عثمان جلال يكتب / المؤتمر الوطني صحح الخطأ وواجب قحت المجلس المركزي تصحيح الخطيئة الاستراتيجية
(١).
الثابت أن مليشيا الدعم السريع اسسها الرئيس السابق البشير بدءا لمنازلة الحركات المسلحة في دارفور ، وأجيز قانون تأسيسها عام ٢٠١٧ في برلمان يمتلك حزب المؤتمر الوطني فيه الاغلبية. ثم تطورت أدوار المليشيا العسكرية وتجاوزت الحدود الوطنية للمشاركة في حرب اليمن منذ العام ٢٠١٥ ، إلا أن هذه القوات كانت محدودة من حيث العدد والعتاد والمهام وتحت الاشراف والسيطرة الفنية والمهنية لرئيس أركان الجيش ومن حق القائد الاعلى للقوات المسلحة حلها وتسريحها ودمجها
الثابت أيضا أن قوات الدعم السريع تأسست بعد مفارقة الكتلة الاجتماعية والفكرية الصلبة للتيار الاسلامي لمشروع سلطة الانقاذ وانحيازهم لتغيير النظام عبر خيار الثورة (وهذا خطأ استراتيجي وقع في فخه الاسلاميين وخصصت تحليله في المقال القادم).
الثابت ايضا ان الرئيس السابق البشير نزع الى توظيف قوات الدعم السريع في صراعه مع تيار التغيير والاصلاح داخل المؤتمر الوطني وذلك لإعادة ترشيحه في انتخابات ٢٠٢٠ مما يعد مخالفة لدستور ٢٠٠٥ ، والنظام الاساسي للمؤتمر الوطني والكل يتذكر تصريحات الرئيس البشير (حميدتي حمايتي)، وتصريحات حميدتي(البشير مرشح رئاسة الجمهورية فوق رأس اي زول).
(٢).
الثابت ايضا ان مليشيا الدعم السريع اججت الحرب والقتل على اساس الهوية في دارفور حتى وصف وزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول تلك الحرب بالمأساة المنسية وظلت هذه المليشيا الاداة الغليظة في يد الرئيس البشير ، بالتالي فإن العرفان الثوري كان يحتم حلها وتسريحها ودمجها قبل مغادرة الثوار لميدان الاعتصام في القيادة العامة عقب الاطاحة بالرئيس البشير في ١١ ابريل ٢٠١٩ كشرط ثوري لانفاذ مهام المرحلة الانتقالية ، ومن ثم انجاز قضايا البناء الوطني والتحول الديمقراطي المستدام لان بقاءها يشكل ثورة مضادة وقد كان ولكن ماذا صنعت قحت المجلس المركزي مع هذه المليشيا؟؟
اقصت تيار الاصلاح والتغيير الديمقراطي وسط الاسلاميين من معادلة الثورة وطردتهم من وظائفهم ونزعت لتصنيف التيار الاسلامي منظمة ارهابية تماهيا مع الرؤية الاماراتية وهو التيار الاكثر تأثيرا وانتشارا في المجتمع السوداني.
(٣).
كذلك احتضنت قحت حميدتي ووصفته بالضكران الخوف الكيزان ، وأيدت ترفيعه في منصب الرمز السيادي الثاني في الدولة ، ووقعت معه الوثيقة الدستورية في اغسطس ٢٠١٩ ممثلا للمكون العسكري
وأيدت قحت إلغاء المادة (٥) من قانون تأسيس الدعم السريع وترتب على ذلك فك الارتباط الفني والاداري بينه والجيش وإطلاق العنان لتضخم امبراطوريته العسكرية والاقتصادية ، ونسج حميدتي منوال شبكة تحالفاته الإقليمية والدولية وسلمته قحت ملفات الاقتصاد والسلام ، وأبرمت بعض قيادات قحت معه صفقات تجارية واستثمارية بعد أن شرعنوا للمليشيا الحق القانوني في ممارسة النشاط التجاري وحرموا هذا الحق للجيش وبقية القوات النظامية الاخرى ، وثالثة الاثافي اعتبروا الدعم السريع النواة الصلبة للجيش السوداني الجديد بعد تفكيك الجيش السوداني بكل ميراثه في النبالة والتضحيات، ثم توجت قحت المجلس المركزي ردتها الثورية بالتحالف مع دولة الامارات العربية راعية الانظمة الاستبدادية في المنطقة
ثم حرضت مليشيا ال دقلو على شن حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ لإقامة الديمقراطية المستدامة وايقونتها حميدتي الضكران وكانت ياعرب بتعبير استاذنا بروف عبد الله علي ابراهيم. وهذه خلاصة انتفاضة ديسمبر ٢٠١٨م. وبثمارها تعرفونها
(٤).
لقد صحح حزب المؤتمر الوطني خطأ دوره في تأسيس مليشيا آل دقلو بالاصطفاف مع الجيش والشعب السوداني في معركة الكرامة ، والواجب الاخلاقي والوطني يحتم ايضا على قحت المجلس المركزي تصحيح الخطأ الاستراتيجي وذلك بنفض تحالفها مع دولة الامارات العربية المتحدة ومليشيا آل دقلو الارهابية والانحياز مع الجيش والشعب في معركة الشرف الوطني.
ان تحالف قحت/ تقدم يدرك أن معادلة التحالف مع مليشيا آل دقلو ودولة الامارات العربية لن تثمر مولودا ديمقراطيا ، بل سيؤدي الى الحرب الاهلية وتفكيك السودان على أسس صراع الهويات القاتلة ، او تشييد نظام أسري استبدادي وعنصري . وحتما سترتد بندقية آل دقلو على تحالف قحت/تقدم ولو بعد حين.
كذلك يدرك تحالف قحت/ تقدم ان معادلة اصطفاف كل قطاعات الشعب السوداني والقوى السياسية مع الجيش تعني هزيمة مشروع أسرة آل دقلو النازي والتصفوي، وصمود ووحدة الدولة السودانية ، وتعني إدارة مهام المرحلة الانتقالية وقضايا البناء الوطني والديمقراطي بذات روح الشراكة والوحدة والإرادة التي هزمت مشروع مليشيا آل دقلو في الميدان.
والكرة لا زالت في ملعب تحالف تقدم لتصحيح الخطيئة الاستراتيجية والتاريخ ماكر ويضمر الشر لمن لا يتعظ منه بتعبير هيغل.
الجمعة/ ٢ فبراير ٢٠٢٤