين للوصول إلى حل ينهي الحرب ويحقق الاستقرار السياسي..

الملاحظة الأولى التي لفتت نظري، حرص المبعوث الامريكي على الانفتاح على أراء ومقترحات السودانيين بلا تمييز، مقارنة مع القيادات والقوى السياسية السودانية التي نادرا ما تلتقي بالصحفيين أو النشطاء أو الفاعلين في المجتمع السوداني، و إذا التقوهم غالبا ليحصروا المنبر في حديث باتجاه واحد.. وعلى الجميع أن يسمع بلا تعليق..
الملاحظة الأولى التي ظهرت لي، أن الولايات المتحدة الأمريكية استفادت كثيرا من الفترة الماضية منذ اندلاع الحرب، وخلال مشاركتها في منبر جدة، من أخطائها، والتي نجمت غالبا اما من نصائح لم تكن سديدة تلقتها وعملت بها، أو من تصورات مسبقة لدى أمريكا كانت تحتاج إلى تحديث لتواكب المشهد المتقلب بسرعة..

أدركت امريكا أنها بحاجة ماسة للاستماع إلى وجهات نظر أقرب وأكثر صدقية في تمثيل المجتمع السوداني، صحيح الأحزاب يفترض أن تكون المُعَبر سياسيا عن الشعب، لكن ربما لمست أمريكا أن الأحزاب السودانية تعبر عن نفسها أولا، وعن مصالحها ثانيا، وعن عشمها في السلطة ثالثا، ولاتمثل وجه نظر الشعب إلا بقدر ما تمثله وجهة نظر الشعب في أولويات مصالحها..

الفترة المتبقية لانقاذ السودان من الوقوع في براثن الفك المفترس لا تتجاوز الثلاثة أشهر، يتطلب الوصول فيها إلى حل يوقف الحرب ويستكمل المسار الانتقالي الذي يفضي إلى انتخابات تحدد الممثلين الحقيقيين للشعب..
وبقدر ما تبدو المهمة صعبة لقصر المدى، إلا أنها سهلة وقابلة للتحقق إذا تخلت القوى السودانية عن التغابن السياسي الذي تعيشه وتطلعت إلى مصالح الشعب والبلد والتي هي بالضرورة مصالحها لو كانت ترشد..
المبعوث الأمريكي – الذي زار السودان مرة واحدة وبالتحديد دارفور في عز أزمتها قبل سنوات في العهد السابق- يبدو منفتحا على الجميع سياسيا ومجتمعيا وأمامه تفويض وصفه هو بالقوي من الادارة الأمريكية للتوصل الى حل في السودان.. ولاحظت أنه متفائل.

كتبت على صفحتي في يالفيسبوك (يجب قرع جرس الانذار، لم يعد من زمن الا ثلاثة أشهر) وكالعادة أتلقى تعليقات مفيدة للغاية من المتابعين وأصدقاء الصفحة.. كتب لي أحدهم (ورينا محل الجرس وين؟) ورأيته تعلقا ذكيا لانه التقط الفكرة بأفضل زاوية.. فإن كان مطلوبا قرع الجرس، فأين الجرس نفسه؟

هذا السؤال يضرب في اتجاهين، الأول أن المشكلة ليست في احداث التأثير المطلوب للفت الانتباه وحل المشكلة فحسب، بل حتى في تحديد هوية الخطر نفسها..
الاجابة تحتاج الى عمود كامل منفصل..

مقالات ذات صلة