عبد الله مسار يكتب .. عودة قحت (1)
عبد الله مسار يكتب: عودة قحت (1)
قبل أربع سنواتٍ، قامت ثورة على الإنقاذ التي عاشت ثلاثين عاماً، أصابت هنا وفشلت هناك، وقامت الثورة نتيجة لتدهور الاقتصاد والضيق في المعاش.
قامت الإنقاذ بأعمالٍ كبيرةٍ، منها انتشار التعليم، وبصفة خاصة التعليم الجامعي، وكذلك استخرجت البترول والصناعات، خاصّةً الصناعات العسكرية، وانتشرت الطرق، وأقامت الحكم الولائي وشاركت أبناء الهامش، وضيّقت على النخب وأهل المركز، وأعلت من قيم الدين والقرار الوطني، ولكنها ضيّقت الحريات في أيامها الأولى، ثم فتحتها بعد حين، ولكن ضرب عليها حصاراً قوياً مُحاربة لها لتمسكها باستقلالية قرارها الوطني، حصاراً اشترك فيه بعض أبنائها بالمعلومات والتحريض وخاصةً في الجانب الاقتصادي، ولكنها ضيّقت على الحريات العامة في وقت من الأوقات، ولكن رغم الحصار أنجزت الكثير.
ثم، جاءت الثورة في 19 / 12/ 2019 بعوامل ثلاثة، تآمر وحصار من دول الاستكبار وبعض دول عربية وتآمر من بعض السودانيين.
ثانياً تآمر من داخل الإنقاذ.
ثالثاً ثوار وطنيون ينشدون حياة كريمة بالذات في المعاش.
تولى الحكم مدنيون وعسكريون وبالاشتراك.. وجاءت قحت بمُوجب وثيقة ولد لبات التي جعلت الحكم شراكة بين المكون العسكري وقحت التي تكوّنت من الأربعة بالإضافة إلى بعض التجمُّعات، على رأسها تجمُّع المهنيين، ولكنهم اختلفوا وجاءت ثورة البرهان التّصحيحيّة في أكتوبر 2021م وبالضغط الخارجي تراجع البرهان.
الآن، دخلنا مرحلة جديدة قلّ فيها الأمر الوطني، وصار كل الأمر خارجياً عبر فولكر والرباعية لتنفيذ الأجندات المُختلفة من الغرب والإمارات المتحدة والسعودية.
الآن، فولكر يعمل لتنفيذ الخُطة البديلة وهي فشل الاتفاق النهائي والانتقال إلى مرحلة دخول السودان في الفصل السابع، وكذلك فشلت الرباعية ولن تمر أجندتها لمقاومتها من الشعب ومن دول صديقة خارج الأربعة. أين مصر وأين تركيا وأين قطر وأين روسيا وأين الصين وأين دول آسيا وأين إثيوبيا حتى جنوب السودان وتشاد وأين وأين؟! ولن تعيش الرباعية في السودان ولذلك عودة.
قحت مستحيلة، وفولكر وفصله السابع أيضاً مستحيلٌ.
إذن، المشهد كله مُتغيِّرٌ والسودان رغم فقره ولكن مزاجه الوطني عالٍ جداً، والذين وقّعوا على الاتفاق الإطاري لن يستطيعوا مُواجهة الشارع السوداني، ولن يستطيعوا مُواجهة ثورية شعبية قادمة، وكذلك لن يعيش مشروع التغفيل، هذا هو مشروع قطع المراحل الذي لم يتّضح له الطريق الصحيح ويترنّح الآن، لأنّ اتفاقاً إطارياً دون إعلان سياسي لن يقود الى وثيقة دستورية، ووثيقة دستورية حتى تتم دون مُشاركة الكل، لن ترى النور ولن يتم حكم دون وثيقة دستورية، ولن يستطيع الجيش أو الدعم السريع تسليم الحكم لأفراد بدون تفويض انتخابي.
مهما كان الضغط الخارجي ومُقاومته الشعبية موجودة واردة قوية وقريبة وجاهزة، الشعب السوداني جاهزٌ ومنتظر (تظهر ضلا في العجل).
ننظر في ذلك بعد فشل عودة قحت وعدم قدرة فولكر أن يمرر الفصل السابع في مجلس الأمن بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، والعلاقات السودانية الشعبية والرسمية مع العالم بعد انتهاء القطبية الأحادية.
انتظروا قريباً، السودان مُعلِّم الشعوب، تاريخٌ عريقٌ ومستقبلٌ مشرقٌ.. كل المحن التي يمر بها السودان تمر بها الشعوب القوية، ولكنها تتجاوز ذلك بالعزم والحسم وتُعتبر دُروساً مُستفادة.
أوروبا تتقاتل سبعمائة عام، مات الملايين ولكن في نهاية صار بعضها دولاً عظمى.
أفريقيا بما فيها السودان سوف تتخلّص من هذا الاستعمار وقريباً.
والسودان قريباً سوف يقول للاستعمار وأعوانه مع السلامة.