عمار العركي يكتب خبر و تحليل: الصومال و السودان: تختلف السناريوهات و الهدف واحد

* تفيد الأخبار بوصول عدد اربعة جثامين لعسكريين إماراتيين مطار أبوظبي ، بعد أن لقوا حتفهم في الصومال وجرح ما يزيد عن 20 شخص من جنسيات اماراتية وبحرينية وصومالية إثر عملية ارهابية في العاصمة مقديشو ، فيما أصدرت حركة الشباب الصومالية بيانا اعلنت فيه مسؤليتها عن الهجوم الذي تعرضت له القاعدة العسكرية التابعة للجيش الصومالي .

* خبر الحادث وبيان حركة الشباب الصومالية المصنفة كمنظمة إرهابية ، أعاد للأذهان سلسلة أخبار العمليات الارهابية والتفجيرات الانتحارية وبيانات حركة الشباب بتبنيها والمسئولية عنها ، وذلك بعد فترة قاربت العامين من الهدؤ والاستقرار النسبي بعد كسر شوكة حركة الشباب في أعقاب الهزائم والخسائر البشرية والمادية التي الحقها بها الجيش الصومالي المدعوم من الولايات المتحدة وقوات حفظ السلام الإفريقية “الأمصوم” والتي غادرت الصومال مؤخراً تزامناً مع سحب الادارة الامريكية السابقة لجنودها في الصومال وايقاف الدعم المُقدم ، ظناً منهم بأن الإرهاب في الصومال قد انتهي ، ولكن الإرهاب يمرض ويخبو ، لكنه لا يموت وسريعا ما يظهر ويتوهج
“بفعل فاعل” ونتيجة لإستفزازه وإثارته.

• ما دار في السودان من قبل 15 ابريل بصعود نجم “حميدتي” ومحاولات وصوله للسلطة في السودان ولو بالقوة بعد 15 ابريل ، والذي سبقه صعود ابي احمد للسلطة في اثيوبيا 2018م، عقب صعود الرئيس السابق عبدالله فرماجو للسلطة في الصومال ، كل ذلك ياتي في إطار لعبة جيوسياسية إقليمية في إطار سباق نفوذ القوي الدولية ، وفق سناريو يديره حلفاء القوي المهيمنة مع بعض الأطراف الإقليمية في القرن الأفريقي، بهدف وضع قواعد جديدة للعبة الإقليمية وإعادة هندسة المنطقة، بما يجعلنا أمام مناورات ومغامرات متعددة الأهداف متسقة وذات صلة في كل دول القرن الإفريقي في إطار اللعبة والسناريو الموضوع.

• تزامنا مع المحاولة الفاشلة لاستيلاء حميدتي علي السلطة وبالتالي فشل مخطط إستحواذ علي موانئ بورتسودان وآراضي الفشقة الزراعية السودانية لصالح دول المخطط ، توجه الحليف الإثيوبي أبي احمد في الأول من يناير الماضي صوب الإقليم الصومالي الإنفصالي”أرض الصومال” وأبرم اتفاقًا مبدئيًّا بموجبه تتمتع أثيوبيا بالوصول إلى البحر الأحمر تمهيدًا لإقامة قاعدة بحرية تجارية إثيوبية بالقرب من ميناء بربرة على مساحة 20 كيلومتر مربع لمدة 50 عامًا بحسب الاتفاق، مقابل اعتراف الحكومة الإثيوبية بـ”أرض الصومال” كدولة مستقلة، وحصول “أرض الصومال” على حصة قدرها 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية.

• بهذا الاتفاق “المدعوم من اطراف أخري ذات مصلحة” تحقق إثيوبيا طموحها القديم لحماية مصالحها الحيوية، وإيجاد موطئ قدم تجاري واقتصادي لها ،واعادة التموضوع الاستراتيجي للأطراف الأخري والقوي التي تدير اللعبة بعد ان فشلت في في عدة محاولات ومناورات تموضع سابقة في السودان وارتريا واليمن وجيبوتي.

• اطماع وحماية مصالح هذه الأطراف الإقليمية ، يثير المزيد من التساؤلات حول دورها الحقيقي في تشكيل سياسة آبي أحمد الخارجية خلال السنوات الأخيرة منذ صعوده للسلطة في عام 2018م، والذي أعاد المنطقة لمربع الحروب والعنف وتنشيط بؤر الإرهاب.

• اعلان حركة الشباب الصومالية الارهابية مسئوليتها عن مقتل الضباط الإمارتين الاربعة وعسكري بحريني وجرح ما يزيد عن العشرين شخص من الجنسية الامارااية والبحرينية والصومالية علي يد احد النظاميين المعنيبن بالحراسة والتأمين لهو تجسيد حقيقي لما ذكرناه من تهديد واستهداف اقليمي شامل بتنشيط واستفزاز الإرهاب الخامد وخامل واشعال البؤر الخامدة ، فيما كشف الحادث عن سؤال مهم ومعقد ، يشبه تعقيدات المنطقة ، فيما تتعاون وتتعاطي الامارات مع الجيش الحكومي الصومالي ؟ وهو ذاك الجيش الذي تتحالف الامارات مع اثيوبيا ضده ؟ وهو الجيش الذي يعارض ويقاوم تواجدها وحليفتها اثيوبيا في السواحل والموانئ الصومالية ؟؟

• بعد ميلاد (مليشا الدعم السريع الإرهابية ) الابن االشرعي لحلفاء القوي المهيمنة الإقليميين ، ها هو (ابي احمد) يرمي بحجر في مياه (هرجيسا) الانفصالية والصومال الاتحادية الراكدة ، فيرد الروح ويحرك ساكن ارهاب حركة الشباب الصومالي ويعيد سيرة المواجهات الدامية والتفجيرات والعمليات الإرهابية الإنتقامية السابقة، ودفع حركة الشباب لتصفية حسابات قديمة بين حركة الشباب والجيش الأثيوبي الذي الحق بها هزائم وخسائر فادحة فترة مشاركته كقوة رئيسية وغالبة ضمن قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات في الصومال ( الأمصوم).

• مقتل الضباط الامارتيين في مقديشو يعد فصلًا جديدًا – حذرنا منه – ضمن سلسلة الأزمات الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة على مدار السنوات الماضية بفعل فاعل وتلبية لنزوات واطماع إستحواذية توسعية ، آخرها كان سناريو حرب 15 ابريل في السودان والذي يُعد تجميع لكل للخيوط والخطوط ذات الصلة باللعبة الإقليمية برُمتها.

• في ظل المخاوف من تنامي التوترات السياسية واندلاع الحروب الأهلية كبيئة وحاضنة خصبة للإرهاب بين دول المنطقة لا سيما حركة الشباب الصومالية والجيش الصومالي والجيش الإثيوبي والقوميات الاثيوبية المتناحرة والجيش الارتري المتربص ، اضافة لنشاط مليشا الدعم السريع الإرهابية الإقليمية زائدا بروز بعض حركات دارفور المُسلحة كلاعب جديدة في منطقة شرق افريقيا بعد أن كان نشطاً في غربها ، لا شك بأن منطقة القرن الإفريقي مقبلة بخطي متسارعة نحو سيناريو “البلقنة” مما يعني تقسيم دول المنطقة إلى دويلات متنازعة تعصف باستقرار المنطقة وتلاشي الخارطة الحالية للقرن الافريقي، وإحلال كتلة بتصورات جيوسياسية جديدة.

• خلاصة القول ومنتهاه:

• ( تتعدد السناريوهات في المتطقة.ويظل الهدف واحد) ، ففي العام 2018م ايام اتفاق السلام الاثيوبي الارتري الكذوب ، ونشؤ تكتل لتعاون اقتصادي اقليمي ثلاثي بعد اضافة الصومال وتحفظ جيبوتي وتعمد إقصاء السودان ،توقعنا تضرر السودان مستقبلاً وخلصنا الي ضرورة تجسير العلاقات الإستراتيجية وتقويتها مع الصومال وجيبوتي كعمق استراتيجي للسودان ، وجوار مهم لأثيوبيا وارتريا سيما وكل عوامل التجسير والتطوير كانت متوفرة وحاضرة مع الدولتين ، ولكن انشغال السودان بأزمته الداخلية شغلها عن الخطر الخارجي.

• الآن التاريخ يعيد نفسه ، والفرص والعوامل مواتية لتحالف يجمع بين “المصابينا” والمتضررين الآوائل من السناريو القادم (السودان ، الصومال ، اريتريا، مصر)، سناريو لمصير مظلم وقاتم يبدأ بالدولة القاصية والمنعزلة والتي تقاتل وحدها بعد تكالب الجميع عليها ،

• الاعلان الرسمي عن تحالف اقليمي استراتيجي لتلك الدول الأربعة بعد مقاومة الضغوط والمعوقات ، من شأنه وبشكل مبدئي إعاقة سير المخطط، وإتاحة الفرصة لإلتقاط الأنفاس ريثما تعيد كل دولة ترتيب اوضاعها وكيفية مواجهة المخطط الدولي الضخم متعدد السيناريوهات.

مقالات ذات صلة