قفزة كبيرة للدولار و100 مليار دولار تقديرات خسائر الحرب
سجل سعر صرف الدولار قفزة كبيرة في البنوك والسوق الموازي خلال الأيام الماضية، حيث بلغ 1050 جنيه في بنك أمدرمان الوطني بينما بلغ 1120 جنيهاً في السوق الموازي.
وحسب المنشور الصادر من بنك الخرطوم، فإن سعر صرف الدولار بلغ اليوم الأربعاء 1035 بزيادة قدرها 85 جنيهاً بنسبة بلغت نحو 9 في المائة خلال يوم واحد.
وعزا الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم فتحي، في مقابلة مع راديو دبنقا، ارتفاع سعر صرف الدولار إلى استمرار الحرب للشهر العاشر، والتوقف التام للقطاع الصناعي وتراجع القطاع الزراعي وتوقف حركات الصادرات، بجانب وزيادة الطلب على الدولار بسبب واستمرار اللجوء إلى دولار الجوار وتزايد حركة الاستيراد بصورة مشروعة وغير مشروعة.
تدمير القطاع الصناعي
وأكد الدكتور هيثم إن القطاع الصناعي كان يعتمد بدرجة أساسية على ثلاث ولايات، هي الخرطوم وجنوب دارفور والجزيرة.
وتسيطر قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة ومعظم ولايات دارفور إضافة إلى سيطرتها على مناطق واسعة في العاصمة الخرطوم وأجزاء من كردفان.
وقالت وزيرة الصناعة المكلفة، محاسن علي يعقوب، في تصريحات صحفية في ديسمبر الماضي أن القطاع الصناعي تأثّر نتيجة للحرب الدائرة في البلاد بصورة كبيرة جداً، حيث تم تدمير أكثر من 90% من المصانع القائمة في ولاية الخرطوم، لا سيّما وأن معظم الصناعة تركّزت في ولاية الخرطوم، مما أدى إلى فقدان معظم السلع الاستهلاكية، والتي من أهمها المنتجات الغذائية والأدوية وغيرها.
ولكن وزير المالية الدكتور جبريل ابراهيم إلى أن هناك فرصة لتفعيل قطاع المعادن ونقل الصناعات إلى المناطق الآمنة.
وتشير تقارير إن أن تقديرات اقتصادية إلى أن خسائر القطاع الصناعي إلى أكثر من 30 مليار دولار وتسبب في تسريح أكثر من مليون دولار.
وأكد الدكتور هيثم إن توقف القطاع الصناعي دفع التجار لاستيراد السلع والمواد الغذائية من دول الجوار بصورة مشروعة وغير مشروعة مما زاد الطلب على الدولار.
اللجوء والهجرة سبباً لارتفاع الدولار
وأضاف أن استمرار اللجوء والهجرة إلى دول الجوار بسبب الحرب ومن أجل البحث الاستقرار ومواصلة التعليم والاستثمار تسبب في زيادة الطلب على الدولار.
وحسب احصائيات منظمة الهجرة الدولية فإن الحرب أدت إلى نزوح أكثر من سبعة ملايين شخص ولجوء 1.5 مليون إلى دولار الجوار خاصة تشاد ومصر وجنوب السودان بجانب دول أخرى.
تراجع الصادرات
ويشير الدكتور هيثم إلى تأثر قطاع الصادرات بالحرب، خاصة الثروة الحيوانية حيث تأثرت مناطق الانتاج في دارفور وكردفان التي تمثل أكبر منطقة لانتاج الماشية، خاصة الضأن والماعز والأبقار.
وبالمقابل وكيل وزارة الثروة الحيوانية الاتحادي دكتور حسن التوم عبدالله إن صادرات الثروة الحيوانية في ٢٠٢٣م بلغت ما يقارب خمسة مليون راس حي واعتبر ورقم غير مسبوق في الخمسة سنوات الماضية رغم الحرب الدائرة في البلاد. وقال إن صادر الضأن بلغ ( ٤٤٤١٠٠٠) راس وبلغ صادر الابل والابقار والماعز ٦٠٠ الف.
ونبه الدكتور هيثم فتحي إلى تأثير الحرب الكبير على القطاع الزراعي وتهديده للموسم في الجزيرة وسنار والقضارف، وهي مناطق الزراعة المروية والمطرية.
وقال وزير المالية الدكتور جبريل في حوار إذاعي إن الدولة تعول كثيرًا على الزراعة لتمنع حدوث مجاعة بعد توقف الكثير من المشروعات الزراعية، وأشار إلى أن صادر الثروة الحيوانية لم يتوقف حتى الآن رغم الحرب، لافتًا إلى أن هجمات الحوثيين على البحر الأحمر أثرت على حركة الصادرات والواردات بميناء بورتسودان.
وأكد الدكتور هيثم ارتفاع تكلفة الإنتاج وتزايد قيمة السلع المستوردة التي يحتاج إليها المواطن وارتفاع قيمة المحروقات وأسعار الكهرباء، إضافة إلى تصاعد نسبة التضخم بسبب انخفاض قيمة العملية الوطنية.
وقال إن انخفاض قيمة الجنيه كان يمكن أن يؤثر ايجاباً على الصادرات، ولكن عدم استقرار الأوضاع في السودان لا يتيح الاستفادة من هذه النقطة.
زيادة الدولار الجمركي متوقعة
وبشأن زيادة سعر الدولار الجمركي، قال الدكتور هيثم فتحي لراديو دبنقا إن الإجراء كان متوقعاً لزيادة إيرادات الدولة حيث تعتمد موازنة العام الحالي على الرسوم والجمارك والضرائب، مشيراً إلى ارتفاع رسوم الخدمات وقيمة الضرائب منذ مطلع العام الجاري مع غياب كثير من الإيرادات بسبب الحرب. وأكد إن الأمر سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنفس نسبة الدولار الجمركي.
تراجع الحركة التجارية في الموانئ
وحذر من العواقب الاقتصادية الوخيمة لتأثر الحركة التجارية في موانئ بورتسودان بسبب الحرب والتوترات في باب المندب، مبيناً أن التأثير سيطال الدول المجاورة الحبيسة مثل اثيوبيا وتشاد، واوضح أن 25 في المائة من التجارة الدولية تمر عبر البحر الأحمر.
وأكد إن توترات باب المندب ستؤثر على الإيرادات المتعلقة برسوم الجمارك والعبور والصيانة والرسو في موانئ السودان.
تقديرات أولية لخسائر الحرب
وبشأن تقديرات الخسائر جراء الحرب التي تستمر للشهر العاشر، قال الدكتور هيثم لراديو دبنقا إنه بحسب التقديرات غير الرسمية فإن الخسائر الحكومية تبلغ 30 مليار دولار ، بينما قدرت خسائر الحرب للمواطنين والبنى التحتية والنهب والتدمير والخدمات قدرت بمائة مليار دولار .
وأعرب عن تفاؤله بإمكانية إعادة التعمير والبناء في حال وقف الحرب، متوقعاً رعاية من الدول الكبرى والمنظمات أسوة بتجارب سابقة في إعادة الإعمار عقب الحروب.
وأكد في نفس الوقت على ضرورة اتخاذ إجراءات حكومية بعد وقف الحرب لاعادة البنى التحتية والتعويض عن الممتلكات الشخصية.
دبنقا