في خضم المعارك والمـوت.. مأسآة أسرة تصدم السودانيين
بعد مرور 9 أشهر على مأساة الموت في طرقات المدن السودانية، حيث أصبحت الدماء والأشلاء جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للسودانيين، ومشهدا معتادا من سريالية الحرب.
ولاقت مأساة أسرة وهي تهرب من الموت تعاطفا واسعا من قبل السودانيين وسط أكوام الأحزان والمصائب.
لا يوجد شيء يشبه مأساة أسامة مرزوق، الذي فقد أسرته في لحظة هروب من الموت؛ إذ كانت محاولتهم للنجاة من الاشتباكات التي وقعت بين الجيش والدعم السريع في ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان، تظهر درجة العطف التي يظهرها السودانيون في وجه الأحزان والمصائب وسط هذا السيناريو المأساوي.
حادثة الأسرة المكلومة أثارت استياء السودانيين رغم الحزن الطويل الذي تعيشه بلادهم؛ إذ اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في السودان بنبأ وفاة طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات بعد اختفائها عن أنظار أسرتها أثناء نزوحهم من ولاية الجزيرة وسط البلاد إلى منطقة أخرى، وفقدان عدد كبير من أفراد أسرتها في حادث مأساوي.
وسط الخوف والقلق، يعيش ملايين السودانيين في ود مدني بولاية الجزيرة وسط البلاد بسبب الاشتباكات التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع خلال الأيام الماضية.
تعود قصة الطفلة “رسيل” البالغة من العمر 6 سنوات إلى ما كتبه والدها أسامة مرزوق في منشور عبر “فيسبوك” أثار تعاطفا واسعا بين السودانيين.
وقال مرزوق: “الحمد لله رب العالمين، يوم الجمعة، خلال رحلة النزوح على الأقدام بين قرى ولاية الجزيرة، وأثناء توقفنا للاستراحة، قررت الأقدار أن تنقلب سيارتنا على الطريق؛ ما أسفر عن فقدان شريكة حياتي وأم بناتي، وكذلك فقدان زوجة أخي ووالدة زوجة ابن أخي”.
وأضاف مرزوق في سرد مأساته: “أصيبت ابنتي الكبرى بكسر في اليد والرجل، وكذلك بنت أختي بكسر في الرجل، وأثناء وقوع الحادثة حدث هلع وخوف ترتب عليهما حركة عشوائية اختفت خلالها ابنتي رسيل، البالغة من العمر 6 سنوات، عن الأنظار ولم أعثر عليها، فأرجو من جميع أهالي ولاية الجزيرة الذين يجدونها التواصل معنا”.
وأعرب ناشطون على وسائل التواصل حادثة أسرة مرزوق عن حزنهم جراء المآسي التي انتهت إليها الحرب ومعاناة السودانيين في رحلات النزوح ومحاولة الهروب من الموت إلى الموت.
وفيما ينتظر مرزوق خبر العثور على “رسيل” وتعويضه عن فقده الكبير، عثر على “رسيل” في حالة صحية متدهورة جراء إصابتها في الحادث واختبائها عجزاً وخوفاً تحت سيارة كانت في موقع الحادث، لتلحق بأسرتها، حسبما أفادت شقيقتها صفاء أسامة. وبهذا تضاعف الجرح على مرزوق الذي يشاطره السودانيون فقده الكبير، سائلين الله له الثبات والقوة لتجاوز مأساته.
وهذه هي المرة الأولى التي ينتقل فيها الصراع العسكري إلى واحدة من كبريات المدن السودانية في الولايات الخالية من القتال الذي يدور في البلاد منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وخلف نحو 12 ألف قتيل وأكثر من 7 ملايين نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة التي وصفتها بأنها أكبر عملية نزوح داخلي في العالم.