“البلابسة”.. من هم قارعو طبول الحرب في السودان؟
وسط دعوات السلام ونبذ العنف في السودان، تنشط كتائب إلكترونية على منصات التواصل الاجتماعي في قرع طبول الحرب بشكل صارخ رافعة عبارة “بل بس”، التي تقصد بها ضرورة المضي قدما في حسم الصراع عسكريا، من دون الذهاب لطاولة تفاوض.
تختبئ هذه الكتائب تحت لافتة “الوطنية” وتتبنى موقفا رافضا لمبدأ التفاوض لإنهاء الصراع المسلح، الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، الذي أوى بحياة الآلاف وأجبر الملايين على النزوح، وخلف أوضاعا إنسانية مأساوية لسكان الخرطوم ومختلف مدن البلاد.
ويتبنى دعاة الحرب الذين درجت الأوساط المحلية على تسميتهم بـ”البلابسة” خطابا عنصريا قائما على تقسيم السودانيين على أساس إثني ومناطقي، وسط حملات من التخوين لكل من اتخذ موقفا محايدا من الصراع الحالي، وهو ما سيضع البلاد على طريق الحرب الأهلية الشاملة، وفق متابعين.
وتلاحق عناصر نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير الاتهامات بالوقوف وراء الحملات الداعية لاستمرار الحرب، فهي ترغب، حسب آراء كثيرين، في استمرار الوضع الفوضوي في البلاد خشية تسوية تخرجهم من المشهد السياسي، مثلما حدث عقب احتجاجات ديسمبر 2018.
مشروعية القتال
يقول الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات في السودان حسام الدين حيدر لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “مثقفي الحرب دائما ما يستخدمون خطاب الكراهية والتقسيم الإثني والمناطقي والتخوين، ويحاولون قيادة الرأي العام عبره، وذلك بغرض إعطاء مشروعية للقتال الذي ينخرطون فيه”.
ويضيف حيدر، وهو أحد الفاعلين في مبادرات محلية لوقف الحرب، أن “المفارقة المحزنة هي أن أطراف الحرب الدائرة أنفسهم وصفوها بالعبثية ويرون أنها يجب أن تتوقف، لكن ما يزال البعض يتعاملون معها مثل كرة القدم، وكأنهم يشجعون الموت المجاني ومعاناة المواطنين من على مدرجات الملاعب الرياضية”.
وتابع: “هذا الخطاب يستثمر فيه أصحاب الأجندات السياسية ومن لهم مصلحة في استمرار الحرب لتحقيق مشاريعهم السياسية بالبندقية، ومن المؤسف الا تشكل الانتهاكات بحق المدنيين أي وازع ومانع أخلاقي وقيمي لمؤيدي الحرب”.
ويرى حيدر “ضرورة تحكيم صوت العقل في هذه المرحلة، ووقف عمليات التضليل الإعلامي، لأن الخاسر الأول في هذه الحرب هم المواطنين الذين يواجهون شبح الموت بالرصاص ومأساة النزوح”.
وينشط “البلابسة” على منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، ومن بينهم عناصر معروفة بولائها للنظام السابق، وكانوا يعارضوا أي تحركات يجريها الجيش للانخراط في مشاورات للتهدئة، بل يطالبونه بالاستمرار في القتال إلى حين الانتصار على قوات الدعم السريع وحسم الأمور عسكريا.
فلول الحرب
ويشير الناشط في مبادرة “سودانيون ضد الحرب” عمر هنري، إلى أن “البلابسة لم يتذوقوا مرارات الحرب، فهم مجموعة من النفعيين داخل البلاد وخارجها يعملون على تغذية الصراع المسلح، لأن لديهم مصالح مادية وسياسية من استمراره”.
ويقول هنري لموقع “سكاي نيوز عربية”: “بالطبع من يقود حملة استمرار الحرب هم فلول نظام الإخوان السابق، فهم الجهة الوحيدة التي لديها مصلحة في العنف والفوضى، لأن أي تسوية وحلول للأزمة الحالية ستخرجهم من المشهد السياسي وربما تكون نهايتهم، نظرا لتصاعد الكراهية الشعبية لهم ولمشروعهم السياسي”.
وبالتزامن مع حملات “البلابسة” المكثفة ضد الحوار، ترتفع الأصوات والمبادرات الداعية لوقف الحرب، حيث أصبحت دعوات السلام مزاجا شعبيا بعد أن سئم أهل السودان القتال وما خلفه من أوضاع مأساوية.
ويضيف هنري: “ستنصر أصوات السلام على طبول الحرب مهما كان حجم من يقفون خلفها. سنستمر في عملنا ومبادراتنا وسنرفع صوتنا عاليا: لا للحرب، وداخلنا أمل كبير أن حراكنا سينتصر وستتوقف كل هذه المآسي من قتل وتشريد ونزوح ولجوء”.
من جهة أخرى، يرى مدير مركز “سلاميديا” لدراسات السلام في السودان عباس التجاني، أنه “يحمد وجود أصوات تدعو للسلام وسط كل هذا الزخم من دعوات العنف والتحريض على الحرب في المشهد، لكن لا توجد دراسات لقياس درجة تأثير كلا الخطابين على الرأي العام المحلي”.
ويقول التجاني لموقع “سكاي نيوز عربية”: “من المؤكد أن وجود خطاب تحريضي سيؤثر بشكل سلبي ويقود إلى مزيد من الحرب والدمار والتفكك، خاصة في ظل وجود بيئة خصبة تنتشر فيها ثقافة العنف والثأر وغيرها”.
ويضيف: “يجب أن تتم مكافحة دعوات العنف بخطاب عقلاني منطقي بغرض خلق تأثير إيجابي يقود إلى وقف هذه الحرب”.
المصدر / سكاي نيوز عربية