حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب: موقف غريب!!
لم استطع ،أمس الأول ، فهم تغريدتين الأولى للأستاذ ياسر عرمان والثانية للمهندس خالد عمر يوسف، أقرا فيهما بالجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة وطالت حوالي مائة قرية جردتها من كل شيء و قتلت عشرات المواطنين الأبرياء.
كلا القياديين طالبا قوات الدعم السريع بمحاسبة الجناة، و هذا موقف غريب لأن الجناة ممكن أن يكونوا أفرادا أو متفلتين في حال كان الهجوم على قرية أو اثنتين أو حتى ثلاثة.. لكنها هجمات واسعة على عشرات القرى المتباعدة جغرافيا.. فهذا فعل جماعي مؤسسي يتطلب وسائل حركة ونقل لا تكفي لحمل الجنود بأسلحتهم فحسب، بل ومعهم ما ينهبونه من البيوت. مهما رخص ثمنه وثقل وزنه..
هذه الجرائم واسعة النطاق لا تستطيعها مجموعات معزولة عن بعضهما فهو عمل يتطلب سيارات و امداد ذخائر و مؤن و اوامر تحرك و غطاء عسكري في حال تعرض هذه الحملات لرد فعل من الأهالي و هو ما حدث فعلا في بعض المناطق حيث دافع بعض الشباب عن أنفسهم فكانت النتيجة ان جاءت عشرات السيارات القتالية المدججة بالسلاح واستباحت قرى باكملها وفرضت عليها عقابا جماعيا صارما يشمل القتل والسحل والتعذيب والاعتقال والتجويع والحرمان من العلاج.
كيف يطالب عرمان وخالد بمحاسبة الذين ارتكبوا هذه الجرائم وكأنها فعل فردي وليس عملاً مؤسسياً يحظى بغطاء مؤسسة الدعم السريع.
هذا الموقف سيحاسب عليه التاريخ ولن تنساه صفحات التوثيق التي ترصد يوميات اشنع حرب في الدولة السودانية كشفت الغطاء الذي ظلت تفرضه الشعارات المرفوعة على الرايات.
الموقف الصحيح هو المطالبة بخروج قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة برمتها، فهي ليست هدفاً عسكرياً و لو تحججت بوجود الفرقة الأولى التي كانت في مدني فقد انسحبت منها، و حتى لو كانت موجودة فإن مدينة مدني منطقة مركزية في الجزيرة تبعد مئات الكيلومترات عن القرى المتباعدة التي طالتها هجمات الدعم السريع طوال الأسابيع الماضية، فلا يوجد تفسير للهجوم على قرية صغيرة ليس بها سوى الأهالي الذين يمارسون حياتهم الطبيعية بعيدا عن كل أجندة الحرب التي اندلعت في الخرطوم في ابريل 2023.
خروج قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة قرار لا يجب أن يرتبط بحسابات النصر والهزيمة، فهو أمر يتعلق ليس بواطني ولاية الجزيرة وحدهم بل بجيمع الذين لاذوا بالجزيرة من مختلف مناطق السودان وكانت توفر لهم المأوى والطعام والشراب والدواء والامن..
لمصلحة من يتحول مواطن الجزيرة إلى هدف عسكري تطارده التاتشرات؟