في السودان.. مسحراتي بشهادة جامعية
بأهازيج دينية ومدائح النبوية، تتجول مجموعة من الشباب السودانيين خلال ليالي رمضان في حي “بري” العريق وسط العاصمة الخرطوم لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور.
هؤلاء يتجمعون قبل موعد آذان الفجر بساعتين، ويتحلقون في ميدان واسع أمام نار أشعلوها من أوراق وأعواد أشجار لشد الطبل المصنوع من جلد الحيوانات ليخرج صوته قويا ونديا وشجيا.
يرتدي معظمهم جلابيب خضراء فضفاضة مزركشة ويعلقون مسبحات حول أعناقهم قبل الطواف في الطرقات والأزقة لتنبيه الصائمين بحلول وقت تناول وجبة السحور والاستعداد لأداء صلاة الفجر.
الفكرة توارثها هؤلاء الشباب عن أجدادهم باعتبارها أحد الموروثات الشعبية التي يجب المحافظة عليها من الاندثار.
وأفراد المجموعة، وهم 30 شابا، تتفاوت أعمارهم بين 20 و25 عاما، ويدرسون في جامعات ويتبعون الطريقة “القادرية العركية” في السودان، ويتطلعون إلى الحفاظ على التقاليد خاصة خلال المناسبات الدينية.
والطريقة “القادرية العركية” فرع عن الطريقة القادرية المنتسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني وتنتشر على نطاق واسع في السودان.
ويكفي المسحراتية الشباب ما يشعرون به من غبطة وسرور، وهم لا يتقاضون أجرا نظير خدماتهم الليلة في إيقاظ النائمين.
وعلى الرغم من التطور التكنولوجي، تتمسك الأغلبية العظمى في السودان، خاصة في الأحياء الصغيرة والضواحي، بالمسحراتي كتراث يعيدهم إلى الماضي وذكريات الطفولة.
قبول رائع
كاميرا الأناضول تجولت في شوارع وأزقة ضيقة في حي بري لتوثيق مشاهد المسحراتية الشباب، الذين يتمتعون بالنشاط والحيوية ويضربون وينشدون ويصفقون لتنبيه الناس بحلول موعد تناول وجبة السحور.
ويفتح كثيرون، بينهم رجال ونساء وأطفال، نوافذ منازلهم لينظروا بسعادة غامرة إلى المسحراتية وهم يتجولون في الشوارع.
وقال مازن حسين أحد المسحراتية الشباب: “نحن كشباب نتبع للطريقة القادرية العركية في السودان”.
حسين أوضح أن “الفكرة بدأت منذ القدم ونحن شباب جامعيين توارثنا الفكرة من أجدادنا واستلمنا الراية ونعتزم تسليمها إلى الآخرين.. فكرة المسحراتي قديمة قبل ظهور الهواتف الذكية والتكنولوجيا الحديثة لإحياء التراث وعدم اندثاره”.
وتابع: “نتجمع أمام المسجد في الميدان الكبير وأنشأنا مجموعة عمل على تطبيق واتساب للتواصل فيما بيننا.. والمدائح النبوية والتهليل والتكبير والأناشيد الدينية تجد تجاوبا كبيرا من المواطنين في الشارع”.
رامي عبد القادر وهو أيضا من المسحراتية الشباب قال للأناضول: “نحن شباب نشأنا على التصوف، وفكرة المسحراتي توارثناها من أجدادنا”.
وأردف: “الفكرة وجدت قبولا رائعا من الأسر التي تخرج إلى الشارع وتقدم لنا المشروبات الباردة وهم يطلبون أداء الأناشيد الدينية والمدائح النبوية”.