الحراك السياسي هل ينجح في مواجهة الحرب..؟
شهد ملف الحرب والسلام في السودان تطورات هذا الأسبوع بعد خروج قائد الدعم السريع من الخرطوم وظهوره في عدد من العواصم الافريقية، فبدأ الشعب السوداني يتطلع إلى اختراق في تعقيدات المشهد السوداني ينهي الحرب التي دمرت البلاد، خاصة بعد التحركات الدبلوماسية لطرفي الحرب والقوى السياسية السوانية آخرها لقاء تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” برئاسة دكتور عبد الله حمدوك وقائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو حميدتي، ومن المتوقع ان ينعقد لقاء مماثل مع قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان في مقبل الايام بعد تأكيدات “تقدم” بانه البرهان تلقى اتصال من حمدوك بخصوص هذا اللقاء.
لكن رئيس تحرير صحيفة السوداني عطاف محمد مختار يرى انه لكي تتوقف هذه الحرب ولا تتكرر مرة اخرى، لا بد من الفصل بين القضايا العسكرية والسياسية، وذكر أنها حرب سياسية بالدرجة الأولى حول السلطة، ومن المهم أن تتوحد جميع القوى السياسية حول كيفية إدارة السودان، وأضاف عطاف “من المهم نزع السلطة من العسكريين بمختلف أنواعهم وأطيافهم، وعاب على اتفاق أديس أبابا بين “تقدم والدعم السريع” أنه اشتمل- مرة أخرى- على أمور وأدوار سياسية للعسكريين، ونبه إلى أن هذا الأمر سيعيد دوران عجلة الأزمة مرة أخرى.
الجلوس حتى مع الاسلاميين:
ذكر رئيس تحرير صحيفة السوداني في مقابلة مع راديو دبنقا انه على “تقدم” وهي تقود عملاً سياسياً ان تجلس مع مناوئيها وليس مع الاجسام التي تتفق معها، فهناك عدد من الاحزاب والقوى السياسية خارج خارطة طريقها مثل حزبي الشيوعي والبعث العربي وحتى الاسلاميين. وقال ان شعار لا للحرب اذا اردنا تطبيقه لابد من الجلوس الاسلاميين الذين يتهمون بأنهم وراء الحرب، واضاف: طالما هم متهمون بأنهم وراء الحرب، فمن باب أولى الجلوس معهم لاطفاء هذه الحرب، مشيراً الى ان قول لا للحرب ورفض الجلوس مع الاسلاميين يعني المضي في خيار نعم للحرب “والدوس” على الاسلاميين حتى آخر اسلامي.
“عيوب اتفاق “تقدم- الدعم السريع:”
عطاف شدد على اهمية الفصل بين الملفات السياسية العسكرية في حلول الازمة السودانية، وأشار الى هناك بنود جيدة حواها اعلان مبادئ اديس ابابا الذي تم التوقيع عليه بواسطة دكتور حمدوك وحميدتي، لكنه في نفس الوقت حوى الكثير من الامور السياسية.
وكانت هيئة محامي دارفور فندت قانونياً- في بيان لها- اتفاق اعلان المبادئ بين تقدم والدعم السريع، أشارت فيه الى أنه يعيد الأزمة والاشكالات التي كانت الموجودة في الوثيقة الدستورية التي تم التوقيع عليها بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري العام 2020 عقب سقوط نظام البشير، وأشارت الهيئة القانونية الى ان هذا الاتفاق يمكن العسكر مرة أخرى من استلام السلطة، وحذر عطاف من ان العسكريين عندما يستلمون السلطة ويختلفون يتواجهون بالسلاح وليس بالبرلمان والانتخابات، لذلك يجب رهن ايقاف الحرب بعدم اعادة الحركات المسلحة او حتى الجيش والسلطات الأمنية الى المشهد السياسي.
عقار والكيد السياسي:
اعتبر رئيس تحرير صحيفة السوداني تصريح نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار حول اتفاق أديس ابابا- الذي قاله فيه إنه اتفاق شركاء- هو تصريح من باب الكيد السياسي، وقال قد تكون لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” بعض السلبيات، وانها متهمة بأنها ظهير سياسي للدعم السريع، لكنه استبعد ذلك وقال انه لا يعتقد ان احزاب سياسية راشدة متقدمة في الوسط السياسي تبصم على ان تكون ظهير للدعم السريع، لكنه استدرك بقوله “ممكن تكون هناك اتفاقات بين افراد من هذه القوى مع الدعم السريع، وهذا يجب ان تظهره التحقيقات، لكن اطلاق التخوين والسير وراءه لا ينبغي ان يكون فعلاً سياسياً راشداً” ودعا عطاف مالك عقار والقوى السياسية الى الابتعاد عن التخوين واعتبره احد المسببات التي عطلت الثورة السودانية، مشيراً الى ان تخوين القوى السياسية لم يصدر من الاسلاميين، وانما يأتي دائماً من شركاء قوى الحرية والتغيير منذ اسقاط البشير واعتصام القيادة:.
وتابع: مالك عقار نفسه طرح من قبل مبادرات وجلس مع عدة اطراف فوصل القاهرة وإلتقى مع اناس في تركيا والسودان، وقال رجل بخبرة عقار السياسية والعسكرية وانه من ابناء قرنق وخاض مفاوضات وجاء الى القصر عبر السلام، ان اراد السلام عليه ان يبتعد عن احاديث الاسافير واحاديث التخوين، وليمضي بعمل سياسي راشد بعيدا عن التخوين.
الحل الجذري:
يرى رئيس تحرير صحيفة السوداني ان حل الازمة السودانية يجب ان يقوم على نظام سياسي حقيقي اساسه القانون، وقال ان السودان ينقصه القانون فمنذ استقلاله وحتى الان لم يؤسس السودانيون لدولة القانون ونظام سياسي راشد، ولم يتفقوا على مفهوم الامن القومي ومفهوم التنوع الثقافي والاثني والديني، لذك بدل ان يكون هذا التنوع قوة صارت سبباً لتشرزم السودان ونتج عنها حرب الكل ضد الكل.
المجتمع الدولي واتفاق جدة:
اشار رئيس تحرير السوداني ان اتفاق المبادئ الذي وقع في مدينة جدة في مايو الماضي لا ينفصل عن مخرجات قمة جيبوتي التي عقدت في ديسمبر الماضي، واستدل بأنه بمجرد التوقيع على اتفاق جدة سافرت المبعوثة الامريكية “مولي في” الى اديس أبابا وإلتقت مجلس السلم والأمن الافريقي ومنظمة ايقاد، لانها كانت تخطط لأن يكون الاتحاد الافريقي وايقاد حاضرين لانها تحتاج الى مراقبة على الارض او قوات حفظ سلام في حال الوصول لأي اتفاق، لجهة ان للمؤسسات الافريقية تجارب في التعامل مع ملف الحرب والسلام في السودان.
وحول ما سيسفر عنه اللقاء المرتقب بين البرهان وحميدتي قال عطاف ان اتفاق المبادئ الذي وقع في جدة سيكون الركيزة التي ستنطلق منها أي اتفاق سلام قادم، واستدل بأن الاعلان السياسي الذي وقع بين “تقدم والدعم السريع” فيه الكثير من اتفاق جدة، ما عدا بند الخروج من المدن وما الى ذلك.
الفصل بين المسارات
استبعد رئيس تحرير صحيفة السوداني خروج الدعم السريع من المدن الذي لم ينص عليه اتفاق اعلان المبادئ بين “تقدم والدعم السريع” لجهة انه يعتبرها نقاط عسكرية في الوقت الراهن ويريد ان يترجمها سياسيا ًعلى ارض الواقع، في وقت تذهب الولايات المتحدة في طريق الفصل بين المسارات العسكرية والسياسية، واضاف: يظهر ذلك من خلال تشديدها على ان يكون منبر جدة مساراً عسكرياً بين الجيش والدعم السريع، وان الوفد الذي يفاوض في جدة هو وفد القوات المسلحة وليس وفد الحكومة السودانية، بينما هناك مدن اخرى هي “اديس ابابا وجوبا والقاهرة” التي فيها إلتقت “تقدم” والحركات وبعض القوى المناوئة لتقدم او الحرية والتغيير.
مشيراً الى الغرب ودول “الترويكا” تريد للقوى السياسية ان تصل الى صيغة اتفاق ومن ثم يجلس السياسيون لرسم مشهد للفترة الانتقالية القادمة، بينما يمضي العسكريون في وقف اطلاق النار والدمج والتسريح وما الى ذلك، وتوقع ان لا تفشل المساعي المقبلة بسبب الضغط الدولي على جميع الاطراف.
راديو دبنقا