عثمان ميرغني يكتب : “تقدم” في جوبا.. “الحلزونة يما الحلزونة”

في عروس المدائن “جوبا” عاصمة جنوب السودان التقت أمس تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية “نقدم” بالرئيس سلفاكير ميارديت، و قالت “تقدم” أنها شرحت له (تطورات الأزمة في السودان وتفاقم الكارثة الإنسانية – في ظل استمرار حرب 15 أبريل للشهر العاشر – وما تمثله من تهديد لانزلاق السودان نحو الحرب الأهلية والفوضى الشاملة والتقسيم) حسب نص البيان الرسمي الصادر من “تقدم”.

الرئيس سلفكاير بالطبع يعلم تفاصيل وخفايا الأوضاع وتطوراتها في السودان ربما أكثر من “تقدم” نفسها، فكان رد فعله (اعتزام دولة جنوب السودان تقديم تصور للقوى المدنية لحل الأزمة في السودان عبر الحوار المفضي لتحقيق السلام والاستقرار) حسب نص بيان “تقدم”.

الذي ينظر إلى الفضاء السياسي السوداني بتجرد بعيدا عن العواطف والانتماء السياسي يدرك تماما الثقب الأسود الذي يجعل بلادنا تدور في “الحلزونة يما الحلزونة”.. مجرد تحديد موعد في جدول أعمال شخصية في مقام الرئيس سلفكاير ثم السفر إلى جوبا ولقائه أمر في غاية الأهمية وكل ثانية فيه من ذهب بمقياس ما يخرج عن اللقاء.

فإذا التقت قوى سياسية سودانية مقدرة مثل “تقدم” بالرئيس سلفكاير فإن آخر ما يجب أن تفرح به هو الصور الفوتوغرافية التي تبث في الوسائط لتوثق الانجاز، فالفرصة لا تتكرر بسهولة، أشبه بكرة تمر بين قدمي المهاجم أمام المرمى الخالي ويركلها فوق العارضة، كم مرة يحدث ذلك في عمر المباراة؟.

وفد تنسيقية “تقدم” عَرَض رؤيته (التي تؤكد على أهمية وقف الحرب كأولوية قصوى لمعالجة الكارثة الإنسانية وابتدار مسار سلمي سياسي لمخاطبة قضايا الأزمة الوطنية المتراكمة والتوافق على معالجاتها بما يفضي للمحافظة على وحدة السودان وتحقيق السلام المستدام والعدالة والتنمية وجيش قومي ومهني واحد وحكم مدني ديمقراطي وتنفيذ شعارات ثورة ديسمبر المجيدة) كماورد في نص البيان الرسمي.

وهو بالتحديد تكرار ممل لما بث مصورا و نشر نصا عند لقاء “تقدم” مع قائد قوات الدعم السريع في أديس أبابا.
ما معنى أن تطلب موعدا مع الرئيس و تضرب أكباد الطائرات للوصول إلى جوبا ثم (تشرح له الوضع في السودان) الذي يعرفه أفضل منك، ثم (تعرض عليه الرؤية) التي عرضتها ونشرتها قبل أسابيع في أديس أبابا وبالضرورة سلفاكير يعرفها أيضا، ثم تشكره على استقبال دولة جنوب السودان لاخوتهم السودانيين.. وتلتقط الصور التذكارية لتبثها في الوسائط بروح ها نحن نعمل من أجلكم..

هذا محض اضاعة لوقت الرئيس سلفكاير وقبله الشعب السوداني الذي ينظر إلى عقارب الساعة تلدغه في كل ثانية تمر وهو يعيش في النزوح أو اللجوء أو تحت قصف الدانات ولا يجد الغذاء و لا الدواء ولا الماء، و ان وجدها لم يجد المال لأنه بلا عمل منذ أكثر من عشرة أشهر..

أنا لا أريد أن انتقص من مجهود السيدات والسادة في “تقدم” ولكن بالضرورة هم يضيعون وقتهم وجهدهم في تفسير الماء بالماء.. وجمع الصور التذكارية و بعض قصاصات الأخبار في الوسائط الاعلامية.

يجب على الجميع أن يدرك أن الشعب السوداني في وضع لا يسمح له إلا أن يرى الشباك تهتز، فات أوان اللعب في وسط الميدان، اما أن تحرز الأهداف أو لا تشغل حيزا في الميدان افسح المكان لغيرك..

بصراحة الساسة يعملون بهِمة “الفورة مليون”، بينما الشعب السوداني تخنقه المصائب.. هذا ليس “تقدم” بل “تخلف” قاتل..

مقالات ذات صلة