موقع : دعم مصر للعطا..فقدان الدعم ومواجهة المنافسين.. «البرهان» يقف على رمال متحركة
دخلت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شهرها الرابع دون أن يحقق أي من الطرفين نصر في تلك الحرب العبثية – كما وصفها قائد الجيش البرهان.
تأخر حسم المعركة وضع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، تحت مرمي النيران تارة من قبل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الذي طالب بتنحي البرهان وقادة الجيش الحالين للوصول إلى اتفاق خلال 72 ساعة، وأخرى من قبل عناصر نظام الإخوان الملسمين بقادة علي كرتي رئيس الحركة الإسلامية.
كل هذا جعل البرهان يخسر الدعم داخليا وخارجيا حتى ظهرت أصوات داخل تنظيم الإخوان تُطالب بضرورة تغيير القادة الحالين وتعيين قادة لديهم توجه إسلامي واضح.
خلق أوضاع فوضوية
يرى مراقبون أن هدف الإسلاميين من تغيير البرهان ليس استعادة السلطة بالمعنى، بل خلق أوضاع فوضوية في السودان ليتسنى لهم التمتع بالامتيازات التي حصلوا عليها وضمان عدم محاسبة منسوبيه على الجرائم التي ارتكبوها خلال فترة حكمهم.
وظهر نشاط أنصار النظام البائد بشكل واضخ في الفترة الماضية. وانخراط عدد كبير منهم فيما يسمي بمعركة الكرامة حيث قُتل عدد منهم في الحرب التي يخوضها الجيش والدعم السريع، وظل قادة التنظيم يستنفرون اعضاءهم للزج بهم في تلك الحرب لجر البلاد للفوضي والحرب الأهلية بحسب مراقبون.
تغيير القيادة
ويقول الخبير العسكري الضابط المتقاعد عمر أرباب، إن مسألة خلافة البرهان معقدة لأنها تخضع لتعقيدات المشهد الموجود، وصراعاته الماثله.
ويضيف “أرباب”: لـ”التغيير” على الرغم من مخاوف البعض أن التغيير يمكن أن تحدث هزة داخل القوات المسلحة ويخلق مشاكل، لكن لا أعتقد أن ذلك يمكن أن يحدث مشاكل لأن من الأفضل تغيير القيادة الحالية.
وتابع: “تغيير القيادة كليا على أن تأتي قيادة جديدة من داخل الجيش، أو من داخل مجلس السيادة”.
وأوضح أن الخيار الأول لخلافة البرهان هو كباشي باعتباره الأقدام بالنسبة لتراتبية العسكرية، ولأن وجود كباشي كقائد عام ستكون المسألة مطمئنة لاطراف و محرجة لأخرى لوجود.
وقال “أرباب” يمكن عمل موازنة بأن يكون كباشي القائد العام، وياسر العطا رئيس لهيئة الأركان خلفا لمحمد عثمان، باعتبار أن مصيره مرتبط بالبرهان وهم دفعة واحدة.
ولفت “أرباب”، إلى أن ياسر العطا الأكثر ظهورا ويحاول يرضى كل الأطراف لكنه لم يوفق في كل تصريحاته التي أثرت في العلاقة بينه وبين قوى الحرية والتغيير.
ونبه الضابط المتقاعد، إلى وجود خيار ثالث لكنه مستبعد، بأن يكون إبراهيم جابر، الذي تربطته علاقة دم بالقبائل العربية في دارفور وتعينه سيكون مصدر قلق لجهات أخري، وقلل “أرباب” من خيار خلافة رئيس هيئة الأركان محمد عثمان الحسين لخلافة للبرهان.
وقال إن محمد عثمان لا يصلح أن يكون الرجل الأول في المؤسسة العسكرية لأنه ليس لديه شخصية تقود المرحلة في ظل التعقيدات الموجودة.
وأكد “أرباب”، أن القيادة الجديدة ستأتي من غير أن تتحمل عبء الدعم السريع وزيادة قواته وتسليحه كما فعلت القيادة الحالية، وتقاطعات علاقات سياسية وحمل جرائم مثل مسألة فض الاعتصام ويكون الباب لديهم مفتوح ليخطوا خطوات سياسة وعسكرية أكثر اجابية من القيادة الحالية.
خيار المؤتمر الوطني
وبدوره، يقول الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبوالجوخ، إن مسألة إبعاد البرهان من قيادة الجيش قد يكون خيار مطروح لدى المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي الذين أشعلوا الحرب.
ويضيف: “لكن هناك معضلة حقيقية أمامهم تتمثل في أن تكلفة وسيناريوهات الجيش في حال ابعاد البرهان سيترتب عليها إضعاف الجيش وتفككه، فالبرهان في نظر جنوده وضباطه هو قائدهم المقاتل معهم في أرض المعركة والمحاصر لأكثر من مائة يوم وهو آمر لديه قيمه كبيرة وسط الضباط والجنود ولذلك فإن أبعاده أو حتي تصفيته من أجل ابعاده ستكون لديها تداعيات كبيرة وسيترتب عليها تصدعات جراء تعقيدات خيارات اختيار بديله وهو أمر يمكن تجاوزه في حال تنفيذ انقلاب كامل يطيح بكل القيادة الحالية للجيش علي رأسهم البرهان واختيار قيادة بديلة”.
وتابع: “لكن هذا السيناريو نفسه سيقود لتصدع في الجيش ستكون نتيجتها تعقيد سياسي وعسكري اضافي للجيش وبالتالي فإن الخيار الذي يبدو متاح هو استمرار البرهان مع العمل علي محاصرته وحشره في الزوايا الضيقه لتمرير أجندة الحزب المحلول والحركة الإسلامية”.
واستطرد “أبوالجوخ”، أعتقد أن ياسر العطا ما عاد يصلح كخيار أو بديل مستقبلي نظرا لتعرض صورته العسكرية والسياسية لاهتزاز شديد منذ بداية الحرب وادلائه بتصريحات غير موفقة لا سياسيا ولا عسكريا وهو ما تمظهر قبل أيام لشن هجوم عنيف عليه من قبل الحرية والتغيير التي كانت تصنف بأن هناك تقارب بينه وبينها، بجانب انتقاده من قبل القوات المشتركة لاتفاق سلام جوبا في معرض ردها علي انتقاد العطا لحركات سلام جوبا هذا بخلاف الغضب الشعبي علي تصريحات العطا حول قصف المنازل التي يتواجد فيها الدعم السريع وجميع تلك المعطيات دفعت حظوظ العطا السياسية للخلف بشكل كبير جدا.
دعم مصر للعطا
فيما أكدت بعض التسريبات أن مصر تدعم الآن ياسر العطا، مما جعله يظهر في خطابات متكررة طابعها سياسي أكثر من عسكري مما فسره البعض بأنه يطمع في وراثة البرهان.
إلا أن مصادر دبلوماسية أكدت لـ”التغيير” تمسك القاهرة بدعهما للبرهان، وقالت المصادر إن القاهرة لا تطرح تغيير البرهان بشخص آخر من القادة الحالين للجيش.
وأوضحت المصادر أن القيادة المصرية راضية عن ما يقوم به البرهان في حربه مع الدعم السريع.
واستبعدت المصادر ان يتم تحالف بين الاخوان المسلمين والنظام في القاهرة لأن مصر تتخوف من عودة الاسلامويون للحكم مرة أخرى.
وهذا ما أكده اصدار أوامر من النيابة العامة في السودان، بالقبض على قيادات سابقة بنظام المخلوع عمر البشير، بعد ظهورهم في أنشطة عامة بعدة ولايات.
ووجهت النيابة العامة في السودان، بإلقاء القبض على عدد من القيادات السابقة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير الذين هربوا من سجن كوبر المركزي بعد اندلاع الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع.
وكانت مجموعة من قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول بقيادة رئيس الحزب المكلف أحمد محمد هارون أعلنت مغادرة سجن كوبر عقب اندلاع النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى في أبريل الماضي.
وأوقفت السلطات مجموعة من قيادات النظام البائد عقب سقوطه بالثورة الشعبية في ابريل 2019م، ووجهت لهم اتهامات في قضايا مختلفة بعضها متعلق بالانقلاب على السلطة الشرعية في يونيو 1989م، والآخر متعلق بالتحريض على قتل المتظاهرين عقب اندلاع ثورة ديسمبر 2018م، فيما يواجه بعضهم تهماً متعلقة بالفساد المالي والإداري.
القرار وجد قبول وارتياح كبير من قبل الدعامين لثورة ديسمبر وبعض ضباط الجيش المستقلين داخل القوات المسلحة التي تريد ان تكون بعيده عن الاتهامات التي ظلت تطاردها بين الحين والآخر بسيطرة الإسلاميين على الجيش.
خلافة الإسلاميين للبرهان
راجت أنباء عن ترشيح الاسلامين إلى قيادة جديدة خلفا للبرهان في حال تم ابعاده وظهر اسم اللواء نصر الدين عبد الفتاح قائد المدرعات، و كمال عبد المعروف رئيس هيئة الأركان أيام البشير ليكونوا خلفا للبرهان.
إلا أن الضابط المتقاعد “أرباب” استبعد هذه الفرضية باعتبار أن القيادة الحالية للجيش ترفض وجود شخص من خارج المؤسسة وأن الخيارات ستكون مطروحة بين قادة الجيش الحالين باعتبارهم الاحق بقيادة الجيش في هذه المرحلة خوفا من حدوث أي خلافات جديدة في حال تعين شخص من خارج القيادة الحالية.
واتفق ” أبوالجوخ”، مع “أرباب” فيما ذهب إليه، ويقول إن موضوع إحلال ضابط سابق من المعاشيين خاصة من الذين عملوا في عهد البشير سيثير ازمة مؤسسية باعتباره يقدح في قدرة الموجودين بالخدمة أما سياسيا فهو تأكيد علي عودة النظام القديم أما إذا كان البديل من داخل الجيش والضباط الحاليين بغض النظر عن شخصه فهو إذا لم يكن عن طريق تسليم وتسلم فإنه سيقود لذات نتائج الانقلاب العسكري وعلي رأسها إضعاف الجيش عسكريا وسياسيا.
وأضاف: “وبالتالي إذا اقدم المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية علي هذه الخطوة سيكون قد تسبب في تعقيد موقف الجيش عسكريا وسياسيا وشعبيا ولذلك فمن الأفضل لهم التخلي عن تنفيذ هذه الفكرة لأن نتيجتها ستكون وخيمة للغاية واشبه بإشعال النار في مستودع الوقود”.
المصدر \ موقع التغيير