عثمان ميرغني يكتب .. محمد حمدان دقلو
عثمان ميرغني يكتب .. محمد حمدان دقلو
لو كان هناك رجل واحد يتمنى أن يغمض عينيه ويفتحهما وبجد الدعم السريع اندمج في القوات المسلحة.. فهو محمد حمدان دقلو..
أرجوكم اقبلوا هذه الجرعة من الصراحة، وإذ أدرك أن البعض يستحلى السباحة مع التيار العام.. ولا يفضل الحقيقة إن كانت تسلبه متعة هذه السباحة..
حول قضية دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية و بوصفي من المراقبين وقادر على رؤية كثير مما هو خلف الغيوم والسحب،
لو كان هناك شخص واحد في السودان يتمنى أن يغمض عينيه ثم يفتحهما ويجد قوات الدعم السريع وقد اندمجت اندماجا كاملا في القوات المسلحة لكان هذا الرجل هو محمد حمدان دقلو! و دعونا هنا نضع الاسم مجردا من كل الألقاب الرسمية أو السيادية أو حتى الشعبية..
الحيثيات واضحة.. أصبروا على قراءتها..
محمد حمدان دقلو المستفيد الأول من دمج الدعم السريع في الجيش، فالعُمر العسكري قصير مهما بدا طويلا.. والعمر السياسي ممتد مهما بدا قصيرا..
العُمر العسكري؛ في أية قوات نظامية “جيش-مخابرات –شرطة- دعم” قانون الخدمة يمنع كائنا من كان أن يتجاوز العمر المحدد في الخدمة عموما و في الرتبة العسكرية خاصة.. عمر معلوم بعدها يفارق المنصب العسكري..
لكن العمر السياسي، مفتوح، فالذي يتحول من المسار العسكري إلى السياسي يصبح أمامه طريق ممتد على قدر قدرته وارادته في السير في هذا الطريق..
أعطيكم مثالا..
سعادة اللواء فضل الله برمة ناصر.. عسكري محترم أدى واجبه الوظيفي في مؤسسة القوات المسلحة السودانية لكن عندما حان الأجل العسكري لم يكن قادرا على البقاء يوما واحدا أكثر مما هو متاح له عسكريا..
لكن السيد برمة ناصر تحول إلى المسار السياسي .. وبعد أكثر من 33 سنة منذ تقلده منصب وزير الدولة بوزارة الدفاع في حكومة السيد الصادق المهدي (1986-1989) لا يزال حتى اليوم رئيسا لواحد من أكبر الأحزاب السودانية، حزب الأمة القومي..
وله الفرصة أن يستمر في رئاسة الحزب بل قد تحمله تيارات المشهد السياسى إلى منصب رئيس مجلس السيادة.. فهو قادر على العطاء في الحزب و السيادة و حتى رئاسة مجلس الوزراء.. هنا هو محكوم بالعمر السياسي الممتد لا العمر العسكري الذي لم يكن في يده أن يتجاوز ميقاته المعلوم..
الآن .. واعلم أن هذا الحديث لا يرضي الكثيرين.. رغم كثرة الحديث عن انتقال ديموقراطي يفضي لانتخابات.. ورغم أن البعض يتحرش بالبعض ويتهمهم بأنهم يتهربون من الانتخابات..
ومع ذلك ليس هناك حزب واحد أو شخص واحد يعمل للانتخابات.. كل الأحزاب مشغولة وغارقة في يوميات الأزمة السودانية.. ماعدا رجل واحد.. يعمل ليل نهار.. وبمنتهى الجدية ليعد نفسه للانتخابات.. هذا الشخص هو محمد حمدان دقلو..
يدعم المنظمات الخيرية، يكافح المخدرات، يدعم الفرق الرياضية، يزور ويدعم المبدعين من فنانين وأدباء و رموز المجتمع، و يجتهد في ترفيع علاقته بالادارات الأهلية والطرق الصوفية لدرجة (تهادوا تحابوا) فيجزل للبعض الهدايا ثم يلومونه عليها..
معطيات الراهن تبرهن أن محمد حمدان دقلو هو الوحيد في المشهد السياسي الذي يعد نفسه لصندوق الانتخابات، لا صندوق الذخيرة.. ومن الحكمة ومصلحة البلاد أن يُشجع على ذلك.. رجل يفضل وضع البندقية على الأرض والمنافسة في المسار السياسي أليس أحق بأن تدفعه الرياح الوطنية نحو هذا المسار بدلا من اغراقه في بحيرة مصطنعة اسمها “الدمج”.. من صنع الخيال السياسي..