عمار العركي يكتب: قراءة تحليلية في الاتفاق التركي الصومالي

(وقَّعت تركيا و الصومال في 8 فبراير 2024 على “الاتفاق الإطاري للتعاون الدفاعي والاقتصادي ومكافحة الإرهاب” لتعزيز التعاون الأمني بينهما؛ يشمل جوانب مختلفة عسكرية واقتصادية وإنسانية) :-

1. الإتفاق جاء بالتزامن مع جملة تطورات لاوضاع سياسية وأمنية ذات صلة مباشرة على مستوى منطقة القرن الافريقي عامة وعلى مستوى الحرب في السودان والأزمة الأثيوبية الصومالية ، والأثيوبية الإريترية وبالتالي كان للاتفاق العديد من الدلالات في ظل مؤشرات ومعطيات سابقة مما سيلقي بظلاله على تلك الاوضاع.

2. الإتفاق لايخرج عن سياق الوضع الراهن على صعيد (أمن البحر) الذي تأثر بإفرازات الحرب في غزة والسودان وتداعيات النفوذ الإيراني وحضوره الأخير عبر اعادة السودان للعلاقات مع ايران.

3. في إطار السياق أعلاه، عزز الإتفاق من حضور الولايات المتحدة وحلفيتها تركيا في الصومال بعد أن أنشأت تركيا أكبر قاعدة عسكرية خارجية لها بالصومال في العام 2017م بتنسيق ودعم امريكي.

4. بدورها ابرمت الولايات المتحدة في 15فبراير الجاري اتفاق دفاع عسكري مماثل مع الصومال، وبعد اسبوع فقط من اتفاق تركيا -الصومال.

5. وفي مسار ذو صلة ، أقدمت الولايات المتحدة قبل فترة قصيرة من الإتفاق مع الصومال على تغيير نهج التشدد والعقوبات حيال اريتريا – حليفة الصومال – ، الذي استمر قرابة العقدين وأعلنت أمريكا عن تقارب واستراتيجية للتعامل والتعاطي مع ا(سمرا).

6. نجاح مراهنة الرئيس الصومالي “حسن شيخ محمود” على الدعم التركي ، حيث سبق و زار أنقرة في نهاية أكتوبر 2023 والتقى نظيره التركي “رجب طيب أردوغان” الذي أكد أن “استقرار وأمن الصومال لهما أهمية بالغة بالنسبة لأمن القارة الأفريقية بأكملها”، وجدد دعم أنقرة للصومال في محاربة الإرهاب وإعادة الإعمار.

7. أكد “حسن شيخ ” أن “الصومال يَعتبر تركيا شريكاً وصديقاً هاماً له”، وثمن دعمها لمقديشو في حربها ضد الإرهاب، وأعلن نهاية المرحلة الأولى منها بتحرير أكثر من 80 بلدة من الإرهابيين. واتفق الرئيسان على تفعيل دور الحكومة التركية في الأمن وبناء الدولة والاستثمار في الصومال.

8. على صعيد الإقليم ، سبق الاتفاق بروز ملامح تحالف (صومالي مصري ارتري) ضد العدو المشترك (أثيوبيا) حيث كانت تركيا تدعم اثيوبيا وقدمت لجيشها “المسيرات التركية” التي حسمت موقف الحرب لصالحه ، حينها كانت (الصومال وارتريا) حلفاء لأثيوبيا – عدوتهم اليوم – في تلك الحرب الامر الذي.يضع (تركيا) امام تحدي الاحتفاظ بالعلاقات الجيدة مع الجميع.

9. لا نستبعد الدور (المصري) في هندسة الاتفاق وتحييد وتطمين موقف اريتريا من تركيا حيال الاتفاق باعتبار الموقف المبدئي للرئيس (افورقي) الذي يرفض اي وجود اجنبي من خارج الإقليم في الساحل الافريقي الشرقي ، اضافة للعلاقة المضطربة بين ارتريا وتركيا.

10. بالنظر لما ذُكر ، وفي ظل راهن الصراعات والأزمات وتحولات المواقف في القرن الافريقي المضطرب وغير المستقر نتوقع ان يكون للاتفاق تأثيراته على مستوى دولتي الاتفاق والإقليم منها :-

11. تطوير وتعزيز قدرات الجيش الصومالي بما يمكنه من مواجهة التحديات والقضاء على الارهاب ( حركة الشباب ) وشبح الحرب الأهلية باحتواء (التوترات القبلية والعشائرية ).

12. تطوير الدعم التركي للصومال في مواجهة إثيوبيا في كل المسارات السياسية والدبلوماسية التي تكفل للصومال افشال المخطط الأثيوبي ، او من خلال العلاقة الجيدة والمصالح التركية في اثيوبيا يمكن لتركيا لعب دور الوسيط المثالي لحل للخلافات بين البلدين.

13. حال اتخاذ تركيا موقف داعم للصومال ضد اثيوبيا ث، سيعمل على تعزيز العلاقات التركية مع الدول العربية الداعمة والمناصرة للصومال ، التي تحسنت بعد ان سآت وتدهورت بفعل الخلافات في عدد من الملفات الاقليمية.

14. وفي الاتجاه المغاير ، فإن الدعم التركي للصومال في مواجهة إثيوبيا سيؤدي إلى إثارة التوتر في العلاقات بين أنقرة وأديس أبابا الذي سيتخذ عدة أشكال مستقبلاً.

* *خلاصة القول ومنتهاه: -*
• في كل الأحوال فإن الاتفاق ومن خلال شموله الإستراتيجي وفي حال تمكن تركيا من ادارة الإفرازات السالبة ، سيُمكن تركيا من تعزيز علاقاتها و تموضعها ونفوذها في القرن الأفريقي، مما يؤدي إلى تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين الأمن القومي التركي وأمن البحر الأحمر.

مقالات ذات صلة