تقرير .. الدعم السريع يخطط لعزل الشرق عن السودان تمهيدًا للتقسيم وأهمية كبرى لولاية الجزيرة.. وخبير استراتيجي يكشف آخر تطورات الأوضاع بالخرطوم
رغم المكاسب العسكرية التي حققها الدعم السريع استمر الجيش في مقاومة محاولة قوات حميدتي بسط سيطرتها الكاملة على العاصمة مستفيدة من القوي الجوية التي توفر عليها لتحسين موقعها في الخرطوم وبعض المقار العسكرية مثل القيادة العامة للجيش، كما تسعي قوات الدعم السريع الي نقل الصراع الي داخل المناطق التي يسيطر عليها الجيش، كما هو الشأن بالنسبة لمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد والتي أعلنت قوات الدعم السريع دخولها هذا الأسبوع ما تسبب في نزوح ما يناهز 300 ألف شخص منذ منتصف الشهر الجاري بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
نزاعات مستمرة واستجابة اقل للحلول
وبدوره قال اللواء محمد عبد الواحد الخبير الاستراتيجي والعسكري، في تصريحات خاصة عن الأوضاع في السودان بعد المعارك المشتعلة بين قوات الدعم السريع والجيش، أن النزاعات المسلحة باتت أقل استجابة للحلول التقليدية وأصبحت طويلة الأمد ويغلب عليها العنف الشديد، وهذا يرجع لتأثرها بالنزاعات الإقليمية، أي تتحول من السياسية الي الاجتماعية كما حدث في دارفور.
وتابع علي الرغم من مرور 9 أشهر الا أن النزاع ما زال مستمر بين الطرفين ولا أمل في أفاق للتسوية قريبا بسبب اصرار كل طرف علي الحسم العسكري وتحويل الصراع الي مواجهات صفرية، والتخلص من الطرف الأخر، وهو ما سيدفع الصراعات بأخذ أشكال أخري ربما تؤدي الي انفصال اقاليم، وهو ما يمكن أن يكون شبيه بدرجة كبيرة الي الحالة الليبية، إضافة لذلك هناك تدخلات اقليمية موجودة تطيل من أمد الصراع، فهناك تعقيد من البيئة الداخلية داخل السودان، وهناك تعقيدات خارجية وداخلية والمبادرات السعودية لم تحقق شئ، وحتي مبادرة شركاء السودان لم تحقق شئ، ومبادرة الإيجاد لم تحقق شئ، وبالتالي أي نية تسوية ستكون بعيدة لاسيما وأن الدعم السريع حقق في الفترة الأخيرة العديد من النجاحات علي الأرض في الخرطوم وسيطرته علي مساحات شاسعة وكذلك في دارفور وعدم وجود مقاومة من الجيش تذكر، حتى في مدينة ود مدني الصراع أخذ شكل غريب في 4 أيام كوجود انسحاب للفرقة الاولي بالكامل وسيطرة الدعم السريع علي مقدرات هذه الولاية من سلاح وعتاد.
أهمية ولاية الجزيرة السودانية
وأشار إلى أن ولاية الجزيرة ولاية استراتيجية كونها يوجد بها أكبر مشروع زراعي يعتمد علي الرأي في أفريقيا بالكامل، كما انه مشروع به طرق رئيسية تمد الي الخرطوم وبالتالي من السهل قطع سبل الدعم اللوجيستي علي الجيش السوداني، فهي منطقة تقصل شرق السودان عن محافظات مهمة من الشرق القضارف وسينار من الجنوب وولاية النيل الابيض من الغرب،لذا فالسيطرة عليها يعزل مناطق الشرق عن مناطق الغرب والولايات الهامة، ونجاحهم في الاستيلاء علي السلاح والعتاد يشجع الدعم السريع في الاستيلاء علي اماكن استراتيجية ومن المحتمل ان يتجه لمناطق الشرق والذي قد يشكل خطورة كبري كونها يوجد بها مطار وميناء والسيطرة عليه يعزل السودان عن العالم الخارجي.
قصف مدفعي وانفجارات في الخرطوم
شهد امس الاثنين اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وسط قصف مدفعي عنيف وانفجارات في الخرطوم، فيما شهدت ولاية الجزيرة أعمال نهب وسلب مع تقدم قوات الدعم السريع نحو جنوب السودان.
وبحسب شبكة “ العربية ” نقلا عن أحد سكان القرية قام أفراد الدعم السريع بنهب كل شيء في العيكورة بولاية الجزيرة وسط السودان، وذلك مع تقدم هذه القوات نحو الجنوب وفتح جبهات جديدة في الحرب المستمرة منذ أشهر مع الجيش.
وأضاف أن قوات الدعم السريع نهبوا كل شيء، السيارات وعربات نقل التجارة والجرارات، رافضا كشف هويته خشية انتقام هذه القوات التي تتقدم نحو جنوب البلاد.
ودفعت المعارك الدامية التي اندلعت منتصف أبريل بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو، قرابة 500 ألف شخص للنزوح من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة التي ظلت في منأى عن النزاع.
لكن قبل أكثر من عشرة أيام، تقدمت قوات الدعم التي تسيطر على معظم أنحاء العاصمة السودانية، على الطريق السريع الرابط بين الخرطوم ومدينة ود مدني، وسيطرت على قرية تلو أخرى.
وفي 15 ديسمبر، هاجمت قوات الدعم السريع ود مدني، ما دفع 300 ألف شخص إلى النزوح مجددا سواء إلى مناطق أخرى في ولاية الجزيرة أو نحو الولايات المجاورة مثل سنار والقضارف، وفق الأمم المتحدة.
نهب أسواق وإطلاق نار عشوائي
وحيثما تمر قوات الدعم السريع، ينتاب الرعب السيدات والفتيات من التعرض لعنف جنسي وهو تهديد متكرر في هذه الحرب، بحسب ما تقول منظمة رعاية الأطفال (“سايف ذا تشيلدرن”).
في سوق تمبول، أحد أهم الأسواق التجارية في شرق ولاية الجزيرة، “اقتحمت قوات الدعم السريع السوق وهي تطلق النار بشكل عشوائي”، بحسب ما أفاد شهود.
وميدانيا، أفاد شهود عيان وسكان أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تبادلا، اليوم الاثنين، القصف المدفعي العنيف في عدد من المناطق في الخرطوم.
وقال الشهود لوكالة أنباء العالم العربي، إن القصف الذي تشهده العاصمة يأتي بالتزامن مع تجدد الاشتباكات بين الجانبين في ولاية سنار جنوب شرق السودان.
وأوضح الشهود وسكان أن قوات الدعم السريع شنت هجوما بالمدفعية هو الأعنف من نوعه على مقر سلاح المهندسين جنوب مدينة أم درمان، وسلاح الإشارة في بحري ووادي سيدنا شمال أم درمان، فيما رد الجيش بضربات مدفعية على مواقع للدعم السريع شرق وجنوب الخرطوم.
وتشكل منطقة سلاح المهندسين إلى جانب السلاح الطبي وأكاديمية نميري المجاورة موقع تمركز لقوات الجيش السوداني، لم تتمكن قوات الدعم السريع من اختراقه منذ بدء القتال في أبريل الماضي، وكان يتحصن بداخلها مساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا، المسؤول عن العمليات العسكرية في مدينة أم درمان، قبل أن ينتقل إلى منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال المدينة.
ومن جانبه أعرب مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضية، عن قلقه إزاء انتشار العنف في السودان، بعد يوم من إعلانه أن الحرب هناك تسببت بنزوح سبعة ملايين شخص.
وندد المجلس، في بيان مشترك، “بقوة”، بالهجمات ضد المدنيين وتمدد العنف “إلى مناطق تستضيف أعدادا كبيرة من النازحين واللاجئين وطالبي اللجوء”.
وأضاف البيان أن “أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن قلقهم إزاء العنف المنتشر وتراجع الوضع الإنساني في السودان”، ما يعكس تدهور الوضع في البلاد.
وبالإضافة إلى السبعة ملايين نازح داخليا، أفادت الأمم المتحدة، الخميس، بأن 1,5 مليون آخرين فروا إلى دول مجاورة.
وفيما تتواصل المعارك للسيطرة على مواقع رئيسية في المدينة، أغلق أصحاب المتاجر محالهم وقاموا بتدعيمها خشية أعمال نهب، فيما اختفت النساء من الشوارع خشية عنف جنسي.
وأودت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع بأكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة “مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها” (أكليد).
المصدر / وكالات