عثمان ميرغني يكتب ..أعد

عثمان ميرغني يكتب ..أعد

عاد الفريق أول عبدالفتاح البرهان من زيارة استمرت يومين إلى الشقيقة دولة الإمارات العربية و في تصريحات لوزير الخارجية المكلف علي الصادق تلخص نتائج الزيارة قال (تم الاتفاق على تكوين فريق عمل مشترك رفيع المستوى لوضع رؤية لسير العلاقات الثنائية في المجالات كافة..)..

دولة الإمارات لديها رؤية وخطة استراتيجية تنظر للمستقبل بعين ثاقبة وتجتهد أن يأتي الزمان فيجدها دائماً في الموضع الصحيح، فليس ثمة مفاجأة طالما أن البصر الحضاري قادر على رؤية أفق المستقبل.. وللتدليل على ذلك عندما انتشرت جائحة كورونا وطوت كل العالم تحت ليلها المظلم، وبدأت المعامل المتقدمة في سباق لإنتاج اللقاحات المناسبة، واجه العالم مشكلة كبيرة في التخزين كون بعض اللقاحات المهمة تحتاج إلى مخازن تصل درجة حرارتها الى أقل من 70 مئوية تحت الصفر.. وكانت المفاجأة أن الإمارات وقبل ظهور الجائحة طورت مخازن ضخمة بالمواصفات التي تحتاجها اللقاحات، فأنقذت بذلك أكثر من 45 دولة اعتمدت على الإمارات في تخزين اللقاحات ..

عندما يقول وزير الخارجية على الصادق (تم الاتفاق على تكوين فريق عمل مشترك رفيع المستوى لوضع رؤية لسير العلاقات الثنائية في المجالات كافة..) فإن السؤال الحتمي لن يكون هل للسودان رؤية للعلاقات الثنائية مع الإمارات؟ بل هل للسودان أصلاً “مؤسسات” معنية بمثل هذه الرؤية؟ أية رؤية في السياسة الخارجية؟

وهل للسودان أصلاً رؤية للخروج من الأزمة السياسية التي يخوض فيها منذ أكثر من 14 شهراً؟ هل يعلم السودان متى يكتمل هلال الاتفاق الإطاري ليصبح بدراً كاملاً لاستعادة الفترة الانتقالية وهياكل الدولة الغائبة؟

في السودان لا أحد يعلم ماذا يحدث غداً، فكل شيء يسير بالأقدار الظرفية والفعل ورد الفعل بين المكونات السياسية المتخاصمة .. و لم تعد هناك دولة يمكن انتظار مؤسساتها لتخطط ولو لشهر واحد..

السودان دولة ليس لها رئيس سلطة تنفيذية ،رئيس الوزراء، ولا مجلس وزراء، ولا برلمان ولا مؤسسات مرجعية، ويسافر رئيسها إلى دولة تشاد فيزورها في اليوم التالي نائبه.. أنى لها أن تخطط (رؤية لسير العلاقات الثنائية في المجالات كافة..) على حد تصريح وزير الخارجية المكلف على الصادق.

من الواضح أن السياسة الخارجية السودانية تعمل بمبدأ الـ”منيو” الذي يقدم في المطاعم، فهي تنتظر من الدول أن تقدم لها “المنيو” لتختار منه، بينما عالم اليوم ينظر للعلاقات الثنائية بجدية ومؤسسية لا تسمح بمثل هذا المنهج.

الإمارات وكثير من الدول ترغب في بناء علاقات ثنائية منتجة وذات مردود حقيقي، وهي فرصة عظيمة للسودان أن يتطلع لبناء دولة قادرة على إدارة سياسة خارجية ترتقي لمثل هذا التحدي..

مقالات ذات صلة