“الموت طرق بابنا”.. المدنيون في السودان يعيشون “رعبًا لا يمكن تصوره”
قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، إنّ المدنيّين في السودان يعيشون “رعبًا لا يمكن تصوّره”، بسبب المواجهات المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل/ نيسان المنصرم.
من جهتها، أفادت منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة في بيان، أن أكثر من 20.3 مليون شخص في السودان يمثلون أكثر من 42% من سكان البلاد، “يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد”.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في البلاد، تضاعف منذ العام الماضي، وأن ما يقرب من 6.3 مليون سوداني قد دخلوا “مرحلة الطوارئ” من مراحل الجوع الحاد.
كما أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 3 ملايين نازح سوداني في الداخل، ونحو مليون لاجئ فرّوا إلى دول الجوار، منذ منتصف أبريل/ نيسان الفائت.
يأتي ذلك في وقت يتواصل العنف في السودان، حيث أفاد مراسل “العربي” في الخرطوم بأنّ تطورات الصراع في السودان تتسم بتواصل الاشتباكات العنيفة والقصف في مدن العاصمة الثلاث.
وفي تقرير بعنوان “الموت طرَق بابنا”، تحدّثت منظمة العفو الدولية عن “تفشّي جرائم الحرب، مع مقتل مدنيّين في هجمات متعمّدة وعشوائيّة”.
ويُركّز التقرير خصوصًا على وقائع من الخرطوم وإقليم دارفور غربًا، مستندًا إلى مقابلات مع 181 شخصًا في شرق تشاد، وعبر مكالمات عن بُعد.
وقالت الأمينة العامّة لمنظّمة العفو أنييس كالامار إنّ “المدنيّين في كلّ أنحاء السودان يعيشون يوميًّا رعبًا لا يمكن تصوّره في سياق صراع لا هوادة فيه بين قوّات الدعم السريع والجيش السوداني من أجل السيطرة على الأرض”.
وأضافت كالامار: “ثمّة أشخاص يُقتلون في منازلهم أو خلال بحثهم اليائس عن طعام وماء ودواء. وهم يقعون في مرمى النيران أثناء فرارهم، وتُطلق النار عليهم عمدًا في خلال هجمات مُستهدفة”.
كما أكّدت الأمينة العامة لمنظمة العفو “تعرّض عشرات النساء والفتيات، بعضهنّ لا تتجاوز أعمارهنّ 12 عامًا، للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي بأيدي متحاربين من الطرفَين. ليس هناك مكان آمن”.
وبحسب كالامار، فإنّ “دوّامة العنف في إقليم دارفور، حيث تنشر قوّات الدعم السريع وميليشيات مُتحالفة معها الموت والدمار، تُذكّر بشبح تكتيك الأرض المحروقة المستخدم في الماضي والذي يشمل أحيانًا بعض الجهات الفاعلة نفسها”.
وأشارت المنظّمة إلى أنّ “الكثير من المرافق الصحّية والإنسانيّة دُمّر أو تضرّر في أنحاء البلاد”، لافتة إلى أنّ “معظم حالات النهب الموثّقة شملت عناصر من قوّات الدعم السريع”.
كذلك استهدفت الهجمات المستشفيات والكنائس، فيما باتت عمليّات النهب منهجيّة، وفق المنظمة، التي شدّدت على أن “الهجمات المتعمّدة على العاملين في المجال الإنساني أو الأعيان الإنسانيّة، أو على المرافق الصحّية أو الوحدات الطبّية، ترقى إلى جرائم حرب”.
وعليه، دعت منظّمة العفو مجلس الأمن الدولي إلى توسيع نطاق حظر الأسلحة المطبّق حاليًّا في دارفور ليشمل السودان بأسره، وضمان احترامه.
كما دعت المجتمع الدولي لزيادة الدعم الإنساني، لا سيما وأنه “يتوجّب على البلدان المجاورة ضمان فتح حدودها أمام المدنيّين الباحثين عن الأمان”.
متابعةً لهذا الملف، تلفت الصحافية والناشطة الحقوقية رانيا عمر إلى أن القتال الدائر في السودان قد استنزف آلاف الأرواح ومن لم يمت بالرصاص مات من الجوع، على حد تعبيرها.
وتحذّر عمر في حديث إلى “العربي”، من باريس، من أن السودان على شفا كارثة إنسانية كبيرة بسبب نقص الغذاء، إلى جانب غياب السلامة المدنية “حتى أن الطواقم الطبية في المستشفيات لا تستطيع أحيانًا التعامل مع بعض حالات الإصابات”.
وتضيف: “الأرقام على أرض الواقع مخيفة جدًا، لصعوبة الأوضاع في السودان والقدرة على توصيل المعلومات بشكل دقيق إعلاميًا حول المتضررين من الحرب، وعليه يمكن أن تكون الأرقام المعلنة غير دقيقة بحيث أن الأرقام الحقيقية قد تكون أكبر بكثير”.
وتدعو الصحافية السودانية إلى إيجاد طرق بديلة وممرات آمنة لإيصال المساعدات ولا سيما الغذائية والطبية، إلى المتضررين في مختلف الولايات وعدم حصرها في الخرطوم ومناطق متفرقة أخرى.