جريدة لندنية تزور منطقة شهدت الرصاصة الأولى لحرب الخرطوم..ميدان مفتوح للمعارك..ومعتقلات لـ «الدعم السريع»
منذ اندلاع الحرب في السودان، ظلت منطقة المدينة الرياضية وأرض المعسكرات سوبا جنوب شرق الخرطوم، ميدانيا مفتوحا للمعارك والقصف المتبادل بين الجيش وقوات «الدعم السريع» شبه العسكرية.
وأمس الأربعاء، قصف الطيران الحربي التابع للجيش تموضعات الدعم السريع في نواحي المدينة الرياضية، فيما ردت الأخيرة بإطلاق المضادات الأرضية ولم يسجل وقوع ضحايا مدنيين.
وقد شهدت هذه المنطقة إطلاق الرصاصة الأولى للحرب في (15) أبريل/ نيسان الماضي، حيث طوقت قوة من الجيش قوات الدعم تجمعت هناك قبل أيام من القتال.
وكان قد دار لغط كبير بين الناشطين السودانيين، قبل أنباء عن توقيع مذكرة تفاهم بين قائد قوات الدعم، محمد حمدان دقلو «حميدتي» ووزارة الشباب والرياضة، تقضي باستئجار الأول مدينة الشباب في سوبا «أرض المعسكرات» وهي وحدة تابعة للوزارة كمقر سكني.
وتسبب ضغط الناشطين وتحركات الاستخبارات العسكرية في نفي الوزارة توقيع العقد، لكن وقتها حشدت الدعم السريع جنودها في المكان، لنشره إضافة لمدرعات حربية من طراز بي تي أر تحمل مدفع براون 14.5 ملم، آتية من منطقة (الزُرق) شمال دارفور شرعت الدعم في نقلها للخرطوم قبل نحو أسبوع من الحرب.
الصحافي المختص في الشأن الرياضي، معاوية الجاك، قال لـ«القدس العربي» إن «تأجير أرض المعسكرات للدعم السريع كان خطأ فادحا وكارثيا، لأن الأساسي من إنشائها ليس عسكريا، وإنما استضافة الأنشطة الثقافية والشبابية والرياضية».
وأوضح أن المدينة الرياضية المجاورة لأرض المعسكرات من الناحية الشرقية كان قرار إنشائها في عام 1989 وبدأ فيها العمل بعد عامين وحتى الآن لم يتكمل، لافتا الى أنها شهدت أكبر عمليات الفساد في السودان.
وبين أن «مساحة المدينة الرياضية كانت تبلغ مليون و(150) ألف متر مربع، تم التغول عليها ووزعت مساحات واسعة من أراضيها وأصبحت فقط عبارة عن ملعب أولمبي ولم تكتمل».
إجراءات تفتيش صارمة… وميدان مفتوح للمعارك… ومعتقلات لـ «الدعم السريع»
وتأسف على تحولها لميدان معركة، وأن تكون هدفا للقصف المتواصل للطيران، في وقت تعاني البلاد من شح في الملاعب المؤهلة وغالبية الفرق الرياضية لكرة القدم تلعب خارج البلاد بسبب اشتراطات الكاف المشددة على مواصفات الاستادات التي لا تنطبق إلا على ملعب فريق الهلال، وهو الآخر اضطر بسبب الحرب لنقل نشاطه إلى دول الجوار.
استبعد الجاك أي عمليات ترميم أو إكمال للمدينة الرياضية في حال انتهاء الحرب نسبة للوضع الاقتصادي المتردي الذي سيخلفه القتال، بالإضافة إلى عدم اهتمام الدولة في الأساس بالشأن الرياضي أو الثقافي.
وحذر من أن تكون المدينة الرياضية أو أرض المعسكرات موقعا للتفاوض وتجمع القوات في حال الوصول لاتفاق في مدينة جدة السعودية بين طرفي القتال، مؤكدا أنها موقع مدني وليس عسكريا، بالتالي مفترص إخلاؤه في حال وقف إطلاق النار لا المساومة.
ووفق وسائل إعلام محلية، شهدت جولة المفاوضات الماضية في جدة تقدما في الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار وإخلاء المنازل والمرافق العامة وإخفاء المظاهر العسكرية من الشوارع، لكن برز الخلاف في أماكن تجمع القوات وتصنيف الأماكن المستولى عليها، باعتبارها مكاسب.
في جولة لـ «القدس العربي» في المكان، يلاحظ انتشار واسع لقوات الدعم السريع ممتد في المنطقة وعلى طول الطريق الرابط بين المدينة والميناء البري غربا والطريق الواصل حتى سوبا شرقا وجنوبا في مناطق جنوب الحزام.
كذلك اتضح أن حجم الأضرار في المدينة ما زال بسيطا مقارنة بكثافة القصف والمعارك العنيفة التي شهدتها، فقد تركز التخريب في مبان مجاورة للملعب الأولمبي وأرض المعسكرات.
في المنطقة تنتشر ارتكازات الدعم وتتشدد في عمليات التفتيش وفي الغالب يتم اختبار المدنيين بالحركات العسكرية وتدور التحريات حول تبرير عدم الانتماء لاستخبارات الجيش.
وتنتشر كذلك عربات المدافع الثنائية ومضادات الطيران التي تطلق قذائف على الدوام مع تحليق طائرات الجيش الحربية.
بعض الموجودين في المكان، أفادوا أن هناك معتقلات في المدينة الرياضية وأرض المعسكرات لمدنيين وعسكريين ألقت قوات الدعم القبض عليهم بدعاوى مختلفة.
عمر هنري، عضو غرفة طوارئ جنوب الحزام، قال لـ«القدس العربي» إن الدعم السريع اتخذت من المدينة الرياضية وأرض المعسكرات مقار للاعتقال وهناك معلومات أنها تضم معتقلين من قيادات النظام البائد وكبار الضباط.
وأفاد بأن المرور في المنطقة خطر، وهي النقطة الأبرز التي تتم فيها عمليات الاعتقال للمدنيين. وأشار إلى أن إصابات الجنود وضحايا تلك المنطقة يتم تحويلهم إلى مستشفى الرازي الذي، حسب شهود، اكتظ بالجرحى.
المصدر / القدس العربي
محمد الأقرع