ولماذا لا يُكَوّن البرلمان أولا .. عثمان ميرغني
ولماذا لا يُكَوّن البرلمان أولا..
عثمان ميرغني
قرأت تغريدة للأستاذ ياسر عرمان في “تويتر” يقول فيها (تكوين الحكومة المدنية يجب أن يتزامن مع تكوين الجهاز التشريعي الانتقالي حتى لا تتكرر أخطاء الأمس، وعلينا هذه المرة إعطاء مساحة أكبر للشباب ولجان المقاومة والنساء وبناء نموذج ديموقراطي جديد للحكم المحلي بمشاركة تلك الفئات..)
واتفق مع عرمان في هذا الصدد، ولكن لماذا لا ينشأ المجلس التشريعي “البرلمان” أولاً، ويتولى تشكيل الحكومة حسب النظام البرلماني الذي بنيت عليه هياكل الفترة الانتقالية المنقلب عليها..
وطالما هو برلمان معين وليس منتخباً، فالأمر لن يستغرق وقتاً، الجهة التي عليها تكوين البرلمان ليس مطلوباً منها سوى سهر ليلة أو ليلتين لاقتراح أسماء النواب المعينين، علماً بأن 25% منهم أصلاً حددتهم اتفاقية جوبا للسلام، ولم يتبق سوى الـ75%.
بل وأكثر من ذلك، لماذا لا نترك للمجلس التشريعي اختيار رئيس الوزراء؟ ليكون خاضعاً للبرلمان الذي يراقب أداء الحكومة ويستطيع أن يسحب الثقة فيها كما حدث لحكومة السيد الصادق المهدي عندما كان رئيساً للوزراء في 1966 و فقد منصبه بأصوات 16 نائباً في الجمعية التاسيسية عند التصويت على الثقة ، ولم يمكث في رئاسة مجلس الوزراء إلا حوالى 9 أشهر (27 يوليو 1966 الى 15 مايو 1967).
تكوين البرلمن من الأفضل أن يكون قطاعياً، بمعنى أن تخصص مقاعد على أسس قطاعية، أقترح عشرة مقاعد لكل قطاع مثلاً :
القانونيون، الدبلوماسيون، المهنيون، المغتربون، القوات النظامية، المزارعون، الرعاة، أساتذة الجامعات، الأحزاب، منظمات المجتمع المدني، وهكذا.. وإذا كان ثمة داع لتحديد نسب فئوية مثلاً للشباب والمرأة، فيجب أن تكون وفق القطاعات المحددة، وليس خارجها.
وبالضرورة بعد اختيار رئيس الوزراء بوساطة البرلمان، فإن عليه اختيار وزرائه بكامل إرادته ثم عرضهم على البرلمان لاعتمادهم، أي أن البرلمان لن ينظر في ترشيحات وزراء ليوافق عليهم، بل سيتمتع بحق الفيتو للاعتراض على من قد يكون متورطاً في ما يمنع توليه المنصب.
وبعد اختيار رئيس الوزراء ثم اعتماد الوزراء الذين اختارهم، يجب على البرلمان استكمال بقية هياكل الدولة وعلى رأسها المحكمة الدستورية ومجلس القضاء العالي، ومجلس النيابة العامة، والمفوضيات و على رأسها مفوضية العدالة الانتقالية.
وحتى لا يضيع من الزمن أكثر، لماذا لا تبدأ إجراءات اختيار نواب البرلمان الآن؟ فالوقت المهدر الذي ضاع من عمر بلادنا الوطني كبير، والشعب السوداني فقد كثيراً من المصالح التي لا تنتظر مثل هذه الأزمات السياسية عديمة الموضوع.
من الحكمة أن ندرك أن الوقت ينفخ ضد أشرعة بلادنا، فالأجدر أن نعجل بتنفيذ مقترح اختيار الحكومة من داخل قبة البرلمان.