حماية الصحفيين ومراسلي القنوات الفضائية أثناء النزاعات المسلح في السودان .. د. رجاء عبدالله الزبير
حماية الصحفيين ومراسلي القنوات الفضائية أثناء النزاعات المسلح في السودان..
د. رجاء عبدالله الزبير
بتاريخ 28 أبريل 2023، حذرت نقابة الصحفيين السودانيين من تعرض الاعلاميين من الصحفيين ومراسلي القنوات الفضائية في السودان لأي خطر بعد الخطابات التحريضية التي صدرت ضدهم،
باعتباره يتنافي مع القوانيين والاخلاق والاعراف المتفق عليها ،وادانت شبكة الصحفيين اعتقال مدير قناة الجزيرة بالخرطوم وتهديد بعض المراسلين وطردهم من البلاد .
راينا تسليط الضوء على الإطار القانوني الخاص بحماية الصحفيين اثناء النزاعات المسلحة والقواعد التي تكفل حمايتهم من مخاطر الهجمات غير المتوقعة أثناء تادية واجبهم الرسمي عند تغطية وقائع النزاع المسلح،
ليتمكنوا من الدفاع عن حقوقهم من خلال معرفة الإطار القانوني الدولي للعمل الصحفي وأساليب إستعماله،والقواعد التي تجرم الهجمات غير المشروعة التي تستهدف الصحفيين.
يميز القانون الدولي الإنساني بين ثلاث فئات من الصحفيين العاملين في مناطق النزاع المسلح
وهم المراسلين الحربين المعتمدين لدى القوات المسلحة،والصحفين المستقلين المتخصصين الموجودين بترخيص من القوات المسلحة لطرف محارب وتحت حمايته،
في مسرح العمليات ،بالإضافة للصحافين الذين يقومون بمهمات مهنية خطرة.
وفي بعض الاحيان يتم إدماج الصحافي ضمن القوات المسلحة لضمان حمايته،مما يجعلهم يشبهون المراسلين الحربيين،
مثل ما حدث في حرب العراق عام 2003 إذ تم إلحاق الصحفين بالوحدات الامريكية والبريطانية المقاتلة بعد موافقتهم على الدمج الذي أجبرهم أن يلزموا هذه الوحدات التي ضمنت لهم الحماية،
وعندما يتم القبض عليهم يستحقوا وضع أسرى الحرب وذلك في حالات النزاع المسلح الدولي.
يتمتع الصحفي والمراسل الحربي المرافق للقوات المسلحة بالحماية الكاملة الممنوحة للمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني،
ولا يجوز إستهدافهم عسكرياً، وإذا وقع المراسل الحربي في قبضة العدو يستحق أن يًمنح وضع أسير حرب، فلا يجوز التعرض له وإيذائه ويسلم في أقرب فرصة إلى وحدته،
كذلك يتمتع الصحفي الذي يقوم بمهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة بالحماية الممنوحة للمدنيين،ويحق له بموجب القانون الحصول على بطاقة هوية تصدرها حكومة الدولة التي يكون الصحفي من رعاياها،
أو يٌقيم فيها،أو يقع فيها جهاز الانباء الذي يستخدمه وتشهد على صفته كصحفي.
أما وسائل الاعلام الاخبارية كمبنى الاذاعة والتلفزيون تشكل حسب القانون الدولي الإنساني أعياناً مدنية لا يجوز مهاجمتها وتتمتع بالحماية،إلا إذا تم إستخدامها لاغراض عسكرية ،
وفي بعض الاحيان يتم إستخدام المرافق والمعدات الاعلامية إستخداماً مزدوجاً للاغراض العسكرية والمدنية على حد سواء،مما يؤدي إلى صعوبات بشأن الحماية الممنوحة لهم،
كما حدث في حرب العراق عام 2003 بأن قصفت قوات التحالف مبنى وزارة الاعلام في بغداد مرتين مبررين ذلك القصف بان المبنى تم إستخدامه إستخداماً مزدوجاً،
وفي كل الحالات لابد للطرف الخصم من توجيه إنذار مسبق قبل قصف مبنى الاذاعة والتلفزيون حتى يتمكن المدنيون من الخروج في وقت مناسب .
وقد أعتمدت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة موقفاً واضحاً في أن الاعلام لا يمكن أن يكون هدفاً عسكرياً مشروعاً لمجرد نشرة الدعاية للحرب حتى ولو كان لدعم المجهود الحربي،
وليس معني هذا جواز الترخيص بكافة أشكال الدعاية ،فالدعاية التي تحرض على إرتكاب جرائم الحرب أو الإبادة الجماعية أو أفعال العنف تصبح هدفاً عسكرياً ،
كما أن الصحفي الذي يحرض على إرتكاب مثل هذه الجرائم عبر وسائل الإعلام يفقد الحماية التي يمنحها له القانون،ويصبح مشاركاً في العمليات العدائية،ويجوز إستهدافه.
وفي إطار التمييز بين الصحفي والجاسوس،فان الصحفي يعمل على تغطية الاحداث الخاصة بالنزاع المسلح بصورة علنية وينشرها في وسائل الاعلام،في حين أن الجاسوس يجمع المعلومات العسكرية خفية بقصد تبليغها إلى الطرف العدو،
ويعتبرعمل الصحفي من الاعمال المشروعة بموجب القانون الدولي الإنساني أما الجاسوس يُصنف من الاعمال غير المشروعة المعاقب عليها وفقاً للقانون.
ونود أن نؤكد بأن التداول الحر للافكار والاراء هو أحد الحقوق الطبيعية للإنسان ، للتعبير عن أنفسهم باي شكل من اشكال التعبير عن الرأي،
سواء وقت السلم أو أثناء النزاعات المسلحة ،وتشكل حرية الصحافة الضمانة التي تقدمها الدولة لحرية التعبير المكفولة في الصكوك الدولية ودساتير الدول ،
بالرغم من أن الحرية الصحفية هي الاصل ،لكنها إستثناءً تم إخضاعها لقيود وفق معايير محددة حمايةً للفرد والمجتمع وأمن الدولة،حتى لا تحيد عن الطريق القويم.