رئيس «إيساف» السابق في أول حوار بعد مغادرة منصبه: الجيش والدعم ضحايا مؤامرة خارجية

صاحبت دعوات انتشار القوات المشتركة لشرق أفريقيا «إيساف» في الخرطوم الكثير من الشائعات حول الجهة التي طالبت بتدخلها من جهة، ورفض الخارجية السودانية لها من جهة أخرى، في وقت صادف وجود جنرال من الجيش السوداني على رأسها، وحاورته «التغيير» بالعاصمة الكينية نيروبي، بعد أيام من مغادرته منصبه في 9 أغسطس الحالي.

وأكد الرئيس السابق للقوات المشتركة لشرق أفريقيا اللواء ركن عثمان عباس أن «إيساف» غير مؤهلة للتدخل أثناء الحرب الشرسة بين الجيش والدعم السريع، واعتبر أن دفعها للانتشار في الوقت الراهن بمثابة وضعها في «محرقة».

وقال في حواره مع «التغيير» إن القوات معدة للتعامل مع ظروف ما بعد الحرب، وأكد عدم تدخلها في أي دولة طوال تاريخ إنشائها.

ووصف الجيش والدعم السريع بـ«الضحايا»، مشيراً إلى أن الجاني «مؤامرة» دولية تسعى لتفكيك الجيش السوداني الذي عد الدعم السريع إحدى نقاط قوته.

وأوضح أن أفضل سيناريو لإنهاء الوضع الراهن هو وضع الدعم السريع للسلاح والعودة للجيش السوداني، وأكد أن باب الدمج لم يغلق.

* حدثنا عن الجهة التي طالبت بتدخل قوات «إيساف» في حرب الخرطوم؟
جاء المقترح من قمة «إيغاد» التي عقدت بجيبوتي في شهر يونيو الماضي. أثناء اجتماعات القمة أتتنا توجيهات ببدء التخطيط من أجل الانتشار داخل السودان بغرض فتح ممرات إنسانية وتأمين المطار.

* هل «إيغاد» هي الجهة التي تصدر التوجيهات لـ«إيساف»؟
في واقع الأمر «إيساف» لا تتلقى توجيهاتها من «إيغاد»، ما يحدث أننا في القوات المشتركة نبدأ بالتخطيط فور حدوث أزمة في إحدى دول «إيساف»، لدراسة الوضع ثم تقدم خطتها للدولة صاحبة الأزمة، وهي التي تملك قرار قبول أو رفض التدخل.

* هل استجبتم لمطالبة الرئيس وليام روتو؟
نعم، شرعنا في عملية التخطيط حتى صدر تصريح رسمي من السودان عبر وزارة الخارجية يعلن عدم رغبته في تدخلنا.

أي خسارة للدعم السريع هي خسارة للسودان

* ما هي ملامح خطة التدخل في السودان التي وضعتها «إيساف»، وعدد القوات التي كانت ستنتشر؟
لم تكن هناك تفاصيل حول عدد القوات التي ستشارك، وضعنا خطة عامة من المفترض أن يليها اجتماع خبراء من الدول الـ10 المكونة لـ«إيساف»، من بينهم خبراء سودانيون من الجيش والشرطة ومدنيين. بعد اجتماع الخبراء تأتي مرحلة اجتماع رئاسة أركان الدول الـ10 يدرسون خطة الخبراء ثم يخرجون بتوصيات، يليه اجتماع خاص بوزراء الدفاع والخطوة الأخيرة يعقد رؤساء دول «إيساف» قمة تجيز الانتشار.. وكل هذه الخطوات لم تكتمل بسبب رفض الخرطوم.

رئيس قوة إيساف السابق
* كنت قد كتبت في «تويتر» أن «إيساف» حاولت التدخل في السودان عكس إثيوبيا بسبب مطالبة أطراف سودانية التدخل، من هي تلك الأطراف؟
صحيح هناك أطراف سودانية طالبت بالتدخل الدولي وفرض حظر طيران، وبدأت تدفع في هذا الإتجاه وعندما كان يتم سؤال بعض الشخصيات في لقاءات تلفزيونية هل أنتم ضد التدخل الأجنبي لا توجد إجابات واضحة!

لا أريد ذكر تفاصيل الآن، خوفاً على المبادرات الساعية لوقف إطلاق النار، والمعلومات موجودة وستخرج في الوقت المناسب.

* أثارت التغريدة التي حدثتك عنها ردود فعل كبيرة نسبة لأنك رئيس القوات المشتركة وما كتبته يلمح لأن تدخل «إيساف» أمر غير جيد! اذا كنت غير مقتنع بمانديت المؤسسة لماذا تنتمي لها وتكون على رئاستها أيضاً؟
التدخل من «إيساف» على عمومه محمود، والسودان إن لم يكن مقتنعاً بها لم يكن جزءاً منها لكن التدخل غير المحمود هو المدفوع بأجندة تسعى لاستخدام طرف ضد آخر.

في قمة أديس أبابا كانت مطالبات التدخل وحظر الطيران من رؤساء دول شاركوا في ذلك الاجتماع.

هذا الأمر أتى لاحقاً لكن مطالبات التدخل بدأت منذ وقت أبكر، وما حدث في أديس أبابا نتيجة مطالبة بتدخل قوات تحت البند السابع وهذه القوات عندما تتدخل في دولة لا تخرج منها بسهولة وهناك نماذج كتيرة منها الصومال.

* قلت في إجابتك السابقة إن هناك مخاوف من أن تكون مدفوعة بأجندة، هل يمكن أن تنحاز «إيساف» لأحد طرفي النزاع؟
منهج «إيساف» في التدخل لا يكون في وقت الحرب، بل لحفظ سلام والآن الحرب في السودان «شرسة جداً» و«ضروس»، ومحاولة إدخال «إيساف» بين طرفين بهذه القوة بمثابة وضعها في محرقة ومهلكة.
لدى المنظمة 6 سيناريوهات للتدخل معروفة ليس من ضمنها ما يحدث في السودان.

هي الجهات التي تريد استغلال الموارد، هذه حرب موارد ومصالح مادية بحتة ليست فقط في السودان بل في كل المنطقة متى ما تغيرت المصلحة ستتغير المعادلة.

وتم استخدام أطماعهم.. حتى تستخدم الشخص كأداة لابد من استخدام أطماعه في السلطة أو المال.

لا يمكن مسح تاريخ الدعم السريع في لحظة، ويجب ألا ننسى خدماته للجيش وللسودان

* ما هو رأيك حول مطلوبات إنهاء هذه الحرب التي وصفتها بالضروس؟
أنا حتى الآن أتمنى أن يضع الدعم السريع السلاح ويعود للانضمام للقوات المسلحة لأنها إحدى أسباب الحرب، البعض لا يريدون أن ينضم الدعم للجيش يريدون تكسيرهما الاثنين.

أي خسارة للدعم السريع أو الجيش هي خسارة للسودان، وأي فرد يموت من الجيش أو الدعم هو خسارة للوطن. هناك تقسيم أدوار، وقوف البعض في صف الجيش والبعض في صف الدعم ليس حباً في أحدهما؛ لكن لضمان استمرار الحرب لأطول فترة ممكنة ولن يسمحوا بأن يكون الجيش بالقوة ليقضي تماماً على الدعم السريع ولن يوفروا للدعم القوة التي تجعله ينتهي من الجيش من أسلحة وعتاد، الخطة هي استنزاف الطرفين.

من المكان الذي جلست فيه أنظر لهذه المسألة من بعيد وأقارنها بالدول المحيطة بنا وما حدث فيها نفس السيناريو ونفس المطبخ والدوافع. هم الاثنين ضحايا وأداة في يد قوى ثانية تريد الاستفادة من موارد السودان.
هذا الباب «…» يجب ألا يغلق ويظل مفتوحاً

* بعد الحرب، هل من الممكن الحديث عن دمج الدعم السريع؟
الجيش لم يغلق باب الدمج، بدليل أنه الأسبوع الماضي صدر قرار من القائد العام بضم ضباط من الدعم السريع للجيش لأنهم سودانيون وكل من ثاب لرشده ووضع السلاح يتم استيعابه وفق قوانين ولوائح وإجراءات الدمج، وأتمنى ألا يغلق هذا الباب مطلقاً.

ويجب ألا ننسى الخدمات التي قدمها الدعم السريع للجيش والسودان. لكل مقام مقال لا نريد مسح حسناته لكن ما يحدث الآن يؤدي لتدمير السودان.

التغيير- حوار: أمل محمد الحسن

مقالات ذات صلة