عثمان ميرغني يكتب .. النداء الأخير
عثمان ميرغني يكتب : النداء الأخير
تبقى يومان فقط للميقات المضروب لتوقيع الاتفاق النهائي، وهي مهلة كافية لاتخاذ القرارات الشجاعة.. فالتاريخ يسجل أسماء الذين يصنعون مثل هذه القرارت في مثل هذه المنحنيات الخطرة.
الاتفاق النهائي بات جاهزاً من حيث النصوص .. لكنه يواجه معضلة حقيقية في التوقيعات.. ولا تزال هناك فرصة لاستيعاب المكونات السياسية التي امتنعت عن التوقيع على الاتفاق الإطاري، بالتحديد حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل الذي يمثل نائب الرئيس جعفر الميرغني.
إنضمام هذه المكونات الثلاثة لحفل توقيع الاتفاق النهائي يوم الأول من إبريل أمر حيوي ومهم لنجاح الفترة الانتقالية.. إذ سيوفر منصة سياسية أقرب للاجماع الوطني، وهو أمرمطلوب بقوة لعبور الأزمة السياسية وإنتاج حكومة انتقالية معافاة، وفي تقديري المسافة الفاصلة بين الموقعين وغير الموقعين ميسورة ويمكن تجاوزها دون الحاجة لـ”أي دمعة حزن، لا،لا” لتنازلات حرجة من أي طرف، فالمكونات الثلاثة تمثل الكتلة الديموقراطية دون الحاجة لكتابة ذلك في وثيقة الاتفاق.. المسافة بين الموقعين وغير الموقعين هنا نفسية أكثر من كونها موضوعية .. ومن أجل الوطن من الحكمة السمو فوق الخلافات الصغيرة..
إذا دخلت المكونات الثلاثة–الممانعة حتى الآن- تحت مظلة الاتفاق النهائي فإن ذلك يعطي دفعة قوية للعملية السياسية تستطيع عبور المسافة القصيرة المتبقية لتكوين هياكل السلطة الانتقالية كافة، خاصة المجلس التشريعي، وبعدها يصبح المناخ مواتياً لمراجعة الخلافات السياسية في بيئة هادئة..
ولكن إذا أصر الجميع على البقاء في خنادقهم الحالية، فإن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون معركة فيها منتصر ومهزوم.. فائز وخاسر.. وبالطبع سيدفع ثمن ذلك الوطن لأنه يعني تمديد أجل الأزمة السياسية، وبصورة قد تفضي الى تجديد خطر الانقضاض عليها ..للمرة الثانية والأخيرة..
الزمن محسوب الآن بالساعات وليس الأيام، واللحظات التاريخية العصيبة تتطلب شجاعة يسجلها التاريخ.. ولا بديل الأن إلا اتخاذ القرارات القوية التي تنهي الأزمة السياسية..
السادة الكرام جبريل ومناوي وجعفر لا تترددوا وقعوا على الاتفاق النهائي بأعين مغمضة.. فالمحك الآن ليس النصوص بل استعادة الفترة الانتقالية وبأعجل ما تيسر.. وبعدها سيكون المجلس التشريعي ساحة مناسبة للمراجعة وتصحيح ما فات..
صحيح هناك كثير من الأخطاء والخطايا في وثقة الاتفاق السياسي النهائي ، أخطاء تمثل خطراً حقيقياً على الفترة الانتقالية المقبلة، لكن الأمر قابل للاستدراك والتصحيح تحت قبة البرلمان.. المطلوب الآن الخروج من الحالة الانقلابية الى الحالة الانتقالية.. بأسرع ما يمكن.. ثم بعد ذلك لكل حادثة حديث..