وسط تبادل الاتهامات.. معركة “المقار الحكومية” تشتعل في الخرطوم
تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أمس الأحد، الاتهامات بحرق مؤسسات وهيئات حكومية وسط العاصمة الخرطوم، بينما تواصلت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل عبد الله في بيان: “الميليشيا المحلولة (الدعم السريع) تتمادى في التدمير والتخريب الممنهج للمنشآت والبنية التحتية الحيوية”.
وذكر أن “الدعم السريع” قامت بـ”إحراق مقر شركة النيل الكبرى للبترول وبرج وزارة العدل وبرج الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس (حكومية)” وسط الخرطوم.
وأردف: “الميليشيا نهبت وأحرقت برج بنك الساحل والصحراء (بالخرطوم)”.
من جانبها، قالت الدعم السريع في بيان عبر منصة “إكس”، إن طيران الجيش “واصل عمليات القصف المتعمد للبنى التحتية والمناطق الحيوية في الخرطوم بغرض تدميرها”، على حد تعبيرها.
وأفادت بأن “عمليات القصف المتعمد بالخرطوم، شملت مباني وزارة العدل، ديوان الضرائب، برج الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، وبرج شركة النيل للبترول”.
وكانت الخرطوم قد شهدت أمس الأحد اشتباكات عنيفة وقصف مدفعي وتحليق مكثف للطيران الحربي، في عدة مناطق، وتصاعدت أعمدة الدخان من عدة مباني وسط العاصمة السودانية.
وأظهرت مقاطع فيديو احتراق مبنى شركة النيل للبترول، أحد معالم العاصمة جراء المعارك المستمرة منذ عدة أيام. وقال أحد سكان الخرطوم لوكالة الأنباء الفرنسية أمس، إن “الاشتباكات تدور حول مقر قيادة الجيش، وتستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة”.
وقالت مصادر في مدينة الأُبّيض عاصمة شمال كردفان لـ”العربي”، إن قوة من قوات الدعم السريع هاجمت شرقي المدينة في وقت أفاد الجيش السوداني بتصديه لهذا الهجوم.
ومنذ اندلاع الاشتباكات يتبادل الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال الذي خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ورأى رئيس منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام، إبراهيم ناصر، أن التطورات الميدانية تدل على محاولة الطرفين تثبيت واقع جديد على الأرض، خصوصًا أن قوات الدعم السريع مع انتشارها في ولاية الخرطوم، تسعى للسيطرة على ما يسمى “القلاع الصلبة” من مؤسسات وقواعد عسكرية، على غرار مبنى سلاح المدرعات، والقيادة العامة.
وأشار في حديثه لـ”العربي” من أنقرة، إلى أن تصريحات حميدتي الأخيرة تؤشر على نية البرهان تشكيل حكومة في بورتسودان تطالب بها قوى مدنية داعمة للجيش، معتبرًا أنّ قناعات البرهان ترجح عدم قدرة قائد الدعم السريع على تشكيل حكومة في الخرطوم رغم سيطرته الميدانية على بعض أجزاء العاصمة.
وأفاد ناصر، بأنه بناء على ما تقدم، فإنّ البرهان اندفع نحو توظيف هذه الحالة السياسية للضغط على قوات الدعم السريع، مستفيدًا من تشظيها في الانتشار غير المنظم ميدانيًا، حسب رأيه.
في المقابل، رأى أن قوات الدعم السريع تريد من خلال الاشتباكات تثبيت وجودها في المقرات والمنشآت الحكومية، لتعقيد مهمة البرهان و”نزع المشروعية عن طرحه، الذي قد يؤدي إلى مشهد سياسي يحتم تغييرًا في قيادتها”.
وأعرب ناصر عن اعتقاده بأن سير المعارك الأخيرة ينبع من مشهد سياسي بدأ يتشكل خارج السودان، إضافة إلى “مشروعية واضحة يحظى بها البرهان، وهو ما ظهر بشكل جلي في زياراته الخارجية لدول مهمة، ومؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي، وهذا ما أزعج حميدتي الذي يريد من خلال تلك المعارك إثبات حضوره، وقدراته العسكرية”، حسب تعبيره.