حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب :ولاية الجزيرة.. لماذا؟؟
ولاية الجزيرة بكل مدنها الكبيرة وقراها الصغيرة وانسانها الجميل كشفت أنحرب الخرطوم التي اندلعت في 15 أبريل لم يعد يستر رايتها شعار أو مباديء أو أية حيثيات سياسية.. فالقتل المجاني الذي انتشر بعد النهب الواسع لممتلكات المواطنين والدولة لا يستطيع أي شخص الدافع عنه أو تبريره بأي حجة ..
صحيح أن قوات الدعم السريع استولت على ممتلكات المواطنين و الأصول العامة في ولاية الخرطوم قبل الانتقال للجزيرة ويكاد تكون كل أسرة في ولاية الخرطوم نالها من جرائم الدعم السريع نصيب، لكن مع هذا فان ما حدث ولا يزال في ولاية الجزيرة أمر لا يصدق..اجتياح كامل لقرى لا يملك مواطنوها الا القليل، ومع ذلك سرقت كل ممتلكاتهم مهما ثقل وزنها و خف ثمنها، ثم طالها سفك الدماء للأطفال قبل الكبار وللنساء والرجال معا..
والمواطن معزول لا يجد من يدافع عنه.. فيموت بالقهر قبل الرصاص..
لا أحد يدعي القدرة على انقاذ اهل الجزيرة سوى الجيش ولكن لا أحد أيضا يستطيع أن يخطط للجيش فهو ادرى بالطريقة التي يدير بها عملياته وهذا حرز لا يجب التطفل أو التغول عليه.. فالذي يدفع ثمن العمليات العسكرية هم الضباط والجنود و هم أهل مكة و ادرى بشعابها و نترك لهم تقدير الوضع ونثق أنهم يعلمون متى يمتشقون الحسام من غمده على قول الشاعر المتنبي :
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا.. مضر كوضع السيف في موضع الندى.
لكن في المقابل فإن الصمت الرسمي على ما يجتاح سكان ولاية الجزيرة لهو أيضا جريمة.. فلا يعقل أن تتحول كارثة ولاية الجزيرة الى مجدر بيانات قصيرة تصدرها بعض اللجان المحلية، مع تأكيد احترامنا لها، فالمصيبة أكبر كثيرا وتتطلب اثارتها ليس في وسائط الاعلام فحسب بل على كل المستويات الداخلية والخارجية خاصة المنظمات القانونية و حقوق الانسان التي يجب أن ترصد وتدين هذه الجرائم وتعمل على ضمان عدم افلات مقترفيها من المحاسبة.
صحيح أن أرقام القتلى والممتلكات والأصول المنهوبة في الخرطوم قد تكون أضعاف الجزيرةـ
و القتلى في دارفور أضعاف من قتلوا في الخرطون والجزيرة معا.. لكن الأصح أن نقل المعارك الى ولاية الجزيرة لم يكن له أي مبرر أو حيثيات عسكرية او سياسية.. وهي منطقة تداخل سكاني تتمتع بتعايش نموذجي بين القوميات السودانية.. فلماذا يشعل فيها الحريق؟