بعد (17) عاماً يعدون العودة إلى أوضاعهم الطبيعية.. فاطمة علي سعيد
بعد (17) عاماً يعدون العودة إلى أوضاعهم الطبيعية
✍🏽فاطمة علي سعيد
الأمل يحدوا كثير من النازحين واللاجئين عودتهم لقراهم ومناطقهم الأصلية بعد سنوات عاشوها في اامعسكرات ، ويرون ان هذه العودة يصعب تحقيقها في الوقت الراهن ، فإن “تحقيق آمال وأحلام النازحين مربوط أولا بتحقيق الأمن ونزع السلاح وتوفير الخدمات الأساسية من مياه وصحة وتعليم
ولا يزال كثيرون يشكون حالة الهشاشة الأمنية التي تعانيها مناطق متفرقة من الإقليم .
ورغم مساعي إحلال السلام ووقف الحرب بينها التوقيع على اتفاقية جوبا الانه هناك مخاوف من استمرار التردي الأمني .
بالأمس عقدت حكومة إقليم دارفور ملتقى تشاوري لعودة النازحين واللاجئين بإقليم دارفور مع رجال الإدارة الأهلية، واتخذت ولاية شمال دارفور أنموذج كبكابية والسريف والذي جاء برعاية حاكم الإقليم مني أركو مناوي.
وشهدت الفعالية حضور وولاة شمال وجنوب دارفور، وعضوا مجلس السياده الطاهر أبوبكر حجر والفريق المهندس إبراهيم جابر ووزير المعادن الإتحادي، قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم حمدان دقلو وعدد من القوى السياسية والمدنية والاهلية والاعلامية والمجتمعية المهتمين بقضايا النازحين واللاجئين وكيفية عودتهم لقراهم.
واقترح الملتقى عقد ورشة لترتيب كيفية العمل الميداني للعودة بمحلية كبكابية والسريف منطقة “مدسيس ” التي حدث فيها قبل أيام حديث عن عودة جبرية تسبب في تجمعات بتلك المنطقة كادت أن تنسف بعملية السلام والتعايش بين المكونات وازدادت المخاوف من حدوث انفلات أمني، إلا أن صحوة حركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا للسودان واحتواء الأحداث لحدث مالايحمد ، ولعل أن يكون هذا الملتقى خطوة ناحجة واخيرة لعودة هؤلاء العُزل ، وتنتقل الفكرة لبقية ولايات الإقليم الخمس، أيضا أن تسرع حكومة الإقليم وولاية شمال دارفور الخطى
لانريد ان يعود النازحين واللاجئين لمناطقهم ويتعرضوا مرة اخرى للقتل والتشريد، ويرتدون مرة اخرى للمعسكرات من جديد،فلابد من وضع خطة محكمة للتأمين وذلك عبر شرطة مجتمعية مكونة من النازحين أنفسهم يجرى تدريبهم واعدادهم ، وتفعيل المحاكم الريفية، ورتق النسيج الاجتماعي بينهم فهذه المكونات كانت قبل الحرب متعايشين مع بعضهم البعض. لكن لابد من إزالة آثار الحرب النفسية عبر دعم السلام المجتمعي والتعايش السلمي
كل اتفاقيات السلام التي وقعت منذ اندلاع النزاع المسلح في دارفور، وحتى اتفاق سلام جوبا الأخير في أكتوبر 2020، سعت دائماً إلى إيجاد الحلول لقضية النازحين واللاجئين عبر أسس وآليات لا تختلف عن بعضها كثيراً، لكن ظلت المشكلة دائماً تكمن في توفير الأمن والخدمات.
معظم النازحين لم يذهبوا بعيداً جداً عن مناطقهم الأصلية، لكن ومع كل الجهود المبذولة لعودتهم، ظلت الإمكانات دائماً قاصرة عن تحقيق الحلول المستدامة، سواء بواسطة الدولة أو المانحين والشركاء.
فالحرب التي بدات في إقليم دارفور 2003، أوقعت ألالآف من القتلى، فيما أودت إلى نزوح ولجوء أكثر من مليوني شخص نحو مناطق أخرى، داخل البلاد وخارج البلاد ، وحسب تقديرات منظمات دولية توزع النازحون في معسكرات وصل عددها إلى حوالى 70 معسكراً بولايات الإقليم الخمس أبرزها وأكبرها معسكر كُلمة وقريضة، بجنوب دارفور، منها 20 معسكراً في ولاية وسط دارفور، أبرزها معسكرات السلام، والحميدية، والحصاحيصا، ونيرتتي (شمال وجنوب)، تضم حوالى 277 ألفاً و369 نازحاً، منهم 94535 امرأة، 44153 رجلاً، بينما يمثل الأطفال نحو 138 ألفاً و681. كما توجد 6 معسكرات في شمال دارفور، أشهرها معسكرات أبوشوك، أبوجا، والسلام، وزمزم، وكساب، تضم 248 ألفاً و542 نازحاً، منهم 116835 امرأة و54671 من الأطفال، و77031 رجلاً، وتضم ولاية شرق دارفور 6 معسكرات، أكبرها معسكرات، النيم، والفردوس، وشعيرية، وياسين، وفيها 92 ألفا و435 نازحاً، أما ولاية غرب دارفور، فتضم العدد الأكبر 37 معسكراً، أبرزها معسكرات كريدنق، وأردمتا، ومستري، وهبيلا، والقردود، وفوربرنقا، وكلبس، وسربا ، وأبوذر.
وعدد من معسكرات اللاجئين في شرق دولة تشاد “تلوما يريديمي، كارياري أم نبك، كونغو ، ميلي ،قاقا ، كلنقوا ، بريجين.
وعانت تلك المعسكرات من نقص الغذاء والمياه ومن هجمات عليها، وانتشار الجريمة فيها، كما خرج رجالها ونساؤها من دائرة الإنتاج وبات الاعتماد كبيراً على الإغاثة التي توفرها المنظمات الدولية.
وتسببت موجات النزوح في تفكك أسري بالرغم من التماسك الذي كان قبل الحرب، كما تسببت موجات النزوح في تخلي بعض النازحين، خصوصاً الشباب، عن قيم اجتماعية – ثقافية راسخة، نتيجة غياب الرقابة المجتمعية. ودفع النزوح كثيرات من النساء اللواتي فقدن أزواجهن إلى العمل في مهن شاقة، بما في ذلك العمل في البناء، كما واجهن مخاطر الاغتصاب في كثير من الأحيان، لا سيما في الساعات التي يقضينها في الاحتطاب خارج المعسكرات. اتفاق جوبا خصص بنوداً تتعلق بالنازحين واللاجئين وكلّ الذين هجّرتهم حرب ال21عاماً. وأبرز ما نص عليه الاتفاق أن يتمتع النازحون واللاجئون بحق العودة إلى منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم، على أن يجري تعويضهم على نحو عادل عن الخسائر التي تكبدوها في المنازل أو الأراضي أو الممتلكات، وفي حال تعذرت عودتهم يحقّ لهم الحصول على تعويض وجبر ضرر.
واشترط الاتفاق تهيئة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية للعودة المرجوة من دون التعرض لخطر التحرش والاضطهاد والتمييز، كما إزالة الألغام من طرقات العودة، وبناء أماكن إيواء كافية في قرى ومناطق العودة الطوعية. كذلك، منح الاتفاق النازحين واللاجئين من الأطفال والحوامل والأمهات بصحبة الأطفال الصغار والنساء اللواتي يكفلن أسراً والأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين، إمكانية الحصول على الحماية والمساعدة التي يقتضيها وضعهم والمعاملة التي تراعي أوضاعهم الخاصة. كلّ تلك البنود وغيرها تتولى، بموجب الاتفاق، مفوضية خاصة بالنازحين واللاجئين متابعة تنفيذها، على أن تتولى المفوضية كذلك تيسير جمع شمل القُصّرغير المصحوبين بذويهم مع أسرهم وذويهم.
وتعد معسكرات النزوح واللجوء أقسى ما رسمته الحرب في ملامح دارفور على مدار أكثر من 21 عاماً باتت حتى اليوم من أبرز معالم ومخلفات الحرب، تجسد المعاناة وتكشف عن مأساة ممتدة لعقدين من الزمان، أُجبر فيها الناس على هجر قراهم ومساكنهم ليصبحوا غرباء داخل وطنهم والتوشح بعنوان السكن في المعسكرات وبطاقة هوية “نازح”.فأتمنى عودتهم آمنين مستقرين متعايشين بعيدًا عن الإستقطاب .