عائلات سودانية تفترق بعد قواعد التأشيرات المصرية الجديدة
تفرق شمل، الصافي مهدي، عن زوجته وأطفاله الثلاثة الصغار، في أول يونيو، قرب الحدود السودانية مع مصر. ولا يعرف متى سيراهم ثانية.
ومهدي مدرس موسيقى وقائد فرقة بارز، غادر منزله دون تأشيرة مطلوبة لدخول مصر مثل كثير من الأسر التي غادرت الخرطوم فرارا من الحرب.
وتعين على كل من ولديه الأكبر سنا، أحدهما عمره 19 عاما والآخر 17 عاما، تجديد جواز سفره، وهي مهمة أصبحت مستحيلة، لأن الصراع أصاب مكاتب الحكومة المركزية بالشلل.
وعاد مهدي وابناه الكبيران إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، بينما اتجه باقي أفراد الأسرة شمالا إلى القاهرة.
وكانت العائلة قد قررت مغادرة بحري، وهي جزء من عاصمة السودان الكبرى، بعد سماع ضربات جوية مكثفة من منزلهم.
وقال مهدي إنه مقرب جدا من أولاده الصغار وإنهم لم يقبلوا فكرة مغادرته. وأضاف أنه أخبرهم بأنه سيلتحق بهم في غضون يومين أو ثلاثة أيام في مصر، لكنه كان يعلم أن الأمر ليس سهلا وسيستغرق وقتا طويلا.
وخرج أكثر من 2.5 مليون شخص من ديارهم بسبب الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي اندلع، في 15 أبريل، ومن بين هؤلاء النازحين نحو 600 ألف لجؤوا إلى الدول المجاورة.
وعبر أكثر من 250 ألفا إلى مصر التي بدأت تطلب من جميع السودانيين، في 10 يونيو، الحصول على تأشيرات دخول.
وقبل ذلك، لم تكن السلطات المصرية تطلب تأشيرات إلا من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و50 عاما، مما يعني أن كثيرين من النساء والأطفال وكبار السن دخلوا البلاد بينما مكث الرجال في بلدة وادي حلفا بشمال السودان ينتظرون أياما أو أسابيع لتقديم طلبات للحصول على تأشيرات في القنصلية المصرية.
وفي 13 يونيو، قالت الأمم المتحدة إن نحو 12 ألف عائلة نازحة تقيم في وادي حلفا. ويقول شهود إن بعض الذين وصلوا إلى البلدة انسحبوا في الآونة الأخيرة إلى بلدات ومدن أكبر في شمالي السودان، على أمل تغيير القواعد لتسمح بوصول أسهل للاجئين.
طبقت القواعد المصرية الجديدة للتأشيرات على اللاجئين من النساء وكبار السن. وقالت سعدية عبد الله (80 عاما) التي تعاني من مشكلات صحية مزمنة، إنها غادرت الخرطوم قبل فرض القواعد الجديدة.
وفي مكالمة هاتفية مع رويترز من وادي حلفا، الأسبوع الماضي، قبل أن تقطع نحو 900 كلم إلى مدينة كسلا بشرقي السودان لتنتظر فرصة أخرى للعبور، أبدت سعدية استياءها من منعها من دخول مصر، لأنها مريضة ولا يتوفر علاج لها في السودان.
وتقول مصر إنها طبقت قواعد التأشيرات الجديدة لمواجهة “أنشطة غير قانونية”. ولم ترد وزارة الخارجية المصرية على طلب يستفسر عن نوعيه هذه الأنشطة وكيف ترتبط بالنساء والأطفال وكبار السن.
وناشدت الأمم المتحدة الدول المجاورة للسودان إبقاء حدودها مفتوحة.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، هذا الأسبوع، إنه فتح ممرا إنسانيا لتوصيل المواد الغذائية من جنوبي مصر إلى وادي حلفا.
وما زال أمل اللحاق بالعائلة في مصر يداعب خيال بعض المقيمين في الخيام بوادي حلفا. ومن بين هؤلاء نادر إسماعيل (48 عاما) الذي قال إنه يعيش في وادي حلفا مع ابنه الأكبر منذ ستة أسابيع.
وقال إسماعيل إن ظروف العيش في الخيام صعبة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وإن أمله الوحيد هو الحصول على تأشيرة حتى يلتئم شمله بباقي الأسرة مرة أخرى.
وقالت سهير صديق علي، زوجة مهدي، في الوقت الذي عبرت فيه إلى مصر مع أطفالها الثلاثة الصغار بعد رحلة طويلة وصعبة، إن مصر كانت الدولة الوحيدة المفتوحة أمامهم.
وأضافت أنه ليس بوسعها شيء إلا الانتظار حتى يتمكن باقي أفراد الأسرة من اللحاق بهم.
وقالت إنها تتحدث معهم هاتفيا كل يوم لكن الأمر شاق عليهم.
وتدور، منذ منتصف أبريل الماضي، معارك بين الجيش السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي” أوقعت أكثر من ألفي قتيل، وفقا لتقديرات يرى خبراء أنها أقل بكثير من الواقع.