ماذا تعني العقوبات الأميركية على شقيق حميدتي في السودان؟
بعد قرابة خمسة أشهر من الحرب في السودان، فرضت واشنطن عقوبات على نائب قائد قوات الدعم السريع السودانية، عبد الرحيم دقلو لدوره في “أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان”.
العقوبات الأميركية التي تعتبر الأولى منذ بداية الحرب في السودان وتستهدف مسؤولين عسكريين بشكل مباشر فتحت باب التساؤلات عما إذا كانت تكشف عن تغير في سياسة الولايات المتحدة؟ أو ما إذا كانت ستدفع لتهدئة المعارك في السودان؟
واندلعت الحرب في السودان في منتصف أبريل بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية. وتصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد أن اشتركا في انقلاب في 2021، ليتحول إلى قتال بسبب خلاف بشأن خطة انتقال للحكم المدني.
وعبد الرحيم هو شقيق قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، وتم إدراجه في قائمة العقوبات الأميركية ” لكونه شخصا أجنبيا، كان قائدا أو مسؤولا أو مسؤولا تنفيذيا كبيرا أو عضوا في قيادة قوات الدعم السريع، التي شارك أعضاؤها في تصرفات أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان”.
كذلك، استهدفت العقوبات قائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور عبد الرحمن جمعة، لـ “تورّطه في الفظائع التي ترتكبها قواته” في هذه المنطقة، إضافة لاتهامه باغتيال حاكم ولاية غرب دارفور خميس عبد الله أبكر في 15 يونيو، حين تم اختطافه وقتله بعد ساعات قليلة من انتقاده لقوات الدعم السريع خلال مقابلة هاتفية مع قناة تلفزيونية سعودية.
محللون أميركيون أكدوا أن هذه العقوبات لا تعني بأي شكل من الأشكال تغير في سياسة واشنطن تجاه ما يحدث في السودان، أو أنها تعني دعم طرف على حساب الآخر.
“لا تغير في الموقف الأميركي”
كينيث كيتزمان، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، قال إن فرض عقوبات على نائب قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان، هي نتيجة تورط المسؤول السوداني في انتهاكات حقوق الإنسان، والعقوبات المفروضة عليه “هي مجهود أميركي لدفع حميدتي للتراجع عما يجري الآن في البلاد”.
ويرى كيتزمان في رده على استفسارات موقع “الحرة” أن العقوبات الأميركية على عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، لا تعني “تغيرا في الموقف الأميركي” تجاه أطراف النزاع في السودان.
وفرضت الولايات المتحدة في وقت سابق عقوبات على شركات مرتبطة بكلا الطرفين.
وتشمل العقوبات الأميركية فرض قيود على التأشيرات وتجميد أي أصول للأشخاص المعنيين في الولايات المتحدة، فضلا عن منع إجراء أي تعاملات تجارية معهم.
أفادت وكالة رويترز بأن ليندا توماس غرينفيلد، المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ستعلن عن عقوبات ضد نائب قائد قوات الدعم السريع السودانية، عبد الرحيم دقلو، خلال زيارتها لتشاد المجاورة
ويضيف كيتزمان أن الجنرال عبد الفتاح البرهان له مشاكل أيضا فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وارتكب أيضا “انتهاكات”، مشيرا إلى أن العقوبات الأميركية على شقيق حميدتي ليست دعما للجنرال البرهان، بل “عقوبات تجاه شخص ارتكب انتهاكات لحقوق الإنسان”.
ويرى الخبير أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ارتكب انتهاكات ضد المحتجين وضد الديمقراطية في البلاد، لكن مع ذلك فإن العقوبات الأميركية على شقيق حميدتي لا تعني” تفضيلا أو دعما أميركيا للجنرال البرهان”.
وعن الصراع بين الأطراف في السودان” يقول كيتزمان إن الموقف الأميركي بفرض عقوبات على شقيق حميدتي “لن يغير ما يجري على أرض الواقع في السودان”.
“قرار سياسي”
من جانبها وصفت قوات الدعم السريع قرار وزارة الخزانة الأميركية، بأنه “مؤسف وصادم ومجحف.. سياسي.. انتقائي”.
وقالت في بيان صحفي أصدرته الخميس إن هذا القرار ” لن يساعد في تحقيق هدف من الأهداف الجوهرية التي ينبغي التركيز عليها، وهو التوصل إلى حل سياسي شامل وإجراء عملية عدالة انتقالية شاملة تؤدي إلى إنصاف الضحايا وصناعة وبناء السلام المستدام، وقد جانبه الصواب في توصيف ما حدث في غرب دارفور وفي تحديد الأطراف التي شاركت فيه وهو صراع قبلي قديم ومتجدد”.
واعتبرت أن القرار “تجاهل بانتقائية بائنة الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية وكتائب النظام البائد الإرهابية على نطاق واسع بالقصف الجوي والمدفعي واعتقال المدنيين المناهضين للحرب في مختلف أنحاء السودان”.
وكان وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، قد قال في بيان الأربعاء إن العقوبات “تظهر التزام وزارة الخزانة بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان في السودان”.
وذكر البيان أن الولايات المتحدة “تتضامن مع شعب السودان ضد من يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان ويزعزعون استقرار المنطقة”، مشيرا إلى أن “هذه الإجراءات تظهر أيضا التزام الولايات المتحدة بتعزيز مساءلة مرتكبي العنف الجنسي في النزاعات”.
وأصدر البرهان في وقت متأخر الأربعاء مرسوما دستوريا قضى بحل قوات الدعم السريع متهما إياها بـ”التمرد” وارتكاب “انتهاكات جسيمة” ضد المواطنين و”التخريب المتعمد للبنى التحتية بالبلاد”.
رغم منحها صفة أمنية مستقلة خلال السنوات الست الماضية، أعلن رئيس مجلس السيادة في السودان، عبدالفتاح البرهان، الأربعاء، حلّ قوات الدعم السريع التي تواجه الجيش السوداني في أزمة اندلعت منذ منتصف أبريل الماضي.
وأدت الحرب إلى مقتل خمسة آلاف شخص على الأقل ونزوح 3.6 ملايين شخص داخل البلاد، بالإضافة إلى فرار مليون شخص آخرين إلى الدول المجاورة.
وتفاقم المعارك الأزمة الصحية في بلد يعتبر من بين الأكثر فقرا في العالم.
“لن تعني الكثير”
رئيس معهد السياسة العالمية، باولو فون شيراك يرى إن العقوبات الأميركية يجب أن تستهدف قادة كلا الطرفين العسكريين في السودان أكان قوات الدعم السريع أو الجيش السوداني “إذ أن كلاهما يتصرفان بشكل سيئ، وبالتالي يجب استهدافهما بالعقوبات”.
وأوضح في حديث لموقع “الحرة” أنه لا يوجد “عناصر فاعلة جيدة مقابل عناصر فاعلة سيئة في الصراع المأساوي في السودان”.
وقلل شيراك من تأثير هذه العقوبات مشيرا إلى أنها “لن تعني الكثير” إذ أن “فرض عقوبات على من تعتبرهم واشنطن جهات فاعلة سيئة يكاد يكون هو القاعدة” الأساسية في فرضها.
وزاد أن العقوبات هي الأداة المفضلة للسياسة الخارجية الأميركية، ولكن “تأثيرها وفعاليتها مختلطة أحيانا، إذ يوجد عقوبات ضد إيران وحتى روسيا، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت قادرة على تغيير سلوك هذه الدول، ناهيك عن وجود عشرات الطرق للتهرب من العقوبات والالتفاف عليها”.
وكانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد قد أعلنت خلال زيارة إلى تشاد عن مساعدات إنسانية جديدة بقيمة 163 مليون دولار للسودان والدول المجاورة المتضررة من النزاع الدائر فيه، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية الأربعاء.
وبذلك يصل إجمالي المساعدات الأميركية للعام 2023 إلى 710 ملايين دولار للنازحين واللاجئين من الحرب في السودان. وذهبت هذه المساعدات إلى كل من السودان وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، بحسب المصدر نفسه.
واختتم البرهان الخميس زيارته الخاطفة إلى الدوحة حيث بحث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تطورات الوضع في السودان، خلال ثالث زيارة خارجية له منذ اندلاع الحرب في السودان مع قوات الدعم السريع.
وتقول الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان البالغ عددهم 49 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدات، وأطلقت نداء لجمع 2.6 مليار دولار لكنها لم تتمكن حتى الآن من تأمين سوى 26 في المئة فقط من هذا المبلغ.
وأضافت المنظمة أن نحو 380 ألف لاجئ، معظمهم من النساء والأطفال، فروا من الصراع إلى تشاد منذ أبريل نيسان. وفر مئات الآلاف غيرهم إلى جمهورية أفريقيا الوسطى ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
وأطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نداء لجمع مليار دولار للمساهمة في توفير المساعدات والحماية لأكثر من 1.8 مليون شخص من المتوقع أن يفروا من السودان هذا العام. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن ما يقرب من 7.1 مليون شخص نزحوا داخل البلاد.
المصدر / الحرة واشنطن