بعضها أثار الاستغراب: بيانات الشرطة.. سر الغموض!!
بين النفي والتكذيب.. أو التوضيح، وأخرى بعبارات، أو تلميحات، غامضة.. أثار بيان للمكتب الصحفي للشرطة أمس الأول، موجة من الانتقادات والاستغراب والاستهجان في ذات الوقت على السوشال ميديا، ومنصات التواصل الاجتماعي بسبب غموضه من جهة وشموله لى عبارات “مبهمة” من جهة أخرى، رغم أن البيان وردت به آيات قرءانية وأحاديث نبوية للاستدلال بها.
ولم توضح الشرطة المضمون أو الهدف من البيان، في وقت بدأ فيه أنه موجه لجهة لم يسمها.
البيان التالي
ونص بيان لوزارة الداخلية
رئاسة قوات الشرطة
استهل بقول الحق: قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
صدق الله العظيم
وكما قال الإمام علي كرَّم الله وجهه (سكت أهل الحق عن أهل الباطل فظن أهل الباطل أنهم على حق) ..ماتقوم به وزارة الداخلية ورئاسة قوات الشرطة من إجراءات وقرارات مستندة على مؤسسية ولجان وتحكمها معايير ومبادئ وفقاً للقانون واللوائح الأوامر والمنشورات، ويستند على ماضٍ وإرث عريق وتليد وخبرة تراكمية هي عمر المؤسسة) ١١٦عاماً)، وتعلم رئاسة قوات الشرطة أن الموازين كثيرة نضع اعتباراً لميزان واحد هو المهنية والتجرُّد فقط دون غيره.
وواصل البيان ما أثير حوله ( دون توضيح) ..لهو صراخ وعويل (ولولة) من لوبيهات وشلليات صاحبة الصوت العالي وتبادل المصالح التي ظلت لوقت طويل تتحكم فى الكثير من مفاصل المؤسسة بسواتر متعددة وتعتقد أنها الوارث والمالك الحصري للشرطة وبعقلية ومنهجية واحدة لا ثاني لها وهي الشخصنة والمصالح المبنية على باطل وتزوير الحقيقة التي لا تصمد أمام الحق.
وحذَّر البيان مهما طال الزمن وبقى وتلبس ثياب المكر والدهاء معتمدين على الماديات ناسين قدرة الحق عز وجل لذلك كان لابد أن ينكشف ذلك وإننا نعلم دوافع هذا المخطط ومدبريه وستتخذ مايلزم من إجراءات قانونية تجاه أصحابه وتقديمهم للعدالة.
هذا ما يؤكد سيرنا في الاتجاه الصحيح مع القواعد التي تستحق الكثير وتبقي هذه المؤسسة شامخة وقوية برجالها تحفظ الأمن والاستقرار في سبيل الوطن والمواطن وتقدم القيادة تلو الأخرى
ونتحمَّل المساءلة عنه أمام الله والجميع.
قال تعالى :
(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
ما وراء القصد
والبيان الذي وصفه ناشطون بالهتافات ..فسَّره محلِّلون بأنه يكشف عن صراع خفي يدور داخل المؤسسة، وموجة سخط من بعض القيادات العليا ضد مديرها الحالي ووزير الداخلية المكلف حامد عنان، الذي تم تعيينه بواسطة القائد العام للقوات المسلحة عبد عبدالفتاح البرهان.
كما أثيرت شبهات عديدة وتناقلت الأسافير..روايات حول تعيين “عنان” لمجموعة من أقاربه وأصهاره في مناصب حساسة بجهاز الشرطة داخل البلاد وفي البعثات الدبلوماسية الخارجية.
وتتحدَّث مصادر عن اتخاذ عنان للعديد من القرارات التي تثير السخط وسط الشرطة.
ليست بخير
قال الخبير القانوني والناشط السياسي معز حضرة لـ(الصيحة): إن مثل هذه البيانات الغريبة والعجيبة حسب وصفه من المؤسسة الشرطية، أن دلت فإنما تدل على شيء واحد وهو أن ” الشرطة ليست بخير” …وأنها تمر بأسوأ أيامها، أضف إلى ذلك الهجوم الذي تعرَّض له قسم الشرطة الشمالي من عناصر مسلحة،
وأردف : معلوم عن الشرطة أنها طيلة الحقب الزمنية في السودان نزاهتها، وعراقتها، ولكن الآن ومنذ انقلاب 25 أكتوبر، أصبحت في حالة عداء مع الشعب السوداني، لاسيما بعد قضية تبرئة الثمانية من الناشطين ثبت بلا يدع مجالاً للشك تورط بعض عناصر الشرطة تقوم بتلفيق التهم والجرائم، تقوم بضرب وتعذيب المتهمين، وربما القتل مثلما حدث مع قتلة إبراهيم شمس الدين، بشرق النيل.
وأضاف كل هذه دلائل وقرائن على أن بعض عناصر الشرطة لاتمتلك المهنية الكافية، وأن قيادة الشرطة الحالية قد تكون غير صالحة لإدارة هذه المؤسسة المهمة .
وبالتالي فإن عقيدة الشرطة تحتاج إلى قيادات جديدة لإدارة هذه المؤسسة العريقة التي هي في الأساس جزء من الشعب السوداني، لأن القيادة الحالية أدخلت الشرطة في مشاكل، وهنالك شبهات فساد بأن المدير الحالي يقوم بتعيين أولي القربة والنسب من أبنائه وأزواج بناته،وقال: ننتظر توضيحات عن مثل هذه الترشيحات التي تتناقلها الأسافير.
وأوضح أمس الأول كانت هنالك وقفة لأسر الشهداء تندد وتطالب بإقالة مدير الشرطة، والنائب العام.
حمَّال أوجه
من جانبه رأى رئيس اللجنة القانونية للمكتب السياسي حزب الأمة القومي آدم جريجير، في حديثه لـ(الصيحة) : البيان الذي صدر عن الشرطة مثير للاستغراب “وحمَّال أوجه “، وأوضح أن بيانات الشرطة مؤخراً باتت أقرب للهتافات الثورية، أو حلبة لتصفية الحسابات، وربما دل على صراع خفي، وزاد: لكن الأكيد أن مؤسسة الشرطة باتت غير متماسكة، وأن بدت للعيان التماسك..لكن الأحداث تشئ بوجود صراع.
وقال جريجير: إن الربكة التي تقع فيها المؤسسة الشرطية عند توصيفها بين المدنية أو عسكرية تثير حيرة منسوبيها، لاسيما وأنهم يرتدون الزي العسكري ويحملون صبغة عسكرية، لكنهم قطاع مدني بحت يجب أن يكونوا تابعين للقوى المدنية، وبالتالي لابد أن تتغيَّر عقيدتهم إلى المدنية وهم حماة العدالة، لكن لا علاقة لهم بالمؤسسة العسكرية وفي كل العالم المؤسسة العسكرية هي جزء من المدنية .
ولم يستبعد وجود صراع داخل المؤسسة أخرج البيان من صياغ التوضيح إلى صياغ غامض ومبهم يظهر كأنه موجه إلى جهات بعينها وليس للرأي العام.